مجلس الأمن الدولي يعقد جلسة فريدة في الخرطوم لدعم «السلام في السودان»

حدد لها مطلع يونيو وستبحث سير تنفيذ اتفاقيتي سلام دارفور والجنوب

TT

في خطوة هي الاولى من نوعها، كشفت مصادر مطلعة ان مجلس الامن الدولي سينتقل في مطلع يونيو (حزيران) المقبل بكامل عضويته الى العاصمة الخرطوم ليعقد جلسة خاصة حول اتفاق السلام في دارفور الذي جرى توقيعه قبل اسبوعين بين الحكومة السودانية واحدى الحركات المسلحة في الاقليم، وسير تنفيذ اتفاق السلام في جنوب السودان بين الحكومة والحركة الشعبية لتحرير السودان.

وحسب المصادر، التي لم تفصح عن هويتها، فان اعضاء المجلس سيجرون لقاءات مع عدد من القيادات في الحكومة ذات العلاقة بملفي الجنوب ودارفور. وتعتبر الخطوة ثاني مرة ينتقل فيها المجلس خارج مقره في نيويورك حول السودان، حيث انعقد العام 2004 في العاصمة الكينية نيروبي بشأن السلام قبيل توقيع اتفاق نيفاشا للسلام في جنوب السودان. وهي الثامنة في تاريخه.

وحذر مسؤول كبير في الأمم المتحدة من تردي الوضع الانساني في دارفور في حال عدم تنفيذ اتفاق السلام. وفي بيان أدلى به وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الانسانية يان ايغلاند امام مجلس الامن، أعرب فيه عن أمله في أن يؤدي توقيع السلام في دارفور الى عكس تردي الوضع الانساني في دارفور وتشاد.

وفي الوقت ذاته حذر ايغلاند من حدوث كارثة انسانية ما لم ينفذ الاتفاق، وقال انه «ما لم ينفذ الاتفاق سيكون بديل السلام كارثيا».

وأبلغ اعضاء مجلس الامن باحتمال سحب عمال الاغاثة الانسانية من دارفور نتيجة تصاعد اعمال العنف.

وشدد على القول إنه «مع تصاعد العنف والهجمات سوف تتعذر ادامة العملية الانسانية ويمكن ان يضطر عمال الاغاثة الى الانسحاب فتتضاعف معدلات سوء التغذية والوفيات في بعض المناطق في غضون اسابيع لا أشهر».

وأوضح مسؤول الامم المتحدة قائلا «ان الوقت لا يزال مبكرا للغاية لمعرفة أثر اتفاق السلام على الارض».

واستعرض ايغلاند محادثاته التي اجراها مع الحكومة السودانية ومع قادة فصيل «جيش تحرير السودان».

وأطلع ايغلاند مجلس الامن على المظاهرات التي نظمت ضد اتفاق السلام في مخيمات اللاجئين في جميع محافظات دافور الثلاث. وذكر ان بعض هذه المظاهرات قد استهدفت افرادا من بعثة الاتحاد الافريقي في السودان ومقارهم داخل المخيمات.

وأكد مسؤول الأمم المتحدة على ضرورة دعم أفراد قوة الاتحاد الافريقي، وذكر ان العديد من افراد القوة لم يتسلموا رواتبهم الشهرية.

واشار ايغلاند الى قرار الحكومة السودانية الذي أعلن عنه نائب الرئيس السوداني طه بتجميد القيود الخاصة بدارفور على وصول المساعدات الانسانية، وقال انه «سينفذ بالكامل».وذكر بأن العملية الانسانية ما زالت تواجه عجزا قدره 389 مليون دولار لدارفور وحدها.

ويضاف الى ذلك استمرار الهجمات التي لا هوادة فيها على عمال الاغاثة فحال دون وصول المساعدات الانسانية الى مناطق كبيرة عبر دارفور منذ ديسمبر (كانون الاول) الماضي. واكد ايغلاند ان التهديدات التي تواجه عمال الاغاثة والسكان المدنيين في شرق تشاد لا تقل خطورة عنها في دارفور. وطالب بضرورة وضع نهاية للافلات من العقوبة، ووضع نهاية للهجمات نفسها.

