ساسة العراق لا يعرفون متى سيشكل المالكي حكومته.. والشارع يزداد غليانا

سوء الأوضاع الأمنية يؤدي إلى نقل موجودات البنك المركزي إلى المنطقة الخضراء

TT

مضت خمسة ايام على وعد رئيس الحكومة نوري المالكي بان يقدم اسماء وزرائه في التاسع من الشهر الجاري، لكن الحكومة لم تتشكل حتى اليوم ولا احد يدري متى ستتشكل. المالكي يربط نهاره بليله عاملا بجد من اجل الايفاء بوعده يدعمه في ذلك الرئيس جلال طالباني الذي يحاول ان يوفق بين الفرقاء للتوصل الى حلول ناجعة لتخرج حكومة عراقية تشارك فيها جميع الكتل السياسية.

تفاقم المشاكل وخاصة داخل الائتلاف العراقي الموحد الذي يترأسه عبد العزيز الحكيم ادى الى ارسال وفد من الائتلاف الى المرجع الاعلى آية الله علي السيستاني أمس ليساهم في حل هذه المشاكل.

السياسيون انفسهم لا يعرفون متى ستتشكل هذه الحكومة ومتى سيتم الاعلان عنها، بينما الشارع العراقي يغلي بسبب سوء الاوضاع الأمنية والخدمية خاصة فيما يتعلق بانقطاع التيار الكهربائي الذي انحسر ساعاته الى نصف الساعة او ساعة يوميا والناس تتحدث عن اجراءات اتخذها احمد الجلبي باعتباره رئيسا للجنة الطاقة تتعلق بالتقشف في الطاقة الكهربائية في وقت كانت الحكومة قد خصصت 250 مليون دولار لصيانة محطات توليد الطاقة الكهربائية.

مياه الشرب هي الاخرى تعاني من الشحة، واسعار الوقود في السوق السوداء ترتفع بصورة غير معقولة، اذ بلغ سعر 20 ليترا من البنزين خارج المحطات الرسمية 14 الف دينار، وسعر قنينة الغاز ما بين 14 الى 15 الف دينار، وبلغ سعر ليتر ويت الغاز(الكازولين) المستخدم في بعض مولدات الكهرباء البيتية الى الفي دينار بينما يعد هذا النوع من الوقود من ارخص المواد في العراق.

يضاف الى كل هذا تصاعد عمليات الاغتيال والاختطاف اليومي ووجود العشرات من نقاط التفتيش في الشوارع والتي لا يعرف احد مصادر غالبيتها حتى ان هناك مناطق عند اطراف بغداد يصعب السيطرة عليها مثل الدورة والسيدية والشعلة اضافة الى ما سمي سابقا بمثلث الموت (اللطيفية والمحمودية واليوسفية)، وكذلك العثور يوميا على عشرات الجثث المقيدة ايديهم والمثقوبة رؤوسهم بالرصاص.

قادة سياسيون بارزون يخشون من حالة انفلات أمني عامة تكون قد بدأت في مدينة البصرة وستنسحب على بقية المدن وسط فراغ حكومي وأمني. فهناك الكثير من محلات بيع الذهب اغلقت في بغداد ابوابها او اقتصرت على ادارة عمليات صغيرة بينما خلت واجهاتها من المعروضات. وعلمت «الشرق الأوسط» امس من مصدر حكومي رفض نشر اسمه انه تم نقل موجودات البنك المركزي الى المنطقة الخضراء خشية عليه من هجوم مسلح.

على مستوى عامة الناس تبدو هناك حالة توجس وقلق واضحة على وجوه العراقيين الذين تضاعف اعداد المغادرين لبلدهم باتجاه سورية والاردن وتركيا، فالجامعات والمدارس الثانوية تشهد حالة انحسار في اعداد الطلبة المداومين فيها، بينما الامتحانات النهائية على الابواب الشهر المقبل، ومعاملات بيع العقارات متوقفة تماما انتظارا لما سيحدث لاحقا. في خضم هذا كله فان الوزارات تكاد تكون متوقفة عن العمل باعتبارها وزارات تصريف اعمال ولم يعد من حق الوزراء اتخاذ اية قرارات حتى لو كانت بسيطة.

