توتر غير مسبوق في غزة عقب قرار أبو مازن نشر عناصر الأمن رداً على قوة الإسناد

قادة «فتح» و«حماس» يؤكدون التوصل برعاية مصرية لتفاهمات تنهي الاحتقان ورجال شرطة يتظاهرون تأييدا للحكومة

TT

يشهد قطاع غزة توترا غير مسبوق عقب تعاظم الاستقطاب الداخلي على خلفية البدء بعمل قوة المساندة التي أمر وزير الداخلية الفلسطيني سعيد صيام بنشرها اول من امس، وقرار الرئاسة الفلسطينية بنشر المئات من عناصر الأجهزة الأمنية الفلسطينية رداً على هذه الخطوة.

وتسعى مصر الى احتواء الازمة ومنع الانفجار الكبير، فرعت الممثلية المصرية في غزة الليلة قبل الماضية وحتى فجر امس اجتماعاً ضم قادة كباراً من حركتي «حماس» و«فتح»، لمحاولة تطويق الأزمة المتفاقمة. وحضر الاجتماع الذي استمر خمس ساعات عن حماس نزار ريان، والنائب فتحي حماد، وأحمد الجعبري القيادي البارز في «كتائب عز الدين القسام» الجناح العسكري لـ «حماس»، بينما حضره عن «فتح» سمير المشهراوي واحمد حلس. وفي اعقاب الاجتماع قال نزار ريان إن أجواء الاجتماع كانت ايجابية، مؤكاً أنه تم التوصل الى تفاهمات بشأن معظم القضايا الخلافية والعالقة بين الجانبين. وأضاف ان الاجتماع أفضى الى نتائج «ستهدئ المجتمع الفلسطيني».

ووصف حلس امين سر «فتح» في غزة الاجتماع بأنه اجتماعي، مشدداً على أن الشعب الفلسطيني «سيلمس إن شاء الله نتائج ايجابية».

وعلى الارض شوهد عناصر من الشرطة الفلسطينية، وتحديداً قوات «التدخل السريع»، الى جانب تشكيلات من الأمن الوطني الفلسطيني تتمركز قرب مواقع عناصر «المساندة». ولوحظ قرب تجمع الأجهزة الأمنية في قلب مدينة غزة والمعرف بـ«السرايا» أن الأجهزة الأمنية قد نصبت مدافع رشاشة على اسطح سيارات عسكرية، في حين جابت دوريات من مختلف الأجهزة الأمنية شوارع القطاع، وتحديداً في مدينة غزة. في نفس الوقت نظمت إحدى كتائب جهاز أمن الرئاسة «قوات 17» صباح امس مسيرة احتجاجاً على نشر قوة الاسناد. وأعلن عناصر القوة تأييدهم لقرارات الرئيس محمود عباس (ابو مازن). وهتف المتظاهرون بعبارات تؤيد حركة فتح والأجهزة الأمنية الرسمية التابعة للسلطة الوطنية الفلسطينية. وسارت المسيرة انطلاقاً من منطقة «التوام» شمال قطاع غزة وصولاً إلى وسط مدينة غزة.

في المقابل وفي خطوة غيرة مسبوقة نظم المئات من عناصر الأجهزة الأمنية الفلسطينية مسيرة تأييد كبيرة للحكومة ولقرار وزير الداخلية تشكيل قوة الاسناد. وردد المئات من عناصر الأجهزة الأمنية الذين تجمهروا أمام المجلس التشريعي عبارات التأييد للحكومة الفلسطينية وعبروا عن دعمهم لقرار صيام بتشكيل قوة الاسناد. والقى النائب احمد بحر النائب الاول لرئيس المجلس التشريعي كلمة شدد فيها على قانونية قرار صيام تشكيل القوة. وتوجه عناصر الأجهزة الأمنية بعد ذلك الى مقر رئاسة الوزراء في منطقة الرمال الجنوبي، حيث أعلنوا «مبايعتهم» للحكومة برئاسة اسماعيل هنية. والقى هنية كلمة أمام عناصر الأمن شدد فيها على «قانونية» قرار وزير داخليته بتشكيل قوة الاسناد لدعم الأجهزة الأمنية المختلفة، في تنفيذ مهامها وحفظ الأمن وسيادة القانون. واكد هنية أن القوة تقع ضمن إطار الأجهزة الأمنية القائمة، لتقوم بواجبها بحفظ الأمن ولإنهاء حالة الفلتان وفوضى السلاح. واشار هنية الى أن عناصر القوة الجديدة هم في الأساس أبناء المقاومة الفلسطينية، «الذين لطالما قاوموا الاحتلال الإسرائيلي، وهم الآن يعملون لحماية الأمن الفلسطيني»، مشدداً على ضرورة الالتزام بالوحدة الوطنية، وتغليب لغة الحوار بين أبناء الشعب الفلسطيني على لغة السلاح.

وخلال المسيرة وزع عناصر الأجهزة الأمنية المؤيدين للحكومة بياناً شددوا فيه على دعم قرار صيام بتشكيل الحكومة، على اعتبار أنها خطوة «رائدة لمحاربة الفلتان الأمني». وأضاف البيان «إننا على جاهزية عالية كجنود في وزارة الداخلية والأمن الوطني، للحفاظ على مشروعنا الوطني ومحاربة الفلتان وكل أشكال الجريمة». وشدد البيان على أن الحصار المفروض على الشعب الفلسطيني إلى زوال وانكسار، وذلك بصمود وصبر أبناء شعبنا الفلسطيني، معلنين رفضهم لهذا لحصار الظالم. وحث عناصر الأمن الحكومة على مواصلة التشبث بالثوابت الوطنية «وعدم التنازل عن مقدراته في أرضه ووطنه، وعدم الاعتراف بالاحتلال الإسرائيلي الظالم».

وكان مصدر في الرئاسة قد أعلن مساء اول من امس أن ابو مازن أصدر تعليماته الى الأجهزة الأمنية الفلسطينية بـ«الانتشار في جميع المناطق وعلى المفترقات والطرقات العامة في مدن قطاع غزة، والقيام بمهامها لحفظ الأمن والنظام، وعدم السماح لأي شخص من القيام بالمهام الملقاة على عاتقها»، في اشارة الى القوة الأمنية الخاصة التابعة لوزارة الداخلية التي بدأت عملها، أول من أمس.

وأضاف المصدر، إن تعليمات الرئيس تقضي «بعدم السماح لأي شخص بالقيام بمهام الشرطة والأمن غير الأجهزة الشرطية والأمنية، لأن أي قوة اخرى تعتبر غير قانونية». وعبر الكثير من الفلسطينيين عن مخاوفهم من أن يؤدي الاحتكاك بين عناصر قوة الاسناد الجديدة وعناصر الاجهزة الأمنية الى اندلاع مواجهات مسلحة بين الجانبين. وقال احد المواطنين، وهو يشير الى عناصر من قوة الاسناد وعناصر من الاجهزة الأمنية يقفون قبالة بعضهم البعض قرب «دوار السامر» في غزة، إن تفجر الأوضاع أضحى مسألة وقت.