الصومال: «المحاكم الشرعية» تعزز قبضتها على مقديشو وتطرد الميليشيات المدعومة من أميركا

100 قتيل وجريح ورئيس الحكومة الانتقالية يصل نيروبي فجأة والرئيس الانتقالي يعتزم زيارة ليبيا

TT

شهدت العاصمة الصومالية مقديشو أمس، أحد أسوأ مشاهد العنف بين مليشيات المحاكم الشرعية ومليشيات مجلس مكافحة الإرهاب الذي يضم أمراء حرب مدعومين من الولايات المتحدة، مما أسفر عن سقوط أكثر من مائة ضحية ما بين قتيل وجريح في الاشتباكات التي امتدت من الضاحية الشمالية إلى معظم أرجاء العاصمة.

وتبادلت مصادر مسؤولة في الطرفين المتحاربين، في تصريحات هاتفية لـ«الشرق الأوسط»، الاتهامات بالمسؤولية عن هذه الأعمال التي تعد الأعنف من نوعها التي تشهدها مقديشو منذ سنوات، استخدمت فيها كافة أنواع الأسلحة الثقيلة وقذائف الهاون والصواريخ المضادة للطائرات والدبابات.

وأفادت عدة روايات من سكان محليين، أن الحرائق تشتعل في عدة مناطق جنوب وغرب مقديشو، بينما بدأ الآلاف من سكان العاصمة مغادرتها هربا من جحيم المعارك الدائرة.

وقال مسؤول في الحكومة الانتقالية لـ«الشرق الأوسط»، إن ما يحدث جريمة كبرى تتطلب تدخلا سريعا من المجتمع الدولي، مضيفا ان مقديشو تحترق وثمة العشرات من البيوت والمحلات قد تهدمت، إما بفعل القصف الصاروخي والمدفعي المتبادل أو بفعل الحرائق.

وأشار إلى أن حجم الكارثة الإنسانية الناجمة عن هذه الأحداث يتفاقم بسبب ضعف الإمكانيات الصحية والطبية المتوفرة في معظم ما تبقى من مستشفيات مقديشو وعياداتها الخاصة.

ووفقا لعدة مصادر، فان اشتباكات الأمس أسفرت عن مصرع 45 شخصا معظمهم من المدنيين العزل وإصابة 65 آخرين بعضهم إصاباتهم خطيرة وبالغة.

وغلبت أصوات هذه الاشتباكات على اتصال هاتفي أجرته أمس «الشرق الأوسط» مع الشيخ شريف احمد رئيس المحاكم الإسلامية الذي قال، إن ميلشياته تمكنت من صد ما وصفه بهجوم على عدة محاور شنته مليشيات مجلس مكافحة الإرهاب الذي يضم خمسة من الوزراء المنشقين على الحكومة الانتقالية وعدد من أمراء الحرب.

وقال شريف لقد حدث ما توقعته لكم واتسع نطاق هذه الأعمال انهم يضربون بكل قوة وعبر عدة مناطق، استمع الى هذه الأصوات العنيفة باتت اللحن اليومي للصوماليين، هذه مأساة وعبث. لمصلحة من يحدث ما يحدث ؟

وأكد أن المحاكم الشرعية، التي تهيمن أساسا على نحو 80% على الأقل من ضواحي مقديشو، قد عززت أمس هذه السيطرة باحتلال مواقع استراتيجية مهمة مثل منطقة الكيلو أربعة التي تعد أحد أهم المحاور الرئيسية لمقديشو بالإضافة إلى المنقطة التي يوجد فيها فندق الصحافي الذي طالما اعتبره أمراء الحرب رمزا حيويا لتواجدهم في المدينة.

وقال شريف لقد طردنا قوات الطرف الآخر وألحقنا بهم هزيمة كبيرة وغنمنا الكثير من ذخيرتهم وعتادهم الحربي كما أطلقنا عددا من أسراهم لأسباب اجتماعية.

ودعا شريف الدول الأعضاء في الجامعة العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي إلى التدخل السريع، للحيلولة دون تفاقم الأوضاع الأمنية المتدهورة أساسا في محيط العاصمة مقديشو.

والتزمت السلطة الانتقالية في الصومال الصمت حيال هذه الاشتباكات التي تأتي بعد توقف دام عشرة أيام عن أحداث مماثلة أسفرت مطلع الشهر الجاري عن مصرع وإصابة ما لا يقل عن 450 شخصا.

وندد السفير فرانسوا فال، المبعوث الخاص لكوفي عنان الأمين العام للأمم المتحدة إلى الصومال، باستئناف أعمال العنف الدامية وأعرب عن انزعاجه الشديد حول خسائر المدنيين وإضاعة فرصة تحقيق المصالحة الوطنية.

وقال فال، في بيان تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه، إن الصومال بالفعل في حالة حرب ضد الفقر والطبيعة في مجال لا يمكن إغفاله وآخر شيء يحتاجه زعماء هذا البلد هو أن يتقاتلوا مع بعضهم البعض.

وناشد أمراء الحرب في مقديشو، ومن بينهم وزراء منشقون في حكومة جيدي، وضع أسلحتهم جانبا والانضمام إلى العملية السياسية في بيداوة من أجل صالح الأمة، على حد تعبيره.

في المقابل لم يصدر من الرئيس الانتقالي عبد الله يوسف الموجود حاليا في مدينة بيداوة الجنوبية أي رد فعل رسمي على ما يجري في مقديشو، بينما قال بعض مساعديه إنه قد يتوجه مجددا إلى ليبيا خلال اليومين المقبلين في زيارة هي الثانية من نوعها خلال أقل من شهرين لإجراء محادثات مهمة مع الزعيم الليبي العقيد معمر القذافي حول تطورات الوضع العسكري في العاصمة وما تحتاجه حكومته لإنهاء الفوضى السياسية والأمنية العارمة هناك. وبينما كان يفترض برئيس الحكومة الانتقالية علي محمد جيدي أن يصدر أمس قرارا رسميا بإعلان طرد أربعة من الوزراء المشنقين على حكومته بسبب دورهم في معارك مقديشو ورفضهم الانصياع إلى رغبته في انضمامهم إلى مقر حكومته المؤقت في بيداوة، فقد توجه جيدي على عجل وبشكل مفاجئ إلى العاصمة الكينية نيروبي في زيارة لم يسبق الإعلان عنها من قبل.

وتعذر أمس الاتصال هاتفيا بجيدي، بينما قال أحد مساعديه لـ«الشرق الأوسط»، إنه يقوم بزيارة خاصة إلى كينيا للقاء أسرته في عطلة الأسبوع وأنه يرغب في تفادي أي مقابلات صحافية على علاقة بالوضع الراهن في الصومال.

لكن مصادر أخرى شككت في طبيعة زيارة جيدي لنيروبي في الوقت الراهن وتساءلت عن مبررات إقدام رئيس الوزراء بزيارة خارجية، فيما الوضع السياسي والأمني في البلاد متوتر للغاية.