القاهرة: زيارة جمال مبارك لواشنطن خاصة ولقاءاته استهدفت شرح رؤى الحزب

بوش توقف دقائق لمصافحته واللقاءات شملت تشيني وهادلي ورايس

TT

وصف مكتب جمال مبارك، نجل الرئيس المصري، الأمين العام المساعد للحزب الوطني الحاكم زيارته إلى الولايات المتحدة يوم الجمعة الماضي بأنها «زيارة خاصة لا صلة لها بأي عمل رسمي». وقال بيان للجنة السياسات بـ«الوطني» التي يرأسها جمال مبارك إنه التقى خلال الزيارة مع بعض أعضاء الكونغرس الأميركي، وعدد من كتاب الرأي في الصحف الأميركية المهتمين بالشرق الاوسط، وشرح لهم رؤية الحزب حول مسيرة الإصلاح في مصر بأبعادها السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وفيما وصفت صحيفة «واشنطن بوست» الزيارة بأنها «سرية» أصدرت لجنة السياسات في الحزب الوطني التي يترأسها جمال مبارك بيانا توضيحيا أمس حول الزيارة، غير ان اللافت في البيان انه وصف جمال مبارك بأنه أمين السياسات في الحزب متجاهلا منصبه الارفع داخل الحزب وهو الامين العام المساعد للحزب، وقال البيان ان لقاءات جمال مبارك غير الرسمية في واشنطن مع بعض مسؤولي الادارة الاميركية، الذين ابدوا اهتمامهم بالتعرف على رؤى الحزب حول تطور عملية الإصلاح في مصر وكذلك تطور الاوضاع الاقليمية، تأتي في اطار اهتمام دوائر الرأي والقرار في اميركا بقضايا المنطقة ووجهة النظر المصرية بصفة خاصة، مذكرا بأن ذلك هو ما دفع بالعديد من مسؤولي الادارة الاميركية للاجتماع مع ممثلي الاحزاب والمجتمع المدني في مصر خلال السنوات الاخيرة للتعرف على مواقف وآراء التيارات والقوى المختلفة التي تزخر بها الساحة السياسية في مصر.

وقال الدكتور محمد كمال، عضو هيئة مكتب أمانة السياسات بالحزب الوطني، لـ«الشرق الأوسط» إنه لا يوجد وجه للغرابة في لقاءات جمال مبارك مع المسؤولين في الإدارة الأميركية وأعضاء الكونغرس، حيث يمثل منصباً قيادياً كبيراً بالحزب الحاكم، وأضاف أن هذه اللقاءات جاءت في إطار زيارة «خاصة» وليست «سرية»، موضحا أنه «لا علاقة للزيارة بأي عمل رسمي».

وأشار كمال إلى أن هذه الزيارة ليست الأولى من نوعها، فقد سبقتها عدة زيارات أخرى تمت في إطار حزبي مثلما تقوم الأحزاب السياسية الأخرى في مصر بمثل هذه اللقاءات مع المسؤولين الأميركيين.

وأثارت زيارة جمال مبارك للولايات المتحدة الأميركية جدلا في مصر، حيث قال الامين العام لحزب التجمع اليساري حسين عبد الرازق ان هذه الزيارة ليست الاولى لجمال مبارك لاميركا سواء كان عضوا في وفود رسمية او منفردا رغم انه لا يحتل منصبا رسميا، مشيرا إلى أن منصبه في الحزب لا يؤهله لاجراء اتصالات او مباحثات مع الحكومة الاميركية وان الاتصالات تتناول قضايا اقتصادية واجتماعية وسياسية وعلاقات دولية واقليمية توحي بوضع اكبر من الموقع الرسمي لجمال مبارك.

وقال عبد الرازق إن اتمام الزيارة وما احاط بها من سرية من الجانب المصري في توقيت يتزايد فيه الحديث عن التوريث لا بد ان يثير التساؤلات حول طبيعة المناقشات التي جرت خصوصا في ظل الدور الذي تلعبه اميركا في المنطقة وفي القضايا الاقليمية المحيطة.

