مبارك يفتتح منتدى دافوس بشرم الشيخ بالدعوة لعولمة ذات وجه إنساني

محادثات بين زوليك وأبو مازن لتسوية مشكلة المساعدات ووزير مالية سورية اعتذر في آخر لحظة

TT

اكد الرئيس المصري حسني مبارك ان منطقة الشرق الاوسط تتوق للسلام والاستقرار والتنمية وتجتاز مرحلة هامة على طريق الديمقراطية، والإصلاح الاقتصادي والاجتماعي. وأضاف مبارك في افتتاح المنتدى الاقتصادي العالمي بشرم الشيخ امس ان انعقاد المنتدى يأتي في مرحلة هامة من تاريخ الشرق الأوسط، بما شهدته من تطورات وانجازات سياسية واقتصادية، خلال العامين الماضي والحالي، وبما صاحب ذلك من تفاؤل وتطلعات وفرص، وما إنطوى عليه من مصاعب وتحديات. واشار الى أن المنتدى يؤكد العلاقة الترابطية بين السلام والازدهار، والعلاقة المماثلة بين سلام وأمن الشرق الأوسط، والأمن الأورومتوسطى والأوروأطلنطى.. وانعكاسات الوضع في هذه المنطقة من العالم على السلم والأمن الدوليين، وعلى استقرار ونمو الاقتصاد العالمي برمته. وأعرب الرئيس المصري حسني مبارك عن قلق الدول النامية ازاء «تنامي الحمائية بعدد من الدول المتقدمة وانعكاساتها على جهودنا للاندماج في الاقتصاد العالمي وما نتج عنها من تباطؤ مفاوضات جولة الدوحة وما ستؤدي اليه من تباطؤ نفاذ منتجات الدول النامية لاسواق العالم المتقدم». وقال الرئيس مبارك ان الاختلافات والتشوهات في الاقتصادات الكبرى والاقتصاد العالمي انما تنطوي على اعباء تتحملها في المقام الاول الدول النامية غير القادرة على التأقلم والمواءمة والتغيير السريع. ورحب مبارك بضيوف المؤتمر الذي تستضيفه مدينة شرم الشيخ في دورته الصيفية التي تستضيفها إحدى دول الشرق الأوسط كل مرة قائلا انه: برغم ما تموج به هذه المنطقة من أحداث، فإنها تحمل في طياتها إمكانيات هائلة.. أثق أنها ستفتح الطريق للوفاء بهذا الوعد لأجيالها الجديدة. واضاف «إن العالم يجتاز خطواته الأولى في ألفية جديدة بفكر متجدد ومعطيات مغايرة وانطلاقة غير مسبوقة في العلوم والمعارف وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات»، مشيرا الى ان ظاهرة العولمة تلخص معطيات هذا العالم المتحول وتفتح أمامنا جميعا آفاقا واسعة للأمل تتيح لنا العديد من الفرص والمكاسب وتواجهنا - في ذات الوقت - بالعديد من التحديات والمخاطر. وواصل مبارك أمام نحو 1300 من قادة العالم وكبار الشخصيات السياسية والاقتصادية «إن مسؤوليتنا في هذا المنعطف من تاريخ البشرية، تحتم أن نرسى معا أسسا واضحة للتعامل مع هذا العالم المتغير بآفاقه وآماله وفرصه ومكاسبه التي تتيحها ثورة المعلومات ومنجزات التكنولوجيا الحديثة وتحدياته وصعوباته ومخاطره التي تجسدها الفجوة الآخذة في الاتساع بين أغنياء العالم وفقرائه، والاختلال القائم في النظام الدولي الراهن على المستويين السياسي والاقتصادي، وتصاعد مخاطر الإرهاب وانتشار أسلحة الدمار الشامل. وأوضح ان أعباء هذه المسؤولية، إنما تقع على الدول المتقدمة والنامية على حد سواء كي نخلص معا لعولمة ذات وجه إنساني تحقق النفع للجميع وتدعم قدرتنا على تجاوز ما نواجهه من تحديات. وقال: إننا نواجه معا تحدي الزيادة المتسارعة في أسعار الطاقة، على نحو يهدد أداء الاقتصاد العالمي بوجه عام، وعددا كبيرا من الدول النامية المستوردة للنفط بوجه خاص، ونواجه اختلالات هيكلية مزمنة، في الموازنات العامة لبعض الدول المتقدمة الكبرى، وانعكاساتها الراهنة على تدفقات رؤوس الأموال العالمية، وما تنطوي عليه من مخاطر في المستقبل.. عندما يتعرض الاقتصاد العالمي لأزمة تصويب حادة، لدى تشبع الأسواق العالمية بالإقراض لتلك الدول. ولفت الى ان هناك اختلالات مماثلة في أسعار الصرف، بعدد من الكيانات الاقتصادية الكبرى تؤدي إلى إعاقة حركة التجارة العالمية وإثقال العالم النامي بمنافسة لا يقوى على مواجهتها. وقال: يساورنا القلق من تنامي التوجهات الحمائية بعدد من الدول المتقدمة، وانعكاساتها على جهودنا للاندماج في الاقتصاد العالمي، وما نتج عنها من تباطؤ مفاوضات جولة الدوحة، وما ستؤدي إليه من تباطؤ نفاذ منتجات الدول النامية، لأسواق العالم المتقدم. وتابع إن هذه الاختلالات والتشوهات في الاقتصادات الكبرى والاقتصاد العالمي، إنما تنطوي على أعباء تتحملها في المقام الأول الدول النامية، غير القادرة على التأقلم والمواءمة مع التغير السريع. وذكر ان كل ذلك يقتضي تضافر جهودنا، في الدول المتقدمة والنامية على السواء، من أجل الدفع لتصحيحها، بسياسات وإجراءات سليمة تعزز انفتاح العالم، وتدعم الاندماج في الاقتصاد العالمي. ودعا مبارك إلى «عالم يتعامل مع أسلحة الدمار الشامل - وفى مقدمتها السلاح النووي- دون تسييس أو ازدواج في المعايير، ويقي أجيال الحاضر والمستقبل مخاطرها المدمرة، ويعي المخاطر الجديدة لوقوعها في يد إرهاب أعمى، لم يعد أحد محصنا من شروره.. عالم يتوصل لعقد إجتماعي دولي جديد، يضع إطارا لتناول القضايا ذات الأولوية، كقضايا حقوق الإنسان، والمرأة والبيئة والصحة والتعليم والتنمية الاجتماعية.. ويتصدى للقضاء على الفقر، والجريمة المنظمة، وغسيل الأموال، والمخدرات، والهجرة غير الشرعية، والاتجار بالبشر، وغير ذلك من التحديات التي يطرحها عالم متحول، يجتاز العتبات الأولى في ألفيته الثالثة. ولم تستغرق الجلسة الافتتاحية للمؤتمر سوى ساعة واحدة شهدت حضورا موسعا وحوارا بين ممثلي الدول المشاركة بمشاركة كل من الرئيس الفلسطيني محمود عباس ورئيس لبنان إميل لحود وعدد من رؤساء الوزراء والأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى.

