قضاة مصر ينهون اعتصامهم بعد الحكم بلوم البسطويسي وبراءة مكي

اعتقال مئات من الإخوان خلال مظاهرات وانتحاري مفترض زعم أنه يرتدي حزاما ناسفا

TT

قضى مجلس التأديب بمحكمة النقض المصرية أمس بتوجيه اللوم للقاضي هشام البسطويسي وبراءة القاضي محمود مكي اللذين احيلا إليه بتهمة الإساءة إلى مهنة القضاء، على خلفية اتهامات وجهها القاضيان إلى بعض القائمين على الانتخابات البرلمانية بتزويرها لصالح الحزب الحاكم. وقابل قضاة مصر الحكم بفض اعتصامهم، معتبرين ان الحكم يؤكد سلامة موقف نادي القضاة من الأزمة، فيما خضع مقر دار القضاء العالي والشوارع المحيطة به لإجراءات أمنية مشددة لمنع المتظاهرين تضامناً مع القضاة من الوصول إلى مقر دار القضاء العالي.

واعتقلت الشرطة مئات النشطاء السياسيين الذين حاولوا اختراق الحواجز والمتاريس الأمنية، وكذلك الذين تظاهروا في أماكن متفرقة بالقاهرة من ميدان العباسية شرقاً إلى شوارع وسط القاهرة.

واعتقلت الشرطة شاباً خرج من بين جموع المتظاهرين وأعلن أنه يلف نفسه بحزام ناسف سيفجره وسط الشرطة، واستدعت قوات الأمن فرقة خاصة للتعامل معه، حضرت على الفور مزودة بالكلاب المدربة على اكتشاف المفرقعات، حيث تبين أنه لا يحمل متفجرات، فألقت القوات متراسا حديديا فوقه وانقضت عليه ونقلته في سيارة إسعاف إلى جهة غير معلومة.

وفي مظاهرات أخرى اندلعت في مناطق متفرقة بالقاهرة اعتقلت الشرطة المئات وقامت بتفريقهم بالقوة، فيما أعلنت جماعة الإخوان المسلمين أن السلطات الأمنية اعتقلت نحو 500 من عناصرها بينهم ثلاثة قياديين بارزين هم الدكتور محمد مرسي عضو مكتب الإرشاد، ومسؤول المكتب السياسي بالجماعة الدكتور عصام العريان، والمهندس محمد إبراهيم نائب المكتب الإداري للجماعة بالإسكندرية. وكان مجلس التأديب قد عقد جلسته صباح أمس بدار القضاء العالي وسط إجراءات أمنية مشددة، لم ينجح أحد في اختراقها، إلا أن قيادات الأمن سمحت للقضاة يتقدمهم رئيس نادي القضاة المستشار زكريا عبد العزيز بالدخول إلى مقر دار القضاء العالي.

وأصر عبد العزيز على إخلاء مقر دار القضاء العالي من أي وجود أمني لقوات الشرطة عدا الحرس الطبيعي للمحكمة، وكان له ما أراد، وسمح لسبعة من القضاة بالدفاع عن القاضي هشام البسطويسي فيما رفض القاضي الثاني محمود مكي حضور جلسة المحاكمة أو حضور دفاع عنه نظراً لعدم إخطاره رسمياً بموعد المحاكمة وجلس مع نحو 600 قاض في مقر المكتبة بدار القضاء العالي حتى صدور الحكم، كما سمح لاثنين من ممثلي المنظمات الحقوقية بدخول دار القضاء العالي هما ناصر أمين مدير المركز العربي لاستقلال القضاء وطارق خاطر مدير جمعية المساعدة القانونية.

وقاد المستشار زكريا عبد العزيز رئيس نادي القضاة زملاءه أعضاء النادي في مسيرة أثناء العودة إلى مقر النادي، واشتعلت المظاهرات مرة أخرى أمام مقري نقابتي المحامين والصحافيين تحية للقضاة وتضامناً معهم إلى أن دخلوا مقر النادي.

وقال المستشار زكريا عبد العزيز لـ«الشرق الأوسط» إن المستشار فتحي خليفة رئيس مجلس التأديب رئيس مجلس القضاء الأعلى حول المسألة إلى ثأر شخصي مع أعضاء نادي القضاة، معتبرا أن الحكم خالف القوانين القضائية المعمول بها حيث لم يستمع إلى الدفاع، وتساءل «كيف تقضي المحكمة ببراءة المستشار محمود مكي دون الاستماع إلى دفاعه»، واضاف «كان يتعين على مجلس الصلاحية أن ينظر في طلب » رد المجلس «أو ان يتنحى رئيسه أو يقوم بتأجيل القضية حسب طلب الدفاع حتى يخرج البسطويسي من المستشفى ويستطيع الدفاع عن نفسه».

وفي تصريحات خاصة لـ«الشرق الأوسط» عقب صدور الحكم قال المستشار محمود مكي «إن القضية لم تنته بعد، لأن الحكم ببراءتي دون الاستماع لدفاعي يعني أن القضية كلها تستخدم فقط للضغط على القضاة للتراجع عن مطالبهم».

