نجاد يؤكد أن بلاده غيرت المعادلة العالمية ويتهم «الأعداء» بتأجيج التوترات العرقية

تقرير بريطاني: إجماع دولي على أن تسلح إيران النووي «شبه مؤكد»

TT

على الرغم من توارد تقارير عن رغبة ايران في التحاور مع الدول الغربية لانهاء الأزمة الراهنة حول برنامجها النووي، الا ان الرئيس الايراني محمود احمدي نجاد صرح بأنه «مع النجاح الذي تحقق في مجال التكنولوجيا النووية، تغيرت المعادلة العالمية واصبحت دولتنا قوة نافذة». وتأتي تصريحات احمدي نجاد بينما ازدادت المساعي الدولية للاتفاق على كيفية التعاون مع الملف النووي الايراني، حيث اعلن امس عن ارسال موسكو رئيس مجلس الأمن الروسي ايغور ايفانوف الى طهران، في محاولة للتوصل الى حل لهذه الازمة. وتزامن ذلك مع نشر تقرير دولي أظهر أن «هناك توافقا دوليا على ان تسلح ايران نوويا اصبح شبه مؤكد».

واتهم احمدي نجاد «اعداء» ايران بمحاولة تأجيج توتر إثني، بهدف التصدي للبرنامج النووي الايراني. ونقل التلفزيون الحكومي عن احمدي نجاد قوله أمس انه «من الطبيعي ان يتآمر الاعداء، ولكن الايرانيين لطالما كانوا عائلة كبيرة ولطالما فشلت مؤامرات الاعداء». وجاءت تصريحات الرئيس الايراني بعد مظاهرات نظمها اذريون في تبريز (شمال غرب)، احتجاجاً على رسم كاريكاتوري اعتبروه مهيناً لهم.

وكان المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية محمد البرادعي قد اعلن اول من أمس ان ايران مستعدة للتخلي عن تخصيب اليورانيوم على اراضيها لسنوات عدة في اطار اتفاق لتهدئة المخاوف الغربية بشأن برنامجها النووي. الا ان البرادعي أوضح في واشنطن الاربعاء، انه لا يزال يجري البحث في نشاطات الابحاث النووية التي تقوم بها طهران. وشددت ايران مراراً على حقها في تخصيب اليورانيوم على ارضها، الا ان البرادعي لمح الى ان موقف ايران اصبح اكثر مرونة. وقال البرادعي: «حسب علمي وافق الايرانيون من ناحية المبدأ انه لعدة سنوات يجب أن تتم عمليات تخصيب اليورانيوم في اطار شراكة دولية خارج ايران».

 ولفت البرادعي الى انه «لا تزال هناك مسألة قيام ايران بعمليات البحث والتطوير فيما يتعلق بالتخصيب، وهذه مسألة لا تزال خاضعة للنقاش». وقال البرادعي، الذي التقى الاسبوع الماضي المسؤول عن الملف النووي الايراني علي لاريجاني، انه اطلع رايس على موقف طهران «المختلف بعض الشيء عن الموقف الاميركي». ولم يتوصل ممثلو الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي (الولايات المتحدة والصين وروسيا وبريطانيا وفرنسا) والمانيا، خلال اجتماعهم أول من أمس في لندن الى توافق حول اقتراحات باجراءات تحفيزية وعقوبات اقتصادية لدفع ايران الى وقف تخصيب اليورانيوم، الذي يخشى الغرب من استخدامه لاهداف عسكرية. واعلنت كوندوليزا رايس أمس، ان «اجتماع لندن حقق تقدماً ملموساً»، لكن المحادثات ستستمر على المستوى الوزاري، بسبب عدم التوصل الى اتفاق نهائي. ومن جهته، أكد رئيس الوزراء البريطاني، عدم رغبة بلاده في التصادم مع إيران. ووزع مكتب بلير بيانا أمس فيه تفاصيل مقابلة أجراها مع قناة «الجزيرة»، قال فيها: «لا نريد صراعا مع إيران، فلدينا ما يكفينا»، في إشارة الى انتشار قوات بريطانية في العراق وافغانستان. وأضاف: «لا أحد يستهدف إيران». إلا ان بلير أصر على ضرورة انصياع ايران لمطالب مجلس الامن لها بالتخلي عن تخصيب اليورانيوم.

