معركة في غوانتانامو بين المعتقلين والحراس

السجناء استخدموا أذرع مراوح وقطعا معدنية وإصابة 6 وتسجيل محاولات انتحار

TT

سان خوان (بورتوريكو) ـ أ ب: اشتبك معتقلون في سجن غوانتانامو، المحتجز فيه سجناء القاعدة وطالبان، مع حراس حاولوا إنقاذ معتقلين آخرين تظاهروا بأنهم يحاولون الانتحار. وقال مسؤولون عسكريون ان الهجوم، الذي استخدم فيه المعتقلون اذرع مراوح وقطعا معدنية، كان مرتبا وأسفر عن جرح ستة معتقلين. وجاءت هذه الحادثة في وقت ضغطت فيه لجنة تابعة لمنظمة الامم المتحدة على واشنطن بغرض إغلاق معتقل غوانتانامو، على اعتبار ان حبس المعتقلين لأجل غير مسمى يعتبر انتهاكا للحظر المفروض على التعذيب. من جانبه قال القائد المسؤول عن معتقل غوانتانامو، الأدميرال هاري هاريس، ان هذا الهجوم على الحراس يوضح الطبيعة الخطرة للمعتقلين. ويعتبر الهجوم الأخير، الذي حدث في نفس اليوم الذي حاول فيه معتقلان الانتحار، واحدا من الأحداث الأكثر عنفا في هذا المعسكر، حيث تعتقل الولايات المتحدة حوالي 460 شخصا من المتهمين بالانتماء لتنظيم «القاعدة» وحركة طالبان. وقال محامو الدفاع عن بعض المعتقلين، ان سبب محاولات الانتحار، حالة اليأس المتزايدة لدى المعتقلين، الذي قضى معظمهم ما يزيد على اربع سنوات من دون ان توجه لأي منهم تهمة. وقال جوشوا كولانجيلو برايان، محامي معتقل من البحرين حاول مرارا الانتحار، انه ليس من المستغرب ان يقدم بعض المعتقلين على الانتحار، تحت ظل أجواء اليأس والإحباط التي يعيشون فيها. وقال هاريس ان الأحداث الأخيرة بدأت عندما لم يحضر واحد من المعتقلين لصلاة الصبح، وعثر عليه غائبا عن الوعي في زنزانته. وأثبتت الفحوصات انه تناول جرعة زائدة من أقراص مشابهة لأقراص زاناكس التي تستخدم لمكافحة القلق. ونقل المعتقل الى المستشفى في حالة حرجة لكنها مستقرة. وكان حراس يجرون تفتيشا داخل السجن بحثا عن أي أقراص أو عقاقير ممنوعة، قد عثروا على معتقل آخر وهو يزبد نتيجة تناول جرعة زائدة من دواء. وجرى نقل هذا المعتقل الى المستشفى ايضا، وقال مسؤولون انه في حالة مستقرة. وكان حراس قد عثروا على معتقل في المعسكر الرابع، حيث الإجراءات الأمنية متوسطة المستوى، وهو يحاول شنق نفسه بملاءة داخل غرفة، معتقل فيها مع تسعة آخرين، إلا ان الأدميرال هاريس قال ان محاولة الانتحار كانت خدعة لاستدراج الحراس. دخل الحراس الزنزانة ووجدوا ارضيتها مبتلة بالبول والفضلات وماء به صابون بغرض جعل ارضية الزنزانة زلقة. وهاجم المعتقلون 10 حراس تابعين لقوة الرد السريع مستخدمين اذرع مراوح وقطعا معدنية. رجحت كفة المعتقلين في المواجهة لعدة دقائق وتمكنوا من طرح بعض الجنود ارضا. واعترف الكولونيل مايك بومغارنر، وهو واحد من المسؤولين في المعسكر، بأن الحراس خسروا المواجهة في بدايتها. وحشد المسؤولون 100 حارس اضافي في الخارج، قبل ان يسيطر أفراد قوة الرد السريع على الوضع، مستخدمين بخاخا يعطل النظر مؤقتا، بالإضافة الى القوة الجسمانية وخمسة أعيرة مطاطية وقذيفة اسفنجية تعطل الحركة من دون ان تتسبب في إصابة. من جانب آخر بدأ المعتقلون في وحدتين من المعسكر 4 بتكسير كاميرات الأمن والمصابيح ومواد أخرى في غرفهم، ضمن استعراض لأولئك الذين كانوا طرفا في المواجهة. وقدر مسؤولون في سجن غوانتانامو حجم الأضرار الناجمة بـ 110 آلاف دولار.

