طالباني يدعم المالكي في مكافحة الفساد وتحقيق المصالحة ويعاتب العرب على عدم التهنئة

كتلة المطلك تطعن أمام المحكمة الاتحادية في دستورية تمرير الحكومة في البرلمان

TT

جدد الرئيس العراقي جلال طالباني دعمه الكامل لرئيس الوزراء الجديد نوري المالكي بشأن ما اعلنه من عزم على القضاء على الفساد الإداري والمالي في مؤسسات الدولة وتحقيق المصالحة الوطنية، فيما طعنت كتلة الحوار الوطني البرلمانية بنظامية جلسة البرلمان التي منحت الثقة لحكومة المالكي، وقالت ان تلك الجلسة شهدت «تواطؤا» لتمرير الحكومة على المجلس. وقال طالباني في مؤتمر صحافي عقده في بغداد امس، بعد لقائه مدير الوكالة الأميركية للتنمية الدولية راندال توبايس، ان رئيس الحكومة الجديدة «مصر على تطبيق سياسة التطهير في كافة مؤسسات الدولة وانه يحظى بدعمنا الكامل»، حسبما جاء في بيان تلقته «الشرق الاوسط» من المكتب الصحافي لرئاسة الجمهورية.

واضاف البيان ان طالباني «شدد على ضرورة ان تقوم الرقابة المالية بالإشراف على الجميع بمن فيهم رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء من دون استثناء احد». وتابع البيان انه بشأن موضوع الميليشيات، أكد الرئيس طالباني على ضرورة التفريق بين الميليشيات التي ناضلت ضد الدكتاتورية وقدمت العديد من الشهداء وبين تلك التي ظهرت حديثا، موضحا ان «الميليشيات التي ناضلت ضد الدكتاتورية لها الحق بالانخراط في الجيش والشرطة وحرس الحدود وحرس الأقاليم، أما الميليشيات التي ظهرت بعد ذلك فلها الحق ان يعمل أفرادها بالوظائف الإدارية وليس العمل العسكري».

وردا على سؤال بخصوص عملية اجتثاث البعث التي يطالب نواب سنة باعادة النظر فيها، قال الرئيس العراقي «كان رأيي منذ البداية ان يطال الاجتثاث الصداميين وقلت ان هناك بعثين (اثنين)»، واوضح «النمط الأول من البعثيين كان في سورية، تعاون في حينه مع المعارضة العراقية وبالتالي فان هؤلاء يجب ألا يطالهم أي عقاب وينبغي ان يميزوا عن الصداميين»، مضيفا انه «يوجد من اجبر على الانتماء لحزب البعث وهم بذلك ليسوا بعثيين حقيقيين»، وقال ايضا «لا نسمح بإرجاع البعثيين الصداميين إلى الجيش والشرطة لأنهم اعتادوا على الانقلابات». وأضاف ان من الممكن اعادة البعثيين غير الصداميين إلى المؤسسات الصحية والتعليمية. واستثنى طالباني «البعثيين الصداميين» من عملية المصالحة الوطنية قائلاً «لا يمكن المساومة مع هؤلاء وسياستنا واضحة تجاههم». ودعا طالباني المنخرطين في الأعمال المسلحة للانضمام إلى العملية السياسية بقوله «لم يبق أي مبرر لهؤلاء للاستمرار بالعنف لأن حكومتنا اليوم هي حكومة وحدة وطنية، لذا لا يوجد مبرر لوجود معارضة مسلحة». وعاتب طالباني الحكومات العربية لعدم ارسالها وفودا للتهنئة بتشكيل الحكومة الجديدة، مستثنيا الاردن الذي قال ان عاهله الملك عبد الله الثاني عرض ارسال رئيس وزرائه للتهنئة.

وقال الرئيس العراقي انه اتصل بالامين العام للجامعة العربية و«قلت للسيد عمرو موسى انه ليس من المعقول ان يأتي رئيس وزراء بريطانيا (توني بلير الذي زار بغداد الاسبوع الماضي) ووزير خارجية إيران (منوشهر متكي المقرر وصوله الى بغداد اليوم) إلى العراق للتهنئة بتشكيل الحكومة الجديدة والعرب يتخلفون». لكنه أشاد بالعاهل الاردني الملك عبد الله الثاني «الذي اتصل هاتفيا بنا واقترح إرسال رئيس وزرائه لتقديم التهنئة».

