أميركا تعارض اقتراحا أوروبيا بتقديم ضمانات أمنية إلى إيران

احتكاك كلامي بين رايس ولافروف وتشيني ورامسفيلد يريدان إطاحة النظام من الداخل

TT

أصبح هناك انقسام الآن بين الولايات المتحدة وأوروبا بخصوص آخر مرحلة من استراتيجيتهما الخاصة بالتفاوض مع إيران، إذ أن إدارة بوش تعارض بقوة العرض الأوروبي الجديد المتضمن اقتراحا بتقديم «إطار عمل» للأمن في الشرق الأوسط الى إيران في حالة تخليها عن الأنشطة النووية، حسبما قال دبلوماسيون من الجانبين.

وقال الدبلوماسيون، إن الادارة الاميركية قاومت فكرة حماية الشركات الأوروبية من العقوبات الاميركية في حالة خرقها للعقوبات الاقتصادية التي فرضتها الولايات المتحدة إن هي أجرت مشاريع تجارية مع إيران مثلما جاء ضمن المقترح الأوروبي.

وأثار عدم الاتفاق على هذه القضايا الشك بإمكانية الوصول إلى اتفاق مع إيران حول برنامجها النووي حتى مع تصاعد الضغط على إيران حول رفض طهران لتغيير تصرفها، حسبما قال الدبلوماسيون. إضافة إلى ذلك أضاف هؤلاء المسؤولون ان أوروبا والولايات المتحدة وروسيا لم تتفق بعد على الحاجة لفرض عقوبات دولية ضد إيران إن هي استمرت في تحدي الغرب.

وقُدمت المقترحات الأوروبية حول كيفية التعامل مع إيران إلى الولايات المتحدة يوم الخميس الماضي، حسبما قال مسؤولون أوروبيون وأميركيون. وقال مسؤول رفيع في الإدارة الاميركية إن المقترحات موضوع دراسة من قبل كوندوليزا رايس وزيرة الخارجية وآخرين.

وقال هذا المسؤول: «الولايات المتحدة تسلمت المقترح الأوروبي لكنها لم ترد عليه بعد»، وأضاف أن الرد الاميركي سيقدم يوم الأربعاء المقبل في لقاء بين مبعوثين كبار في لندن. وقال هذا المسؤول: «ما نمتلكه حاليا هو اتفاق عام بين الأوروبيين والروس والصين ونحن لجعل الايرانيين يختارون ما بين طريق إيجابي وآخر سلبي». وأضاف أن المحفزات والعقوبات المحتملة ستكون موضوعا للمناقشة في لندن.

وتحاول الولايات المتحدة وأوروبا وروسيا والصين التفاوض من أجل الوصول إلى مقاربة ما بخصوص إيران، وهو تحد أصبح أكثر صعوبة مع الرفض المستمر للقادة الإيرانيين. وخلال الأسبوع الماضي تردد أن الرئيس الإيراني محمد أحمدي نجاد قد وصف ما يعرضه الغرب من مغريات بأنه لا يعدو أن يكون حلوى عادية مقابل حصوله من إيران على الذهب.

وكان من المفترض للمبعوثين أن يلتقوا أول من أمس لمناقشة الأفكار الأوروبية لكن عدم الاختلافات حول التفاصيل أجلت جلسة اللقاء حتى الأربعاء المقبل. وقال مسؤولون أوروبيون إن المحادثات قد تستمر حتى خلال الصيف المقبل.

ويشعر المتشددون في إدارة بوش وبعض البلدان الأخرى، خصوصا إسرائيل، بالقلق من أن الوقت يضيع فقط وأن إيران على وشك الوصول «إلى نقطة اللاعودة»، حيث ستمتلك عند ذلك التكنولوجيا والخبرة لصنع أسلحة نووية حتى لو تطلب ذلك سنوات. وفي المقترحات الأوروبية ليس هناك اتفاق مع روسيا بخصوص العقوبات. وقالت روسيا إنها لن تؤيد قرارا يصدره مجلس الأمن الدولي يجعل التزام إيران قسريا.

