حكومة المالكي لم تتحدد معالمها قبل 24 ساعة من إعلانها

معلومات تردد اسم نصير العامري للداخلية وبراء نجيب الربيعي للدفاع

TT

بينما يشتد صراع الساعات الاخيرة حول تشكيل الحكومة العراقية الجديدة، مستمدا سخونته من سخونة شمس بغداد، حيث بلغت درجة الحرارة في الظل ما يقرب من 45 درجة مئوية، وحيث ينقطع التيار الكهربائي لأكثر من 23 ساعة يوميا وتشح مياه الشرب، تشتد كذلك مراقبة السياسيين لولادة هذه الحكومة، التي جرت الانتخابات من اجلها قبل اكثر من خمسة اشهر.

ويبدو ان التحالف الكردستاني هو الكتلة الوحيدة التي حسمت امرها منذ البداية بالاتفاق في ما بين اطرافها ومع كتلة «الائتلاف العراقي الموحد» المكلفة تشكيل الحكومة، على المناصب الرئاسية والحقائب الوزارية، حسب استحقاقهم الانتخابي والوطني، بل ان هذه الكتلة تنازلت عن بعض الحقائب «من اجل ان تمشي الامور بالنسبة للكتل الاخرى»، حسبما اكد لـ«الشرق الأوسط» امس النائب الكردي فؤاد معصوم، الذي شدد على ان كتلته تدعم مشاركة جميع الكتل، خاصة العراقية، التي يترأسها الدكتور اياد علاوي، وجبهة الحوار، التي يترأسها صالح المطلك.

وتتعامل الكتلة الكردستانية مع بقية الكتل كحاضنة يرجع اليها لحل اشكالات بقية الكتل، حيث يحرص الرئيس جلال طالباني على ترؤس الاجتماعات مع هذه الكتلة او تلك ليوفق بين الجميع. لكن لم يمنع هذا من نشوء خلافات كبيرة مع كتلة «الائتلاف»، ادت الى انسحاب بعض الكتل والاحزاب من محادثات تشكيل الحكومة.

جبهة الحوار كانت اول المنسحبين، حيث كانت تطالب بحقيبة الخارجية التي منحت للتحالف الكردستاني. وفسر المطلك اصرار كتلته على الخارجية قائلا لـ«الشرق الأوسط»، انها اتخذت هذا الموقف «انطلاقا من اننا نستطيع تحقيق الكثير للعراق وتعميق العلاقات العراقية العربية والاسلامية من خلال حقيبة الخارجية».

ولاحقا انسحب حزب الفضيلة، وهو احد اطراف الائتلاف من مباحثات تشكيل الحكومة، واعلن انه سيكون في صف المعارضة، منتقدا. وما تزال القائمة العراقية الوطنية «تتصرف بهدوء غير منشغلة بموضوع المناصب، بقدر انشغالنا بمسألة تحقيق توازن سياسي داخل الحكومة نستطيع من خلاله المشاركة في صناعة القرار السياسي»، حسبما اكد رئيس هذه الكتلة في مجلس النواب حميد مجيد موسى السكرتير العام للحزب الشيوعي العراقي.

وقال موسى لـ«الشرق الأوسط»، بعد اجتماع محدود للقائمة امس «العراقية ما زالت في حالة تفاوض مع قائمة الائتلاف لوضع اللمسات الاخيرة في تشكيلة الحكومة، ولا بد من البحث عما يؤمن لقائمتنا مطالبها، كي تشارك في الحكومة».

واضاف موسى قائلا «قطعنا شوطا ولكن ما زالت هناك مرحلة لا بد من انجازها كي تكون القائمة العراقية مطمئنة الى انها ستشارك في السلطة بشكل فعلي وستساهم في القرار السياسي في اطار حكومة وحدة وطنية».

واوضح موسى «لنا حقوق في هذه الحكومة وفق كل المعايير، سواء استخدمنا استحقاقنا الانتخابي او الاستحقاق الوطني، ومن الضروري تأمين هذه الحقوق، وما زلنا نشعر بان القائمة العراقية لحق بها غبن واجحاف، واذا استرشدنا بما حصل بالمواقع الرئاسية فالغبن بين وواضح، حيث قسمت على اساس المحاصصات، ونحن نطمح الان الى معالجة هذا الغبن من خلال الحقائب الوزارية، وهذا ما لم نتوصل له حتى الان».

وقال رئيس الكتلة العراقية في البرلمان «ان غالبية الوزارات، التي عرضت علينا ليست ذات بعد وطني، وزارات تركيبتها محلية تقريبا باختصاصات محدودة لا تتعامل مباشرة مع خدمة الجمهور او تساهم بصناعة القرار السياسي، وهذا نعتبره حيفا»، مشيرا الى انهم قدموا «قرارا ملموسا لتحقيق التسوية وقبلنا بعض المقترحات، ولكننا اردنا ان يضاف لها ما يساعد على وجودنا في وزارة ذات بعد وطني تتعامل مباشرة مع الناس».

واوضح موسى «لقد طرحنا مطالبتنا بوزارة التجارة، وماذا يضير لو اعطينا التجارة بعد ان حرمنا من منصب نائب الرئيس ونائب رئيس الوزراء ومن احدى الوزارات السيادية، هل كثير علينا ان يضاف الى وزاراتنا وزارة التجارة؟ ومع ذلك قدمنا بدائل أخرى مثل الزراعة والبلديات والاسكان والاعمار والعمل والشؤون الاجتماعية».

