الكويت: الأزمة السياسية تتصاعد بعد إحالة «قانون الدوائر» إلى المحكمة الدستورية

نواب لا يستبعدون حل مجلس الأمة واستجواب رئيس الحكومة

TT

دخلت الأزمة السياسية الكويتية مرحلة حرجة ولم يستبعد سياسيون احتمال حل مجلس الأمة (البرلمان) بعدما اصرت الحكومة مع النواب المؤيدين لها (16 نائباً) ، على التصويت لإحالة القانون الذي تقدمت به السبت الماضي، بشأن الدوائر الانتخابية، إلى المحكمة الدستورية. وفي موازاة ذلك، تمسك النواب الـ29 المقاطعون للجلسة بموقفهم الرافض هذا التوجه، واعتصموا خارج أسوار مبنى البرلمان الذي أحاطت به القوات الخاصة (مكافحة الشغب) ومنعت المواطنين من دخوله. وحظي الاقتراح الخاص بإحالة قانون الدوائر الانتخابية بموافقة 33 نائباً 15 منهم من الوزراء وعدم موافقة نائب واحد.

وألقى بعد إعلان نتيجة التصويت رئيس الحكومة الشيخ ناصر المحمد كلمة دعا فيها الحكومة ومجلس الأمة الى «تحمل المسؤولية الوطنية في أن يظل جوهر الديمقراطية صافيا، حتى تبقى التجربة أداة بناء من اجل رفعة الكويت»، مؤكدا «أن ذلك لا يأتي إلا بمزيد من الحكمة والتعاون والتلاحم». وشدد في كلمة له في جلسة مجلس الأمة على أهمية بذل الجهود والتفاني في خدمة البلاد، وصيانة أمنها واستقرارها، باعتبارها معايير حقيقية للولاء والوطنية، مؤكدا أن أعباء الحاضر وتبعات المستقبل تفوق في جسامتها وأهميتها وخطورتها ما اعتاد عليه الكويتيون من أعباء. وقال رئيس مجلس الوزراء أن «الديمقراطية التي يريدها أهل الكويت هي الديمقراطية التي تعلي صوت الحق وتحترم النظام والقانون وتحقق العدالة والمساواة وتدفع إلى العمل والعطاء وتجسد الوعي والمسؤولية».

وأشار إلى أن هذه الديمقراطية من شأنها نبذ التحزب والفرقة ورفض التناحر والمغالاة والترفع عن الفوضى واللامبالاة.

ودعا إلى «تحمل المسؤولية الوطنية في أن يظل جوهر الديمقراطية صافيا حتى تبقى التجربة نموذجا يحتذى وأداة بناء تضاف إلى الصرح الوطني الشامخ والعمل من اجل رفعة الوطن وتحقيق آمال وتطلعات المواطنين، مؤكدا أن انجاز ذلك لا يأتي إلا «بالمزيد من الحكمة والتعاون والتلاحم».

وفي هذه الأثناء وبعد إعلان التصويت عاد النواب المنسحبون إلى داخل مبنى البرلمان بعد أن ألقوا بعض الكلمات في المعتصمين أمام البرلمان قبالة ساحل البحر، وسط محاصرة القوات الخاصة ورجال الأمن، ليعقدوا اجتماعاً ماراثونياً استمر لأكثر من أربع ساعات. ودعوا في نهاية الاجتماع الى تجمع شعبي في وقت متقدم من مساء أمس. ورجحت مصادر قريبة من هؤلاء النواب، ان يعلنوا خلال التجمع نيتهم استجواب رئيس الحكومة والذي قد ينتج عنه تقديم طلب عدم التعاون مع الحكومة حسب المادة 102 من الدستور والتي تقضي في حالة حصوله على الأغلبية البرلمانية إقالة الحكومة بعد رفع الأمر الى أمير البلاد. والى جانب هذه التطورات المتسارعة خلال اليوم السياسي الطويل في الكويت أمس، أعلن بعض النواب الإسلاميين استقالة وزير المواصلات الدكتور إسماعيل الشطي عضو الحركة الدستورية الإسلامية (الإخوان المسلمون) والذي نفاها في وقت لاحق لـ«وكالة الأنباء الكويتية» الرسمية. وبعد رفع الجلسة التي انتقد فيها النواب الذين صوتوا مع الحكومة زملاءهم الذين انسحبوا من الجلسة وطالبوهم باحترام الديمقراطية والمؤسسة التشريعية والاحتكام إلى رأي الأغلبية ونتيجة التصويت. من جانبه أكد رئيس مجلس الأمة جاسم الخرافي أمس أن الاختلاف في وجهات النظر دائما ما يكون لمصلحة الكويت وأهلها، معتبرا الاختلافات في اطارها الديمقراطي امراً صحيا. وقال في تصريح للصحافيين في مجلس الأمة «علينا أن نتذكر دائما أننا بلد صغير وتربطنا روابط محبة وألفة وحتى إن اختلافنا يكون دائما لمصلحة الكويت وأهلها لذلك علينا إلا نجزع .. فالاختلافات الديمقراطية تعتبر أمرا صحيا».

