برلمانيون كويتيون يتحدثون في واشنطن عن أزمة الدوائر الانتخابية ويحمّلون الحكومة المسؤولية

TT

حمّل برلمانيون كويتيون يزورون واشنطن حاليا حكومة بلادهم مسؤولية ‏الأزمة السياسية الراهنة في الكويت بسبب تراجعها عن مقترح تقليص عدد الدوائر ‏الانتخابية من 25 دائرة إلى 10 أو 5 دوائر فقط.‏ جاء ذلك خلال ندوة نقاش على طاولة مستديرة نظمها مركز الإعلام الكويتي في ‏واشنطن، شارك فيها ثلاثة من أعضاء مجلس الأمة الكويتي البارزين، هم محمد الصقر ‏وعبد الوهاب الهارون وعلي الراشد، بحضور عدد من الأكاديميين والباحثين ‏الأميركيين المهتمين بشؤون منطقة الشرق الأوسط.‏ وبعد أن قدمت مديرة المركز، الدكتورة فاطمة الخليفة، ضيوفها للحاضرين، قال النائب ‏محمد الصقر إن الكويت تقدم يوما بعد يوم نموذجا للديمقراطية الحقيقية، معتبرا أن ‏الكويت من أكثر البلدان ديمقراطية في المنطقة.‏ وأضاف الصقر أن الديمقراطية في الكويت فعلية وليست شكلية، مقدما للحاضرين ‏نموذجا حيا لذلك بانتقاده اللاذع لحكومة بلاده، التي اتهمها بعرقلة تعديل نظام ‏الدوائر الحالي المعمول به في الكويت. وقال الصقر إن هذا النظام أوصل من لا ‏يستحقون إلى عضوية البرلمان، مشددا على أن هناك حاجة ماسة لإصلاح نظام ‏الدوائر.‏ ومن جانبه، قال النائب عبد الوهاب الهارون، إن الإصلاح السياسي أصبح قضية ملحة ‏مطروحة في الوطن العربي ككل، وليس في الكويت فقط، ولم يعد هناك مجال ‏لحكومة الحزب الواحد أو للأنظمة الشمولية. ودعا إلى إتاحة فرص أكبر للمشاركة ‏الشعبية وإعادة هيكلة الأنظمة السياسية العربية تدريجيا.‏ وتابع قائلا: «إننا في الكويت قطعنا شوطا كبيرا في تطبيق الديمقراطية، وهذا الأمر ‏ليس جديدا على الكويت، بل بدأ منذ تأسيس الدولة بالتراضي في تشكيل النظام ‏السياسي. وقال إن اختيار الحاكم تم بتوافق كل القوى الكويتية، وللكويتيين دور دائم ‏في المشاركة السياسية».‏ كما تحدث النائب علي الراشد، وهو قاض سابق، عن أزمة الدوائر في الكويت، قائلا ‏إنه شخصيا كان يعتبر أن الكويت يجب أن تكون دائرة واحدة لولا أن الدستور ‏الكويتي أشار إلى وجود دوائر بصيغة الجمع لذلك تم الاتفاق على طرح مشروع ‏الدوائر الخمس، وهو بنظره مشروع مثالي لبلد مثل الكويت. وقال الراشد إن ‏الإصلاح السياسي في الكويت يتطلب محاربة الفساد، مشيرا إلى أن الفساد لا يقتصر ‏على الحكومة بل يشمل البرلمان كذلك، وأن الإصلاح يجب أن يبدأ في البرلمان. واتفق الراشد مع زملائه على أن نظام الدوائر الحالي جعل البعض يتمكنون من شراء الأصوات للوصول إلى عضوية البرلمان، وهو خلل لا بد من تصحيحه لجعل العملية الانتخابية أكثر تمثيلا لسكان الكويت.‏ وردا على سؤال لـ«الشرق الأوسط» عن طبيعة الأزمة الراهنة في الكويت بين البرلمان ‏والحكومة، قال النائب الهارون إن الأزمة بدأت بعد الانتخابات الأخيرة في 2003، ‏حيث تقدم عدد من النواب بمشروع تقليص عدد الدوائر واستمر الجدل سنة كاملة.‏ وأضاف الهارون: « لقد ثبت لأعضاء مجلس الأمة أن الحكومة ليست جادة في مسألة تعديل الدوائر لأنه ‏حسب نظام المجلس الداخلي يجب على الحكومة أن تقدم رأيها في أي مشروع ‏قانون». وحاولت الحكومة وفقا للهارون شق المجلس حيال موضوع الدوائر.‏ وأضاف أن الحكومة تقول إن من أولوياتها تعديل النظام الانتخابي، وأصدر مجلس ‏الوزراء بيانا مشهورا بذلك ينتقد فيه نظام الانتخابات الحالي وما يرافق ‏الانتخابات من شوائب بسببه، «وهذا أدى إلى شعور بأن هناك شبه جدية في تعديل ‏النظام».‏ وتابع الهارون قائلا: «قبل حوالي ستة شهور شكلت الحكومة لجنة برلمانية انتهت إلى حل يقضي بتقسيم ‏الكويت إلى خمس دوائر، ورغم تعهد الحكومة بالأخذ بما ستقرره اللجنة البرلمانية ‏لكن المجتمع الكويتي فوجئ أن الحكومة غيرت رأيها وعادت إلى مقترح العشر ‏الدوائر».‏ وقال الهارون إن المجتمع الكويتي بدأ يشعر مرة أخرى أن الحكومة غير جادة في حل المشكلة ‏وتحرك 29 نائبا يشكلون الأغلبية ضد تحركات الحكومة ورغم أن الحكومة هي ‏التي اقترحت نظام الدوائر العشر ولكنها فيما بعد قالت إن المقترح غير دستوري ‏وفجأة أرادت تحويل الأمر إلى المحكمة الدستورية، وهو ما أغضب المجتمع الكويتي ‏وأغلبية النواب وجعلهم يطالبون باستجواب رئيس الحكومة.‏ وبعد ذلك، أعلنت الحكومة وفقا للهارون، أنها ستسحب اقتراحها بإحالة الأمر للمحكمة ‏الدستورية، ووافقت على نظام العشر دوائر. ‏ وتحدث البرلمانيون الثلاثة عن جلسة البرلمان الكويتي التاريخية في 15 مايو (ايار) ‏‏2006، قائلين إن التلفزيون الكويتي تجاهل الجلسة وأن أخبارها وصلت للمواطنين الكويتيين عبر القنوات الفضائية الخارجية وعبر الرسائل الهاتفية.