من جانبه اعتبر الدكتور محمد حبيب، النائب الاول للمرشد العام لجماعة الاخوان المسلمين، ان زيارة جمال مبارك لواشنطن مرتبطة بقضية التوريث في نهاية الامر ومحاولة إقناع الادارة الأميركية بأن مصر تسير في طريق الاصلاح السياسي، وأضاف حبيب: «انها محاولة لتهدئة الجانب الاميركي ازاء الانتقادات التي وجهت الى مصر في اطار تعاملها مع مظاهرات المعارضين.

وفي واشنطن قال مسؤولون ان جمال مبارك، 42 سنة، اكد للمسؤولين الاميركيين ان مصر ملتزمة بمزيد من الديمقراطية، ولكنه قال انها ستكون عملية طويلة المدى، وستتعرض لإخفاقات، وقال السفير المصري في الولايات المتحدة نبيل فهمي «لا يوجد توتر على الاطلاق. لقد استمعوا لتفسيره لما يحدث».

الا ان المسؤولين الاميركيين اعربوا علنا «عن قلقهم العميق» بخصوص تصرفات مصر الاخيرة وانتهزوا الفرصة لنقل وجهة نظرهم، لجمال مبارك، بما يجب القيام بها لمزيد من الاصلاح الصادق في مصر، طبقا لما ذكره مسؤول في ادارة بوش لم يكن مكلفا بمناقشة الاجتماع علنا. واوضح المسؤول ان الادارة الاميركية معجبة بالتحركات المصرية لاعادة هيكلة اقتصادها، ولكنها تشعر بالاسف لفشل الحكومة في مزيد من انفتاح نظامها السياسي.

واوضح نبيل فهمي ان جمال كان «في زيارة خاصة» وقرر الاجتماع بكبار المسؤولين الاميركيين يوم الجمعة. واشار مصدر على علم بالمحادثات ان جمال حضر للولايات المتحدة لتجديد رخصة الطيران التي يحملها. ولم يعلن الطرفان عن الاجتماع الذي كشفت عنه قناة« الجزيرة» القطرية واكده المتحدث باسم الحكومة الاميركية.

وبالاضافة الى ديك تشيني نائب الرئيس الاميركي عقد جمال اجتماعا منفصلا مع مستشار شؤون الأمن القومي ستيفن هادلي. وتوقف الرئيس بوش لعدة دقائق لمصافحة جمال وبعث بتحياته الى والده. وحضرت كوندوليزا رايس جزءا من الاجتماع الذي عقده هادلي مع مبارك. وتجدر الاشارة الى انه من النادر ان يحظى مواطن اجنبي لا يشغل منصبا رسميا بمثل هذا الاهتمام.

وعقدت الاجتماعات بعد يوم من تفريق شرطة مكافحة الشغب لمظاهرة في القاهرة، وطاردوا المتظاهرين واعتدوا عليهم بالضرب. وكان المتظاهرون يؤيدون قاضيين اتهما الحكومة بالتزوير خلال الانتخابات العامة في العام الماضي، وتعرضا للتهديد باتخاذ اجراءات تأديبية ضدهما. ووصف السفير المصري في واشنطن المصادمات بإنها حدث مؤسف لمزيد من الديمقراطية في مصر «كان الناس فيها صامتين والان يعبرون عن وجهات نظرهم». واوضح «اعتبر ذلك نتيجة طبيعية لعملية الانفتاح. الم يكن من الافضل عدم القبض على أي شخص خلال الاحتجاجات؟ بالطبع... وامل انه مع مرور الوقت سيتظاهر الناس بدون انتهاك القانون، وسيتظاهر الناس بدون القبض عليهم».

* خدمة «واشنطن بوست» ـ خاص بـ «الشرق الاوسط»