ولم تدل السلطات الايرانية بأي تعليق اثر انتهاء اجتماع لندن، لكن المسؤولين الايرانيين أبدوا استعدادهم لخوض حوار مع الغرب حول المسألة النووية من دون شروط. وكان الناطق باسم وزارة الخارجية الايرانية حميد رضا آصفي قد قال: «نعتقد ان مفاوضات من دون شروط مسبقة تشكل الحل الافضل ونحن نرحب بهذا الامر ومستعدون له».

وترفض روسيا فرض عقوبات اقتصادية على طهران، ومن المتوقع ان يسعى وزير خارجيتها ايغور ايفانوف الى التوصل الى حل وسط لحل الازمة الدائرة على البرنامج النووي الايراني. وافادت تقارير اخبارية روسية، ان رئيس مجلس الأمن الروسي سيتوجه الى طهران خلال الايام المقبلة لمناقشة الملف النووي الايراني. ومن المتوقع ان يبحث الجانبان اقتراحا روسيا لتخصيب اليورانيوم الايراني على الاراضي الروسية لتبديد المخاوف الغربية من استخدام ايران لليورانيوم لاغراض عسكرية.

ومن جهة اخرى، وصل نائب الرئيس الايراني برويز داودي الى باكستان امس للتشاور مع المسؤولين في اسلام اباد حول الملف النووي الايراني. وقالت الناطقة باسم الخارجية الباكستانية تاسنيم اسلام، انه من المقرر ان يلتقي داودي ووزير الخارجية الايراني منوشهر متقي بالرئيس الباكستاني برويز مشرف ورئيس وزرائه شوكت عزيز. ومن انقرة، قال وزير الخارجية الكويتي الشيخ محمد الصباح، ان بلاده تأمل في حل «سلمي ودبلوماسي» للأزمة الايرانية، مشدداً على حق ايران في تطوير الطاقة النووية لاغراض سلمية. وأضاف الشيخ محمد اثناء زيارته الى تركيا لتطوير العلاقة التجارية بين البلدين ان «هناك تهديدا من مشاكل نووية تؤدي الى التلوث النووي»، مطالباً ايران بالتعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية لتجنب ذلك.

وفي الدوحة، نفى وزير الخارجية القطري الشيخ حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني، أن يكون مجلس التعاون الخليجي في وارد ممارسة ضغوط على طهران لتتخلى عن برنامجها النووي، مشيراً الى أن البحث مستمر عن مبادرة دبلوماسية. وقال الوزير القطري، إثر محادثات مع نظيره الألماني فرانك فالتر شتاينماير: «لا توجد مبادرة خليجية بمعنى المبادرة، ولكننا نشجع الأطراف للوصول إلى حل دبلوماسي لهذا الموضوع». وأضاف أن «الحل الأمثل يتمثل في أن يكون لدول مجلس التعاون رأي واضح في الموضوع النووي الإيراني، لأنها أول من يواجه المشكلة في المنطقة». وتابع الوزير القطري: «لا تتوفر لدينا معلومات كافية حتى نحكم على إيران. ونسعى إلى أن تكون منطقة الشرق الأوسط كلها خالية من أسلحة الدمار الشامل، سواء في الخليج والشرق الأوسط أو إسرائيل».

وعلى صعيد آخر، نقلت مصادر روسية عن سيرغي كيريينكو رئيس الوكالة الفيدرالية للطاقة النووية تصريحه حول تقارب المواقف المبدئية لكل من روسيا والولايات المتحدة تجاه سبل حل المشاكل المتعلقة بالملف النووي الايراني. واذ اشار كيريينكو الى حق ايران في تطوير الطاقة النووية السلمية، في نفس الوقت الذي يملك فيه المجتمع الدولي حق ضمان عدم انتشار اسلحة الدمار الشامل.

ومن جهة أخرى، قال المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية (أي أي اس اس)، ان هناك توافقاً دولياً في الاراء على ان ايران ستطور لا محالة سلاحاً نووياً. وأصدر المعهد الدولي، ومقره لندن، تقريره السنوي اول من أمس بعنوان «التوازن العسكري»، حيث قال المدير العام للمعهد الدولي جون تشيبمان: «هناك تزايد في توافق الاراء على ان القدرة النووية الايرانية حتمية تقريباً وان ذلك بالقطع شيء سيئ».