وكان 25 نائبا التقوا الأسبوع الماضي في ديوان النائب محمد الصقر، واتفقوا على رفض تحويل قضية الدوائر إلى المحكمة ‏الدستورية، وكذلك رفض تأجيل مناقشة مشروع الدوائر. كما أكد المجتمعون تمسكهم بالبيان الذي وقعه 29 نائبا ‏تأييدا للدوائر الخمس. وحول تلويح الحكومة بحل المجلس، قال الصقر: «لا نخشى حل المجلس، ‏ومجريات الحل سيحددها موقف الحكومة». وتزامنت تلك التطورات مع حشود شعبية رددت السلام الوطني الكويتي أمام مجلس الأمة، وأعربت أثناء الجلسة المشار إليها عن تمسكها بمقترح الدوائر الخمس. وشدد المشاركون في التجمع على ضرورة ان يقف النواب ‏وقفة تاريخية، لتحديد مستقبل البلاد السياسي المتمثل في إصلاح النظام الانتخابي.‏ وكان مقدمو طلب استجواب ‎رئيس مجلس الوزراء اعتبروا موافقة الحكومة على طلب ‏الاحالة على المحكمة الدستورية، إجراء‎ ‎متعمدا لتعطيل البت في القضية، وعرقلة لمساعي الاصلاح، خلافا لما التزمت به امام‎ ‎مجلس الامة.‎