وكشفت مصادر مطلعة ان سورية رفضت المشاركة في مؤتمر دافوس بشرم الشيخ حيث يطالب الجانب الأميركي بضروة تبني قرار يطالب سورية ودول الشرق الوسط بالعمل علي ضروة التعاون غير المشروط مع الأمم المتحدة ورفض واشنطن إجراء لقاء مع محققي الأمم المتحدة. واضافت المصادر ان واشنطن رفضت طلبا سوريا بلقاء وزير الخزانة الأميركي الموجود بشرم الشيخ مع وزير المالية السوري الذي وجهت له الدعوة للحضور من اجل التباحث حول رفع اسماء بعض البنوك السورية وكبار الشخصيات من قوائم الإرهاب كبادرة للتعاون بين سورية وواشنطن لكن مصادر أميركية قالت ان واشنطن ترفض إجراء مثل هذا اللقاء في شرم الشيخ. وقال مسؤول سوري رفيع المستوي لـ«الشرق الأوسط» ان وزير المالية السوري اعتذر في اخر لحظة عن المشاركة في المؤتمر، مكتفيا بالقول انهم لا يشاركون في مؤتمرات تحضرها إسرائيل.

وقال كلاوس شواب رئيس المنتدى في لقاء مع الصحافيين ان الهدف الأساسي من المؤتمر هو دعم ثقافة الحوار بين دول المنطقة من اجل مزيد من التعايش والسلام وخلق فرص عمل تساهم في القضاء على واحدة من اهم القضايا التي تواجه المنطقة العربية وهي البطالة، وإذا نظرنا إلي بلد مثل مصر سنجد انها تحتاج إلى خلق مليون فرصة عمل سنويا لذا عملنا على جمع صناع القرار السياسي والاقتصادي والمجتمع.

ويشارك الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى في بعض جلسات المنتدى الخاصة بالسلام والتي وصفها في تصريح خاص لـ«الشرق الأوسط» بانها مهمة لتقريب وجهات النظر بين دول العالم خصوصا فيما يتعلق بالقضايا الخلافية. واضاف موسى ان المسألة لا تتعلق بما يقدمه المؤتمر من فرص للتنمية الاقتصادية بقدر ما يلقي بالمسؤولية على الدول العربية بما تقدمه من تسهيلات تخدم اقتصادها.