واكد الرئيس العراقي على «ضرورة ازدياد الاهتمام العربي بالعراق»، واعرب عن امله في مشاركة وزراء خارجية عرب في مؤتمر الوفاق الوطني العراقي المقرر عقده في العراق الشهر المقبل برعاية الجامعة العربية. واوضح طالباني انه بحث مع مدير الوكالة الأميركية للتنمية الدولية موضوع إعادة اعمار العراق.

من ناحيته اكد عبد العزيز الحكيم، رئيس المجلس الاعلى للثورة الاسلامية في العراق وزعيم لائحة الائتلاف العراقي الموحد (الشيعية) التي تشغل 130 مقعدا في البرلمان، امس على ضرورة ان يحظى المرشحون لتولي وزارتي الداخلية والدفاع بقبول جميع الاطراف المشاركة في الحكومة.

وقال الحكيم في مؤتمر صحافي مشترك مع الرئيس طالباني ورئيسي مجلسي الوزراء نوري المالكي والنواب محمود المشهداني «اشترطنا شرط المقبولية من قبل كل المكونات البرلمانية او المكونات التي اشتركت في تشكيل الحكومة العراقية»، حسبما نقلت وكالة الصحافة الفرنسية.

من جانبه، اكد المالكي ان مسألة اختيار وزيري الداخلية والدفاع «ستحسم خلال المدة المحددة لنا» التي تنتهي غدا، مشيرا الى ان «هناك اسماء لا يمكن التحدث عنها الا بعد ان يتم حسمها».

من ناحية اخرى قالت جبهة الحوار الوطني العراقية التي يترأسها النائب صالح المطلك (11 مقعدا في البرلمان) في رسالة وجهتها الى رئاسة مجلس النواب قبل ايام ووزعت نسخ منها امس على اجهزة الاعلام «ان ما حدث في جلسة مجلس النواب، والتي تم من خلالها منح حكومة نوري المالكي ثقة المجلس، كان له الأثر الكبير في خلق أجواء من عدم الثقة، ودفع الأمور إلى الانفجار والتصادم بين القوى المشاركة في العملية السياسية».

وكان اعضاء الكتلة ونواب اخرون قد انسحبوا من تلك الجلسة احتجاجا على ما اعتبروها خروقات.

واعتبرت الرسالة «ان ما جرى في الجلسة كان حالة تمرير وتواطؤ مسبق يثير أكثر من تساؤل وعلامة استفهام». وأوضحت ان جلسة البرلمان شهدت خروقات مثل «عدم عد الأسماء بالشكل الصحيح للحضور ولا للمصوتين على الوزراء انفراديا كما نص الدستور ولا على الحكومة بمجملها أيضا، وانها لم تفسح المجال لبعض الاعضاء الذين ارادوا التحدث في الجلسة».

وكان المطلك قد قال في تلك الجلسة ان وفدا من الائتلاف العراقي الموحد (الشيعي المكلف تشكيل الحكومة) التقاه قبل يوم من الجلسة وطلب منه التخلي عن خطابه السياسي كشرط للاشتراك في الحكومة، وهو طلب قال عنه المطلك انه «يمثل ثمنا غاليا نحن غير مستعدين لتقديمه».

وطالبت الكتلة البرلمانية في الرسالة بأن تتوقف الحكومة عن ممارسة اعمالها لحين الرد على الاسئلة الطاعنة في نظامية الجلسة، وقالت انها قدمت لائحة اعتراضية امام المحكمة الاتحادية نطعن فيها بدستورية هذه الجلسة وبكل ما حصل». واضافت «ولحين أن تفصل المحكمة الاتحادية بهذا الطعن فاننا نطالب بايقاف أي اجراء وعدم مباشرة أعضاء الحكومة مهامهم لحين الفصل في هذا الطعن».

وانتقدت الرسالة رئيس البرلمان العراقي محمود المشهداني لدوره في «تبسيط الامور وتمريرها بهذه الصورة... وهو ما كان شيئا له وقع الصدمة على الاعضاء والقوى المؤتلفة في البرلمان».