وأبلغت مصادر قضائية «الشرق الأوسط» أن الحكم غير قابل للطعن الا عن طريق دعوى مخاصمة مع هيئة مجلس الصلاحية، والتشكيك في سلامة الإجراءات القانونية لسير المحاكمة. واشارت إلى أن نادي القضاة سيستمر في دعوى الطعن على قرار إحالة القاضيين أمام دائرة القضاة بمحكمة جنوب القاهرة والمقرر نظرها يوم 28 مايو (ايار) الجاري وهي دعوى لو صدر فيها الحكم بإلغاء القرار سيصبح حكم مجلس التأديب باطلاً وغير كائن.

وأعلن المستشار زكريا عبد العزيز رئيس نادي القضاة في اجتماع بمقر النادي عقب صدور الحكم حضره نحو 600 قاض، إنهاء الاعتصام وخاطب القضاة قائلاً «بعد نحو شهر من الاعتصام آن الأوان أن تعودوا إلى منازلكم».

وقال إن صدور الحكم دون الاستماع للدفاع أثبت صحة موقف النادي في تمسكه بالمطالبة بإصدار قانون السلطة القضائية، ويؤكد أن كل التعديلات السرية التي أجراها مجلس القضاء الأعلى على قانون استقلال السلطة القضائية تهدف إلى النيل من استقلال القضاة والقضاء، كما تؤكد سعي المجلس للسيطرة على النادي وأعضائه.

وكان مجلس الصلاحية «التأديب» قد قرر رفض جميع الدفوع في شكل الدعوى وفي الموضوع ببراءة المستشار محمود مكي وتوجيه اللوم للبسطويسي، وترافع عنهما المستشاران زكريا عبد العزيز وحسام الغرياني وناجي دربالة واحمد يحيى واحمد زكي واحمد البرديسي وسعيد محمد احمد.

ويواجه المستشار هشام البسطويسي حالة صحية حرجة منذ يومين بعد إصابته بأزمة قلبية ونقله إلى مستشفى كليوباترا في ضاحية مصر الجديدة شرق القاهرة حيث تم عمل قسطرة قلب له، كما تم تركيب دعامة في الشريان التاجي.

وعقب صدور الحاكم قالت زوجته «ألفت البسطويسي» لـ«الشرق الأوسط» «إن زوجها غير نادم على مواقفه التي أدت إلى صدور حكم من مجلس الصلاحية بتوجيه اللوم له»، وأضافت «إنها متأكدة من أنه لو عاد الزمان إلى الوراء سيتخذ نفس المواقف ويدافع عن نفس المبادئ ويدفع ثمنها». وقال المستشار فتحي خليفة رئيس مجلس القضاء الأعلى رئيس محكمة النقض رئيس مجلس الصلاحية إن وفداً من المجلس سيزور القاضي هشام البسطويسي في مشفاه.

وقالت جماعة الإخوان المسلمين أمس إن السلطات المصرية اعتقلت أمس نحو 500 من عناصرها على رأسهم ثلاثة من أبرز قياديي الجماعة هم عضو مكتب الإرشاد ومسؤول المكتب السياسي الدكتور محمد مرسي، والقطب البارز الدكتور عصام العريان والمهندس محمد إبراهيم نائب المكتب الإداري للجماعة بالإسكندرية خلال مشاركتهم في مظاهرات متفرقة نظمتها الجماعة أمس تضامناً مع القضاة على الرغم من التحذير المسبق لوزارة الداخلية المصرية بعدم التظاهر أمس بدون ترخيص مسبق.

وقالت الجماعة في بيان لها إن السلطات ألقت القبض على 500 من عناصرها شاركوا في مظاهرات أمس بعدة أماكن بالقاهرة منها ميدان العباسية شرق القاهرة والتي اعتقل فيها نحو 80 منهم الدكتور محمد مرسي و130 في منطقة محاكم الجلاء بوسط القاهرة منهم الدكتور عصام العريان، بالإضافة إلى مجموعات أخرى في مناطق كوبري قصر النيل، وأمام دار القضاء العالي، وفي ميدان رمسيس.

وافادت الشرطة إنها ضبطت شخصاً قالت انه ينتمي لجماعة الإخوان المحظورة، مرتدياً حزاماً حول جسده موصولة به أسلاك وألعاب نارية للأطفال، وأضافت أن هذه الواقعة تعد السابقة الأولى من نوعها «أن يرتدي شخص حزاما ناسفا بهذه الطريقة»، وأشارت إلى أنه بالتحقيق مع الشخص المضبوط ويدعى حسن إبراهيم حسن أكد أنه كان ينوي تفجير نفسه وسط جنود وضباط الأمن المركزي بوسط العاصمة المصرية، وأن هناك آخرين تم تجهيزهم بمثل هذه الطريقة. وأحالت الشرطة حسن إبراهيم حسن إلى النيابة وتم تحريز المضبوطات التي كانت حول جسده.