خبراء: واشنطن ولندن وباريس توصلت لقناعة بأن إيران لن تستخدم سلاح النفط

TT

أكدت مصادر مطلعة، ان كبار واضعي القرار السياسي داخل إدارة بوش، ونظراءهم البريطانيين والفرنسيين توصلوا الى قناعة بأن ايران ستستمر في بيع النفط في الخارج حتى في مواجهة الضغوط الاقتصادية والدبلوماسية من القوى الغربية. ودرس المسؤولون في الادارة الاميركية، ورفضوا، فكرة إغلاق إيران لإمدادات النفط. ويشير خبراء الشؤون الايرانية الى عدة أسباب تمنع ايران من قطع امدادات النفط. فالنفط يمثل 85 في المائة من صادرات ايران، طبقا لتقرير صندوق النقد الدولي الذي صدر في الشهر الماضي. وتمثل عائدات تلك الصادرات 65 في المائة من دخل الحكومة. وتستخدم إيران جزءا كبيرا من هذا الدخل لزيادة مرتبات القطاع العام ودعم اسعار الوقود فيها، وهو واحد من الوسائل للسيطرة علي مشاعر عدم الرضا حيث تصل نسبة البطالة الى ما يقرب من 12 في المائة، والتضخم الى 13 في المائة.

وقال جياندومنيكو بيكو، الوسيط خلال الحرب العراقية الايرانية «اذا ما فكرت قليلا فيما بعد اللحظة التي تقع فيها الاشياء، فإن مصداقية البلاد كشريك اقتصادي ستذهب مهب الريح. وسيتأثر الاقتصاد ككل، ليس فقط بسبب افتقار الدخل». وذكر بيكو ان بعض المصارف الاوروبية أصبحت مترددة في إجراء معاملات مالية مع إيران، وان بعض المشاريع البتروكيماوية تأخرت.

والأكثر من ذلك، فإن سياسة وقف الصادرات متشابكة بالنسبة لإيران. ففي السنوات الاخيرة، نقلت ايران صادراتها النفطية بعيدا عن الغرب. فهي تبيع جزءا كبيرا من النفط للصين والهند، إلا ان بعض حلفاء الولايات المتحدة مثل اليابان وايطاليا وفرنسا، لا يزالون من المشترين الرئيسيين. ولا تبيع إيران اية كميات نفط للولايات المتحدة بسبب العقوبات الاقتصادية التي ترجع الى ازمة الرهائن في عام 1979. وسوق النفط متشابك، وأي خفض للصادرات سيؤثر على أسعار السوق بغض النظر عن الزبون، ورمزية الإساءة لليابان والهند والصين للانتقام من عقوبات فرضتها الولايات المتحدة وحلفاؤها سيكون غير واضح.

والسبب وراء موقف ايران القوي هو تغيير توازن اسواق النفط العالمية. فقبل اربع سنوات كان فائض الانتاج العالمي هو 7 ملايين برميل، لكن الفائض بين الامدادات والطلب اقل من صادرات ايران التي تصل الى 2.5 مليون برميل يوميا.

ويوضح ادوار مورس، المستشار التنفيذي لشركة «هيس انرجي ترادينغ» في نيويورك «لا توجد حماية كبيرة». واضاف مورس ان فائض انتاج السعودية يمكن ان يغطي نقصا يتراوح بين 1.2 الى 1.5 برميل نفط يوميا. «وإذا ما تحقق السلام في العراق أو نيجيريا، يمكنهم إنتاج المزيد».

وفي الوقت ذاته، ذكر غاري سيك الذي تعامل مع شؤون الخليج في وزارة الدفاع ومجلس الأمن الوطني في السبعينات، ان الخوف من سلاح النفط هو «واحد من أسباب حذر مجلس الأمن في التعامل مع هذا الموضوع».

ويعتقد ان مجرد التوتر بين طهران والغرب اضاف، طبقا لبعض التقديرات، ما يتراوح ما بين 10 الى 15 دولارا للبرميل الواحد. وهو ما يعني ازدهار الاقتصاد الايراني. فقد اعلنت ايران ان عائداتها من النفط هذا العام ستصل الى 55 مليار دولار، بزيادة قدرها 10 مليارات عن العام السابق. وذكر يوسف ابراهيم، صحافي متخصص في شؤون نفط الشرق الأوسط: «لديهم سلاح النفط الآن. وهو الموقف المثالي بالنسبة لهم». ويمكن لإيران أن تعرقل صادرات النفط من دول اخرى في الخليج، سواء عن طريق تلغيم الخليج، أو مجرد إطلاق صواريخ أو عملية تخريب بسيطة، فإن ارتفاعا بسيطا في معدلات التأمين سيؤدي الى إيقاف معظم الصادرات من المنطقة. وبعض الناس الذين على علم بمقتضيات الامور في ايران، يعتقدون ان العناصر المعتدلة بين القيادات الدينية الايرانية ستسيطر، ولن تستخدم ايران سلاح النفط الا اذا ما شنت الولايات المتحدة هجوما عسكريا. وقال سيك: «عندما يتعلق الأمر بمصدر دخلهم، فإنهم يصبحون محافظين للغاية. وخلال الثورة كانوا يتصرفون بطريقة مختلفة، ولكنهم اكتشفوا انها غير ناجحة. وكانوا يحاولون العودة الى القواعد المنطقية».

ويعتقد العديد من خبراء الشؤون الايرانية «ان النفط هو درع أكثر منه سلاحا».

* خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ«الشرق الأوسط»