وأعرب عن الأمل بأن يحرص الجميع على العمل من خلال الديمقراطية والقبول بالإجراءات والنتائج التي تتمخض عن هذه العملية، مؤكدا أن النظام المؤسسي هو نظام ارتضى الجميع وجوده والعمل من خلاله. وأضاف أن الاختلاف في وجهات النظر يمكن حلها من خلال الإجراءات اللائحية، موضحا أن الاختلافات مهما بلغت فهي في الحدود «المقبولة ويجب ألا يجزع منها احد حتى وان كانت استجوابات أو استعمال للمادة 102 من الدستور». وتنص المادة 102 من الدستور على انه في حال «رأى مجلس الأمة بالطريقة المنصوص عليها في المادة السابقة (أغلبية عادية) عدم إمكان التعاون مع رئيس مجلس الوزارة، رفع الأمر إلى رئيس الدولة، وللأمير في هذه الحالة أن يعفي رئيس مجلس الوزراء ويعين وزارة جديدة أو أن يحل مجلس الأمة». وعن موافقة المجلس على طلب إحالة المشروع الحكومي على المحكمة الدستورية أوضح الخرافي انه بتوافر النصاب القانوني لعقد الجلسة والمتمثل بحضور 33 عضوا «تم عقد الجلسة وقرر المجلس إحالة المشروع على المحكمة الدستورية» وفق إجراء دستوري.

وتطرق الخرافي إلى احتمالات سحب طلب الإحالة على المحكمة الدستورية بالقول إن هناك «احتمالات» ببحث مشروع إعادة تحديد الدوائر الانتخابية في لجنة الشؤون الداخلية والدفاع البرلمانية. وأوضح الخرافي انه في حال «التوصل إلى تصور مقبول لدى الأغلبية قد يسحب طلب الإحالة» مشيرا إلى ما أعلنت عنه الحكومة في كلمات أعضائها داخل القاعة.

وحول الإجراءات المتوقعة في حال الاتفاق على سحب طلب الاحتكام للدستورية قال إن المجلس «وحده المخول باتخاذ إجراء معاكس بسحب الطلب ومن خلال التصويت.. كما تقرر عند الاحتكام إلى الدستورية».

وأضاف «اعتقد بعدم وجود مشكلة إن توصلنا إلى نتيجة ولدينا سابقة مع الحكومة التي طلبت الاحتكام إلى الدستورية لتفسير المادة 71 قبل أن تسحب طلبها». وتتعلق هذه المادة بإصدار المراسيم بين أدوار انعقاد مجلس الأمة أو في فترة حله.

وفي رده على سؤال عما يثار عن حل مجلس الأمة أكد الخرافي مجددا أن الحل «بأيد أمينة» وهو من اختصاصات أمير البلاد وله وحده القرار في ذلك. وقال «أصدقكم القول إنني لا أرى مبررا يدعو إلى اتخاذ أي إجراء».

وعن تشديد الإجراءات الأمنية خلال جلسة أمس قال الخرافي «أنا كرئيس مجلس لا يمكن أن اقبل أن يشل عمل المجلس.. ومُطالب بضرورة ضمان حسن سير العمل داخل جلسات المجلس».

وأضاف «لم نحتاج إلى اتخاذ أي إجراءات قمعية حيث احترم الجميع تلك الإجراءات رغم مرارتها وعدم قبولها بالنسبة الى البعض».

وفي رده على سؤال بشأن مقاطعة عدد من النواب للجلسة قال الخرافي «من حق النواب مقاطعة الجلسة.. لكنني أرى أن هذه المقاطعة ليست لائحية».