مدرسون عراقيون: سنخلق أزمة للحكومة الجديدة ما لم تحسن أوضاعنا

شكوا لـ«الشرق الأوسط» من تفشي الرشوة في القطاع

TT

لم تكن مهنة التدريس في العراق تتمتع بنوع من الرفاهية والاستقلال في عهد النظام السابق، فقد كانت السلطة في ذلك الوقت تراقب كل كبيرة وصغيرة في هذا المجال التربوي الحساس، وتعمل على تضييق المساحة التعليمية وحصرها بافكار واهداف ومبادئ الحزب الاوحد (حزب البعث)، اما اليوم بعد انهيار النظام وانتشار الاحزاب والتيارات السياسية والدينية المختلفة في البلاد، فقد اصبح هذا القطاع يعاني من عراقيل ومعوقات يصفها البعض بالخطيرة، ويعتبرها البعض الاخر مشكلة حقيقية ويعاني منتسبوه من سوء الاوضاع المعيشية في ظل تدني رواتبهم مقارنة بمستوى الاسعار المرتفع في البلاد.

«الشرق الأوسط» التقت بمجموعة من التدريسيين الذين تحدثوا اليها عن واقع هذا القطاع وما تحيطه من سلبيات تؤثر على القطاع التربوي بالدرجة الاولى وعليهم كاساتذة تربويين بالدرجة الثانية.

عبد الحميد راضي، 45 عاما، استاذ مادة الرياضيات في احدى المدارس الثانوية ببغداد قال «عند دخولي قطاع التربية والتعليم منذ 20 عاما لم تكن مهنة التدريس في يوم من الايام مهنة سياسية، ولا تابعة لأية جهة او طرف، فهي مهنة تربوية واخلاقية وانسانية بالدرجة الاساس، وليس من حق اية جهة كانت العمل على تسييس هذه المهنة او هذا القطاع، لانه لا يصب في مصلحة الجميع بما فيها الجهة التي عملت على تسييسه، وبالتالي خلق حالة من الفوضى والاضطراب في القطاع التربوي».

وبين راضي كيف عمل النظام السابق على تسييس هذا القطاع والمهنة حصرا من خلال تعيين الاساتذة والمعلمين الذين كانوا ضمن سلك حزب البعث او ممن تزكيهم مكاتب ومقرات هذا الحزب في مناطق سكناهم، اضافة الى تبوء هؤلاء مراكز ومناصب عليا في ادارة المدارس خصوصا والقطاع التربوي عموما، الامر الذي نتج عنه خلق جيل طلابي ذي مستوى علمي متدني، فضلا عن ترك عدد كبير من الطلاب لمقاعدهم الدراسية بسبب ضغط التدريسيين «البعثيين» عليهم من اجل الانخراط في صفوف حزب البعث، زائدا الوضع المعاشي الضعيف لهؤلاء الطلبة.

وعن مستوى الرواتب التي يحصل عليها المدرس في هذه الفترة قالت فادية ياسين (25) عاما استاذة مادة اللغة الانجليزية «ان الرواتب التي نحصل عليها لا تتناسب مع الشهادة التي نحملها وهي درجة البكالوريوس في اللغة الانجليزية، ولا مع الزيادة الحاصلة في اسعار الامور الحياتية المهمة للفرد، لا سيما مع دخول التكنولوجيا للعراق فنحن بحاجة ماسة للهاتف الجوال، واجهزة الحاسبات وشبكة الإنترنت، وغيرها من الامور المهمة لنا من اجل تعلم اخر ما توصل اليه العلم في المجالات كافة، وان معظم الخدمات تكاليفها عالية جدا لا يمكن لراتبي الشهري البالغ (150) الف دينار اي ما يعادل (100) دولار من تغطيتها، لذا فانا اعتمد على عائلتي في الكثير من الامور التي احتاجها علما ان راتبي لا يكفي لتنقلي بين المدرسة والبيت».

وطالبت حسين من الحكومة القادمة والوزير الجديد ان ينظرا بجدية لهذه المسألة المهمة لانها لا تقل اهمية وخطورة على حد تعبيرها عن مواجهة العمليات الارهابية، وذلك لان تربية الجيل تتطلب جهودا كبيرة من اجل عدم انحرافه وضياع مستقبله.

اما انور فخري، 37 عاما، مدرس مادة الرياضة «انا خريج كلية التربية الرياضية عام 1998 ولم ادخل قطاع التدريس لاني لم اكن انتمي لحزب البعث، ولم ارغب في الانتماء لهذا الحزب من اجل ان احصل على اية وظيفة، بالاضافة الى الراتب الشهري للمعلم ايام النظام السابق البالغ (3000) دينار اي ما يعادل في حينها دولارا واحدا لم يكن يكفي لتمشية امور عائلتي ليوم واحد، فهذا الامر اضطر الكثير من التدريسيين لاخذ الرشوة من الطلبة في سبيل انجاحهم، وهذا الامر مستمر لغاية الان وهو امر مخيف لما له من نتائج سلبية على القطاع التربوي في البلاد».

وحذر فخري من مغبة الاستهانة بمطالب التدريسيين والمعلمين قائلا «على الحكومة الجديدة ان تعمل على تحسين امورنا المعاشية، والا فانه سوف يتم خلق مشاكل كثيرة امامها، وكانت هي في غنى عنها».