الناس في بغداد يتساءلون: ما الذي يجري؟ وأي غد ينتظرون؟ فاليوم أسوأ من الامس بكثير والغد سيكون الأسوأ في ظل اجواء من الاسئلة لا احد يستطيع الاجابة عنها.

صالح المطلك رئيس الجبهة العراقية للحوار الوطني قال لـ«الشرق الأوسط» ردا على سؤال حول آخر التطورات على جبهة الحكومة ان «هذه الحكومة هي حكومة فرقة وطنية وليست حكومة وحدة وطنية»، مكررا رفضه المشاركة في «حكومة طائفية يتجاذبها قطبان طائفيان هما السنة والشيعة، بينما الاكراد حصلوا على كل ما يريدونه ولا مشكلة تقف في طريقهم».

واضاف المطلك ان «الحكومة لن تتشكل قريبا واخشى من ان المالكي لن يستطيع الاعلان عنها قريبا واذا ما استعجل لتقديم حكومته ارضاء للاطراف الطائفية وحتى لا يزحف عامل الوقت ويضغط عليه ان يقدم حكومة قد لا تدوم طويلا». وجدد المطلك مطالبته بوزارة الخارجية «كون العراق بحاجة الى تعميق علاقاته بعمقيه العربي والاسلامي».

رضا جواد تقي عضو مجلس النواب عن الائتلاف العراقي الموحد ومسؤول العلاقات السياسية في المجلس الاعلى للثورة الاسلامية قال لـ«الشرق الأوسط»: «لا ادري ماذا يجري ولا استطيع ان ارد عن اي سؤال يتعلق بتشكيل الحكومة، فالامور متشابكة والمشاكل كثيرة»، مشيرا الى انه من الصعب تحديد موعد اعلان الحكومة ومازالت هناك عوائق يجب حلها.

مصدر من داخل الائتلاف اوضح لـ«الشرق الأوسط» ان «الائتلاف نفسه يعاني من المشاكل وان هناك صراعا على الحقائب الوزارية المخصصة للائتلاف، وهذا ما حدا بحزب الفضيلة للانسحاب من التشكيلة الحكومية»، مشيرا الى ان «المرشحين للوزارات يعتبرون هذه الوزارات مقاطعات خاصة بهم لا علاقة لها بالدولة، والغريب ان الصراع يدور حول الوزارات الاقتصادية كالنفط والتجارة والمالية وكأن ايرادات هذه الوزارات سوف تخصص لهم لا للدولة او للشعب».

«القائمة العراقية الوطنية» برئاسة الدكتور اياد علاوي لم تتخذ اي قرار الا بعد العودة الى جميع اعضاء القائمة ومن خلال اجتماعات مكثفة يقول فيها الاعضاء اراءهم بكل شفافية.

مصدر في «العراقية» اكد ان قائمتهم «لا تبحث عن المناصب الوزارية بقدر ما تبحث عن طريقة لايجاد نوع من التوازن السياسي داخل الحكومة تستطيع من خلاله ان تخدم الشعب العراقي وتنقذ ما تستطيع انقاذه من المشاكل الأمنية والخدمية والاقتصادية». واوضح المصدر الذي فضل عدم نشر اسمه ان «العراقية هي الوحيدة التي لم تسم اشخاصا لتولي الحقائب المخصصة لها فالهدف ليس المنصب بل ان نساهم في صناعة القرار السياسي وبصورة مؤثرة»، مشيرا الى ان «قائمتنا لا تعاني من مشاكل داخلية بسبب المناصب او بسبب المشاركة او عدمها، فاما ان نشارك بشكل فاعل او نبقى نخدم شعبنا كاعضاء في مجلس النواب».

مفاوض عن جبهة الحوار قال لـ«الشرق الأوسط» أمس «لا نعرف كيف تجرى آليات التفاوض لتشكيل الحكومة فما نتفق عليه صباحا يتغير مساء وما نتوصل اليه مساء يلغى في صباح اليوم التالي في عملية تشبه جر الحبل ولا ندري متى ستنتهي هذه اللعبة».