مفاوض باسم احدى الكتل النيابية وصف تقسيم الوزارات بين الكتل بأنه عملية تقسيم للحصص والامتيازات، «فهذه الوزارة محجوزة لفلان ولا نريد ان نخسره، وتلك لعلان الذي نخشى ان يزعل وتلك الوزارة لهذه الكتلة التي لا تتنازل عن حقها»، واضاف «صارت الوزارات تسمى باسماء الاشخاص، فهذه حصة الشهرستاني الذي لا يقبل التنازل عنها وتلك وزارات الصدر الذي لا يتحرش به احد، ووزارات الائتلاف مقدسة ولا يمكن لاحد مناقشته عليها».

واضاف المتفاوض، الذي طلب عدم نشر اسمه قائلا لـ«الشرق الأوسط» امس، ان بنايتي رئاسة الحكومة والبرلمان «تحولتا الى سوق حقيقي فهناك الكثير من الاشخاص ما زالوا يؤملون انفسهم بالحصول على وزارات. كما ان هناك اعضاء في بعض الكتل راحوا يتفاوضون مع نوري المالكي او مع الائتلاف لنيل حقائب لهم من دون ان يتفاوضوا نيابة عن قوائمهم ليضمنوا كرسي الوزارة وامتيازاتها المالية والمعنوية».

وتساءل هذا المفاوض «أين هو العراق وأين هي مصلحة الشعب العراقي في هذا الصراع، وقد سمعت بأذني ان هذه الوزارة اسندت لفلان من اجل ان يحسن وضعه المالي كونه لم يحصل على شيء حتى الآن».

على العموم هذه هي الساعات الاخيرة في ماراثون تشكيل الحكومة، الذي قد يسفر عن الكثير من المفاجآت، كأن تنسحب كتلة ما، مثلما هددت جبهة التوافق، او ربما تنبئ بمشاركة كتلة خارجة عن سرب المحاصصة الطائفية كي تعيد التوازن للحكومة.

على الصعيد ذاته، نقلت وكالة رويترز عن مفاوضين، ان زعماء الكتل اصبحوا قريبين من التوصل الى اتفاق بشأن تشكيل حكومة وحدة وطنية، وذلك بعد ان افادت مصادر قريبة من رئيس الوزراء المكلف بان ضابط الجيش السابق نصير العامري (شيعي)، الذي اورد اسمه تلفزيون «العراقية» سيتولى منصب وزير الداخلية، وان زميله براء نجيب الربيعي(سني) سيتولى وزارة الدفاع، لكن هذا لم يكن قرارا نهائيا، فقد ورد اسم الضابط السابق ثامر سلطان التكريتي (سني) كمرشح للدفاع ايضا.

وقال المفاوض الشيعي بهاء الاعرجي، وهو من انصار الزعيم الشيعي مقتدى الصدر، ان «تشكيل الحكومة اقترب لكنه ليس نهائيا. ربما ننتهي غدا (اليوم)». ولا يعرف الكثير بشأن العامري المرشح للداخلية وان كان مفاوضون يقولون ان له علاقات طيبة بالمجلس الاعلى للثورة الاسلامية في العراق، الذي ادار الوزارة حتى الان خلال تولي بيان جبر لها.

وقال مصدر سياسي ان العامري حكم عليه بالسجن عشر سنوات لمعارضته صدام حسين، عندما كان عقيدا في الجيش السابق. ويعتقد انه في منتصف الخمسينات وينتمي الى واحدة من اكبر القبائل والأكثر نفوذا في العراق.

وقالت بعض المصادر السياسية، انها تعتقد انه من اقارب هادي العامري زعيم «منظمة بدر»، التي توصف بأنها الجناح العسكري للمجلس الاعلى للثورة الاسلامية، الذي يتزعمه عبد العزيز الحكيم.

اما الربيعي فهو لواء ركن متقاعد في الجيش العراقي السابق، وتعرض لمضايقات في عهد صدام حسين، وانتقل الى المنفى في التسعينات. وهو نجل الفريق محمد نجيب الربيعي، اول رئيس للعراق في عهده الجمهوري (1958). وافادت وكالة «اصوات العراق» المستقلة، بان حسن السنيد عضو مجلس النواب عن الائتلاف العراقي الموحد، اعلن لها امس عن اسماء عدد من وزراء حكومة المالكي.

واضافت الوكالة انه قال لها إن وزارة المهاجرين والمهجرين ستتولاها زكية حقي (كردية فيلية من الائتلاف)، في حين سيتولى وزارة المالية بيان جبر صولاغ (وزير الداخلية في حكومة الجعفري).

وأضاف أن خضير الخزاعي (الائتلاف) سيشغل وزارة التربية وسلمان الجميلي (التوافق العراقية) وزارة التعليم العالي. وقال مصدر للوكالة، إن الشخصيات المرشحة من التحالف الكردستاني لشغل الوزارات المخصصة له هي: هوشيار زيباري للخارجية وفوزي فرنسو حريري للصناعة وبيان وزه للاسكان ومحمد توفيق للثقافة ولطيف رشيد للموارد المائية.