وفي تطور آخر، قرر الامين العام كوفي انان ايفاد وزير الخارجية الجزائري الاسبق الاخضر الابراهيمي الى الخرطوم. واوضح الناطق الرسمي ستيفان دي جريك ان الابراهيمي سيجري بصحبة هيدي انابي مساعد الامين العام لعمليات حفظ السلام محادثات مع الحكومة السودانية حول الدور الذي من الممكن ان تقوم به الامم المتحدة لتنفيذ اتفاق ابوجا للسلام في دارفور.

وكان مجلس الامن في قراره الاخير قد منح الحكومة السودانية مهلة اسبوع واحد لاستقبال بعثة فنية لتقييم الوضع على الارض قبل ارسال قوة تابعة للامم المتحدة لتنفيذ السلام. واكد الناطق الرسمي ان الحكومة السودانية لم تمنح حتى الآن الضوء الاخضر لاستقبال بعثة الامم المتحدة. ولمح الى ان ايفاد الاخضر الابراهيمي الى الخرطوم يندرج ضمن المساعي لاقناع حكومة عمر البشير من اجل استقبال بعثة الامم المتحدة.

من جهته قال الامين العام للامم المتحدة كوفي أنان انه لا توجد «ثانية نضيعها» اذا اراد العالم ان ينقذ مئات الالاف من الاشخاص في اقليم دارفور السوداني الذي مزقه الصراع من المجاعة والامراض. وقال انان لصحيفة «لوفيجارو» الفرنسية امس «الاقليم يمر بأسوأ ازمة انسانية على وجه الارض». واضاف «بدون دعم شامل وفوري فان منظمات الاغاثة لن تتمكن من الاستمرار في عملها وستحصد المجاعة وسوء التغذية والمرض ارواح مئات الالاف من الضحايا». وذكر انان ان اتفاق سلام ابرم في الخامس من مايو (ايار) الجاري في نيجيريا بين الحكومة السودانية وفصيل من اكبر الحركات المسلحة في دارفور من شأنه ان يساعد على احلال السلام، لكن التوترات لا تزال محتدمة في الوقت الذي رفضت فيه فصائل متمردة اخرى التوقيع على الاتفاق.

وفشلت قوة الاتحاد الافريقي، التي تفتقر للتمويل والعتاد وتعمل على مراقبة هدنة في دارفور، في منع هجمات الميليشيا ضد المدنيين في الصراع الذي حصد ارواح عشرات الالاف من الاشخاص على مدى الاعوام الثلاثة الماضية.

وقال انان ان ركل مترجم تابع للاتحاد الافريقي حتى الموت اثناء زيارة لمسؤول بارز في الامم المتحدة لاحد مخيمات اللاجئين في دارفور يسلط الضوء على مدى خطورة الوضع، وتابع «لا توجد ثانية نضيعها». وذكر أنان ان من المهم في الوقت الراهن تقديم الدعم والتعزيزات لمهمة الاتحاد الافريقي وقوامها سبعة آلاف جندي. وقال «في هذه اللحظة توجد قوة برية واحدة فقط قادرة على تأمين هذه الحماية وهي مهمة الاتحاد الافريقي في السودان». واضاف «اولويتنا ينبغي ان تكون تعزيز هذه القوة بحيث تكون قادرة على تطبيق اتفاق السلام وتوفير الامن الحقيقي للاجئين».

الى ذلك، قال الفريق اول محمد احمد مصطفى الدابي مساعد ممثل الرئيس البشير لولايات دارفور في تصريحات صحافية ان مشاورات ستجرى مع الامم المتحدة حول القوات الدولية بدارفور بأن ينحصر مهامها في المراقبة وليس حفظ السلام المدرجة تحت البند السابع من ميثاق المؤسسة الدولية، ونبه الدابي الى ان القوات الدولية ستواجه برفض الشعب السوداني.

واعتبر الدابي ان موافقة الحكومة على التشاور مع الامم المتحدة في امر القوات الدولية من شأنه ان يجعل المؤسسة الدولية تستمع للكثير من الرؤى والخطط الحكومية لمهام هذه القوات في اي حوار يتم بين الجانبين، وقال «عندما تأتي بعثة الامم المتحدة للتشاور لن نغلق الابواب لأن الحكومة تحرص على ان يتم السلام عبر التنسيق مع المؤسسة الدولية».

ء