وجراء ذلك أصيب ستة معتقلين بجروح طفيفة ولم يصب أي من الحراس، حسبما قال هاريس. ونقل أولئك الذين كانوا طرفا في العراك إلى مساحة أخرى ذات إجراءات أمنية أشد. وقال هاريس: «أظن ما حدث هو أعنف مواجهة وقعت هنا».

وكان الرئيس بوش قد قال إنه يرغب بإغلاق سجن غوانتانامو، لكنه ينتظر قرار المحكمة العليا، في ما إذا كان ممكنا محاكمة المعتقلين أمام محاكم عسكرية. وفي ما يخص تقرير الأمم المتحدة فإن الحكومة الأميركية أصرت على أنها ملتزمة بالمنع الدولي للتعذيب، بما فيها سجن غوانتانامو في كوبا. وقال توني سنو السكرتير الصحافي للبيت الأبيض «إنه من المهم الإشارة إلى أن كل شيء تم تنفيذه من حيث التحقيق مع المعتقلين، هو ضمن حدود القانون الأميركي».

وعبرت الولايات المتحدة عن خيبتها من التقرير، الذي اصدرته اللجنة، والذي يستند إلى جلستين جرتا خلال هذا الشهر مع الوفد المتكون من 25 مسؤولا من واشنطن ومئات الصفحات من الوثائق الأميركية.

وقال جون بلينغر من وزارة الخارجية إنه «من المؤسف لا يبدو أنهم قرأوا بعناية المعلومات أو أنهم تجاهلوها، ونتيجة لذلك فإن هناك عددا من المعلومات غير الدقيقة مع البيانات المغلوطة قانونيا والمتعلقة بالقانون النافذ في الولايات المتحدة».

ونقلت القيادة العسكرية يوم الخميس الماضي 15 معتقلا سعوديا إلى بلدهم، لكن هاريس قال إنه لا يظن أن هناك علاقة أي علاقة بين هذا الإجراء والتقرير. ولم تكن السلطات تقدم أسماء أولئك الذين تورطوا بالهجوم أو بمحاولات الانتحار ولا اسماء بلدانهم. وقالت لجنة الأمم المتحدة أيضا إن من اللازم عدم تسليم المعتقلين إلى أي بلد يمكنهم أن يواجهوا «خطرا حقيقيا» في أن يكونوا موضع تعذيب.

وقال بلينغر، الذي ترأس الوفد الأميركي أثناء جلسات استماع اللجنة إنه ليس من العملي التوصية بإغلاق غوانتانامو، لكنه أصر أن السجناء يجب ألا يرسلوا بأعداد كبيرة إلى بلدانهم.

وعاش سجن غوانتانامو عددا من الاحتجاجات مع اضطرابات صغيرة منذ بدأت الولايات المتحدة بأخذ السجناء إلى القاعدة في يناير (كانون الثاني) 2002.

وقالت القيادة العسكرية إن 23 معتقلا نفذوا محاولة منسقة لشنق أنفسهم عام 2003، خلال اسبوع الاحتجاجات. وشمل الإضراب عن الطعام الذي بدأ في أغسطس (اب) 131 معتقلا، حسبما قالت القيادة العسكرية، على الرغم من أن العدد هبط إلى رقم يعد بالأصابع. وفي أوائل هذا العام بدأ مسؤولو غوانتانامو بربط المعتقلين المضربين عن الطعام على كراسي خاصة، لإجبارهم على الأكل.

وقال مسؤولون في غوانتانامو إن هناك 41 محاولة انتحار قام بها 25 معتقلا، لكن بدون وقوع أي موت في السجن منذ افتتاحه. لكن محامي الدفاع أكدوا أن الرقم أكبر من ذلك بكثير.

وقال المحامي كلايف ستافورد سميث، إن أحد موكليه من تشاد وقد حاول الانتحار مرتين في يناير الماضي، ولم يعلم هو بذلك حتى مارس (اذار) من معتقل آخر. وقبل يوم الخميس الماضي قالت القيادة العسكرية إن هناك محاولة انتحار واحدة خلال عام 2006. وهناك ما لا يقل عن 12 محاولة انتحار قام بها جمعة محمد الدوسري، 32 سنة، القادم من البحرين.

وقال كولانغيلو برايان، محامي الدوسري، في حديثه لوكالة اسوشييتد بريس عبر الهاتف، إنه زار موكله الأسبوع الماضي وشاهد الندوب فوق حنجرته وخلف رقبته نتيجة محاولة انتحاره في شهر مارس الماضي. ويمثل برايان العامل في مكتب أل أل بي للمحاماة في مدينة مينيبوليس ثلاثة معتقلين من البحرين، وقال إنه لا يعرف إن كان أي من موكليه طرفا في الصدام الذي جرى الخميس الماضي.