مقاتلات حزب العمال الكردستاني يعشن حياة الرجال في الجبال الوعرة

إحداهن: الاعتقالات اليومية لأمهاتنا وآبائنا وإخواننا أرغمتنا على حمل السلاح

TT

جبل قنديل (كردستان العراق) ـ أ.ف. ب: يلفت انتباه زائر المنطقة، التي تتمركز فيها عناصر حزب العمال الكردستاني التركي المحظور في جبل قنديل على الحدود العراقية ـ الايرانية، منظر نساء شابات بالملابس الكردية الرجالية، وهن يحملن السلاح جنبا الى جنب مع الرجال.

تقول زاخو زاغروس (33 عاما)، التي تشغل منصب نائبة الرئيس التنفيذي لحزب العمال الكردستاني مراد قريالان «نحن لم نحمل السلاح طوعا، وانما اجبرنا على ذلك بعد ان شاهدنا اعتقالات يومية تطال امهاتنا واباءنا واخواننا، والحكومة التركية تشن حربا شعواء ضدنا لا تفرق بين طفل او أمرأة او شيخ». وتضيف «نحن ندافع عن انفسنا ونحاول ان نبني حياتنا بأنفسنا من جديد».

وتعتبر زاغروس، التي قضت معظم ايام شبابها في تنظيمات حزب العمال الكردستاني، وجودها مع هؤلاء الرجال على قمم الجبال «رد فعل طبيعيا لما يمارس ضدنا من قبل القوات التركية»، وتفتخر بأنها تعيش فوق هذه الجبال، وتقول «نحن سعداء لاننا نعيش ونفكر بشكل مستقل في هذه الجبال، وهذا شيء لا تتمتع به كل نساء الشرق الاوسط في الوقت الحالي». وترى ان «الحياة كلها صعوبات ورغم صعوبة الحياة هنا في الجبال الوعرة الا اننا تعودنا وتيرتها».

من جانبها، تقول باران (22 عاما)، التي جاءت من تركيا قبل اكثر من ثمانية اعوام «لا نريد ان نحمل السلاح وان نبقى فوق قمم هذه الجبال، ولكن الاضطهاد والقتل الذي يمارس ضد شعبنا هو الذي دفعنا لان نسلك هذا الطريق». واضافت «هدفنا هو تحرير شعبنا ونحن مستعدون لتنفيذ اي واجب يسند الينا، ومستعدون للتضحية بحياتنا من اجل شعبنا الكردي المضطهد». وتابعت «جئت من اجل كل الامهات والاباء، ولكي اخفف الضغوط السياسية التي تمارس ضدهم، ولم يكن امامي اي خيار اخر سوى التوجه الى هذا المكان».

ولا تستطيع باران، التي لم ترغب باعطاء اسمها الكامل، ان تخفي حنينها واشتياقها لعائلتها، التي لم ترها منذ اكثر من ثمانية اعوام، وتقول «سأكون كاذبة ان قلت إنني لا اشتاق اليهم ولا اشعر بالحنين الى الاهل والوطن، لكن هذا هو الواقع الذي نعيشه اليوم ويجب القبول به».

وتقلل زميلتها، التي اطلقت على نفسها اسم درسيم (32 عاما)، من وطأة قساوة الحياة في قمم الجبال، وتقول «نحن هنا لا نشعر بأننا معزولون عن العالم، بل على العكس تماما فنحن نحس بأننا بين شعبنا ونناضل من اجلهم ومن اجل حريتهم وحريتنا».

وتقول نشبير (33 عاما)، التي انضمت، بحسب قولها الى تنظيمات حزب العمال الكردستاني منذ عام 1992 انها تحارب من «اجل تحقيق العدالة والمساواة وحقوق الانسان». وتضيف انا «مسرورة لوجودي هنا ولا ارغب في قتل اي انسان، لان المرأة بطبيعتها عاطفية وحساسة ولا تحب القتل (....)، ولكن نحن مضطرات الى سلوك هذا الطريق، لاننا نحارب من اجل قضية مقدسة ومن اجل تحقيق العدالة». وتطلب انقرة منذ مدة طويلة من الولايات المتحدة طرد مقاتلي حزب العمال الكردستاني المتمركزين في العراق، لا سيما ان الولايات المتحدة واوروبا تصنفان الحزب ومقاتليه الخمسة الاف كمنظمة ارهابية.

ولم يتجاوب الاميركيون مع الطلب التركي. وتشير الادارة الاميركية الى ان جيشها منشغل بالاحداث الدائرة في اماكن اخرى من العراق.

واوقع النزاع الكردي في تركيا اكثر من 37 الف قتيل، منذ بدء تمرد حزب العمال الكردستاني عام 1984.

واعلن الجيش التركي في الثاني من الشهر الحالي، انه يحتفظ لنفسه بحق دخول العراق لملاحقة المتمردين الاكراد، الذين اقاموا فيه قواعد، لكنه نفى ان تكون مثل هذه العمليات حاصلة حاليا.

وقتل 20 عنصرا على الاقل من القوات الامنية التركية منذ مطلع السنة في مواجهات مع حزب العمال الكردستاني او في انفجار الغام زرعها المتمردون. كما خسر حزب العمال الكردستاني من جهته ما لا يقل عن 53 من عناصره.