وعلى هامش المنتدى أجرى روبرت زوليك نائب وزيرة الخارجية الأميركية مباحثات مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس تناولت العديد من القضايا الخاصة بالمنطقة، لكن لم يفصح عن فحوى اللقاء، نظرا لضيق الوقت المتاح امامه للحديث، لكن السفير الأميركي بالقاهرة فرانسيس ريتشاردوني قال في تصريح خاص لـ«الشرق الأوسط» ان اللقاء تناول بحث العديد من القضايا الخلافية ووضع اسس تضمن الاستمرار للسلام والوصول إلى الهدف وهو إقامة دولتين فلسطينية وإسرائيلية تعيشان جنبا إلى جنب.

وحول ما إذا كان اللقاء قد تطرق لبحث الخلافات الأخيرة بين حماس والسلطة وقضية إيصال المساعدات للشعب الفلسطيني، قال السفير إنه تم بحث العديد من هذه القضايا. ووصف اللقاء بأنه كان إيجابيا وصريحا وان واشنطن عازمة على مساعدة الشعب الفلسطيني من اجل إقامه دولته وهو ما اكده زوليك لمحمود عباس. وقالت مصادر مطلعة ان اللقاء كذلك تطرق إلى بحث عدد من الافكار التي ستطرح على اجتماعات اللجنة الرباعية والتي وافقت واشنطن عليها من اجل ايصال المساعدات المالية للسلطة الفلسطينية، كما تطرق الحديث لبحث ازمة التضارب في القرارات، خصوصا بعد إعلان حماس تشكيل قوه فلسطينية تم نشرها في غزة وان المسؤول الأميركي اوضح خطورة ذلك على الأمن وعملية السلام.

وسوف يلتقي محمود عباس مع العديد من رؤساء الوفود المشاركة حيث سيلتقي مع رئيس وزراء ماليزيا عبد الله بدوي ووفد إسرائيلي والرئيس مبارك. وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر مطلعة أن هناك تفاؤلا كبيرا بحل أزمة المساعدات المالية حيث أبدت بعض البنوك الأوروبية استعدادها لتحويل الأموال وبينها بنوك سويسرية، وذلك بعد ظهور بوادر إيجابية على الوصول إلى حل مع واشنطن وإسرائيل.

وقال السفير السويسري تشارلز ادموند بالقاهرة لـ«الشرق الأوسط» إن البنوك توافق على القيام بهذا العمل بعد اجتماع اللجنة الرباعية طالما أن هناك بوادر لحل الأزمة. وعلمت «الشرق الأوسط» ان ممثلي اللجنة الرباعية المعنية بعملية السلام قد تشاوروا على هامش اعمال المنتدى وان اجتماعا سيعقد في الرابع والعشرين من الشهر الجاري في العاصمة البلجيكية بروكسل لبحث تقرير الخبراء الاقتصاديين الذي بموجبه سيقدم الدعم المالي. وقال سيرجي يكالوف مبعوث وزير خارجية روسيا للشرق الأوسط وعضو الفريق الروسي في إجتماعات اللجنة الرباعية التي ستعقد اواخر الشهر في تصريح خاص ان زيارة محمود عباس لموسكو حققت الكثير من النتائج وتم الاتفاق علي تقديم منحة مالية بقيمة 10 ملايين دولار. واضاف المسؤول الروسي انه متفائل بشكل كبير بقرب التوصل إلى حل لقضية المساعدات المالية نظرا لان الاجتماع القادم سيبحث في الالية التي نستطيع من خلالها إيصال المساعدات وان احدى الأفكار المطروحة هي تشكيل لجنة من الدول المانحة للقيام بإجراء لقاءات مع ممثلي البنوك الأوربية الخاصة والعامة للبحث في كيفية الوصول الى الصيغ القانونية التي نستطيع من خلالها التأكد من وصول الأموال للفلسطينيين دون معوقات. إلى ذلك يواصل منتدى شرم السيخ اعماله اليوم (الأحد) بعقد جلسات عمل حول حوار الحضارات وجلسة عن التعاون الدولي يحضرها رؤساء وزراء ماليزيا ولبنان ومصر وجلسة حول الاقتصاد الفلسطيني يحضرها الرئيس الفلسطيني محمود عباس ونائب رئيس الوزراء الإسرائيلي شيمعون بيريس كما تعقد جلسة حول العلاقات المصرية الأميركية يحضرها عشرة من اعضاء الكونغرس الأميركي وجلسة اخرى عن الحريات والإصلاح في الشرق الاوسط.