وحسب عدد من المسؤولين الأوروبيين، فإن رفض روسيا كان سببا وراء تبادل الملاحظات ما بين رايس ووزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف حينما التقيا على عشاء مع مبعوثين آخرين يوم 8 مايو (ايار) في نيويورك. ووصفت بعض الشهادات السابقة الطبيعة الساخنة للمناوشات التي دارت بينهما، لكن تفاصيل أخرى ظهرت أمس بخصوص هذا الاحتكاك.

ووصف لافروف تصريحات نيكولاس بيرنز، وكيل وزارة الخارجية الاميركية للشؤون السياسية، حول ايران بأنها «مثيرة للشفقة»، ما دعا كوندوليزا رايس للعودة والتصريح بأن هذا الحديث غير مقبول. وفي وقت لاحق سألت رايس لافروف حول ما إذا كانت تعني تعليقاته وضع نهاية للمحادثات حول هذه القضية. وتشير التقارير الى ان لافروف نفى في وقت لاحق أن يكون الغرض من تعليقاته وضع نهاية للمحادثات، وقال دبلوماسيون اوروبيون ان روسيا ربما تؤيد التهديد بالعقوبات شريطة ألا تفرض هذه العقوبات تلقائيا في حال تحدي ايران لطلب مجلس الأمن بتعاونها. وقال مسؤولون اوروبيون ان ثمة إجماعا بينهم ان السبب وراء استياء لافروف يعزى الى تعليقات لنائب الرئيس الاميركي ديك تشيني أدان فيها روسيا بسبب مسلكها الشمولي والتهديدي، على حد وصفه. وتساءل كثيرون حول ما اذا حاول تشيني استعداء روسيا بغرض عدم تشجيعها على التعاون مع ايران. من جانبهم، قال مسؤولون اميركيون ان تشيني ووزير الدفاع دونالد رامسفيلد لم يخفيا عدم ثقتهما العميقة تجاه المساعي الاوروبية، فيما أيد كلاهما المساعي الرامية الى إطاحة النظام الايراني من الداخل، ولكن من دون عمل عسكري. ولا يرغب المتشددون داخل الادارة الاميركية في منح إيران أي نوع من الضمانات الأمنية، بما في ذلك المحادثات ذات الصلة بالإطار «الاقليمي» الذي طرحه الجانب الاوروبي. وعلى الرغم من عدم توفر تفاصيل حول هذا المقترح، فإن الجانب الاوروبي أشار الى ان الخطة ستتضمن بعض الضمانات بعدم إطاحة الحكومة الايرانية سواء كان ذلك من خلال هجوم خارجي او تقويضها من الداخل. وقال مسؤولون اوروبيون ان كوندوليزا رايس اوضحت من جانبها انها متعاطفة مع هذا الفكرة. ويصر الجانب الاوروبي على ضرورة إجراء محادثات في نهاية الأمر بين الولايات المتحدة وإيران حول بعض القضايا الأمنية، إلا ان مسؤولين اميركيين وإيرانيين قالوا ان المقترحات الحالية لا تتضمن أي دعوات لإجراء مثل هذه المحادثات. وقال مسؤولون في ادارة بوش ان هذه المقترحات اذا كانت مضمنة في العرض الاوروبي، فإن الولايات المتحدة كانت سترفضها فورا.

وأشار مسؤولون اميركيون الى ان الطريقة الوحيدة للاتصال بإيران ستكون من خلال سفير الولايات المتحدة لدى العراق، زلماي خليلزاد، وهو مفوض للحديث مع الجانب الايراني فقط حول الاوضاع في العراق. وقال خليلزاد يوم اول من امس انه لم يجر اتصالا مع طهران، وانه ليس مفوضا لإجراء أي اتصال إلا بعد تشكيل الحكومة العراقية. وقال خليلزاد انه لم يحدث ان التقى بصورة رسمية او خاصة بأي من المسؤولين الايرانيين منذ تسلمه مهام عمليه كسفير للولايات المتحدة في بغداد في ابريل (نيسان) 2005. وجاء نفي خليلزاد في معرض رده على تكهنات بهذا الصدد في بعض التقارير الاخبارية، مؤكدا ان الجانب الاميركي سيكون على استعداد لإجراء مثل هذا اللقاء عقب تشكيل حكومة وحدة وطنية في العراق.