خبير دولي لـ«الشرق الأوسط»: لا مخاوف من انتشار عدوى إنفلونزا الطيور بين البشر

علماء يؤكدون عدم وجود دليل على تحور الفيروس الذي أودى بحياة 7 من أفراد أسرة إندونيسية

TT

ما زال العلماء وخبراء الصحة حول العالم حائرين في تفسير حالات وفاة «جماعية» لافراد من عائلة اندونيسية بعد اصابتهم بفيروس انفلونزا الطيور رغم عدم تربيتهم لها وسكناهم في قرية لم يرصد المرض بين دواجنها.

وأكد المتحدث باسم منظمة الصحة الدولية ديك تومسون في اتصال هاتفي اجرته «الشرق الأوسط» بموقعه الميداني في اندونيسيا أمس، ان التحليلات المستخلصة من ضحايا فيروس انفلونزا الطيور الذي اودى بحياة 7 من افراد عائلة اندونيسية واحدة أمس، اثبتت انه كان من نوع «اتش5 ان1» نفسه الذي يصيب الطيور، واضاف ان الفيروس لم يتحور الى أي نوع من الانفلونزا البشرية او الحيوانية التي يمكنها عدوى الانسان بسرعة كبيرة والتحول الى وباء قاتل يصيب الملايين.

وقال تومسون «ان عمليات العزل والمتابعة الصحية تجري على قدم وساق في قرية كوبو سيبميلانغ في منطقة كارو شمال جزيرة سومطرة الاندونيسية، اذ تقوم اعداد كبيرة من العاملين الصحيين بعزل ومراقبة حالة 33 شخصا مقيما فيها وضعوا في الحجر الصحي من بينهم اقارب الأسرة، وكذلك الاشخاص الذين كانوا على اتصال بالضحايا الذين توفوا الشهر الماضي. وقد ارسلت المنظمة وفدا من 10 اشخاص نحو القرية، التي تعيش فيها الاسرة.

واكد تومسون انه لم تسجل أي حالات اصابة جديدة، واشار الى ان التركيز يجري حاليا على رصد الاشخاص الذين كانوا على اتصال بـ«هذه المجموعة من الضحايا». وكانت المنظمة قد وصفت هلاك الاسرة الاندونيسية بأنه اهم تطور حتى الان في انتشار الفيروس وأعربت عن قلقها ازاء حجم ومصدر الاصابات التي لم تشهدها أي منطقة من مناطق العالم من قبل، خصوصا وان مصدر الاصابة ظل مجهولا. وسئل تومسون عن مصدر الاصابة، فقال «ان الاجابة تظل محيرة رغم ان الخبراء يبحثون عن حلقة مفقودة، وهم يعتقدون الآن، احتمال ان يكون طيرا مصابا بالفيروس أدى التلامس معه او مع نفاياته الى الاصابة البشرية بالمرض». واضاف ان المصابين كانوا قريبين من مصدر الفيروس الذي ظل يحوم حولهم لفترة طويلة، وان احد الضحايا كان أبا اصيب بالفيروس من ابنه. ويشير بعض الخبراء الى ان عددا من الضحايا ربما كانوا قد اصيبوا بالمرض لدى بيع منتجاتهم في السوق.

ويتخوف العلماء من ان يكون الفيروس قد اشتد بحيث اصبح بإمكانه الآن الانتقال على شكل «سلسلة احادية»، أي الانتقال من شخص مصاب الى آخر، ثم الانتقال من المصاب الثاني الى شخص ثالث، وهكذا. وان حدث ذلك بالفعل فان هذه السلسلة هي الاطول من نوعها التي تحدث حتى الآن اذ لم تسجل حالات غير مؤكدة لإصابة من انسان الى آخر، سوى من فرد واحد قريب من شخص مصاب.

ويفترض ان تكون اول ضحية له قد توفيت متأثرة به ودفنت قبل ان تتمكن السلطات من رصد الفيروس لديها. واشارت النتائج الاولية للفحوصات الى أن ثلاثا من حالات الاصابة المؤكدة أمضوا ليلة 29 ابريل الماضي في غرفة صغيرة مع الحالة الاولى في وقت كانت تظهر عليها الاعراض وتسعل باستمرار.

ويؤكد حديث تومسون ما اعلنته المنظمة اول من امس، ان التحليلات لم تظهر أي دليل على تحول جيني للفيروس الى نوع من فيروسات الانفلونزا البشرية او انفلونزا الخنازير، كما لا يوجد دليل على حدوث تحور واضح فيه، وان الفيروسات التي اصابت الاشخاص في هذه المجموعة جاءت مماثلة للفيروسات التي رصدت في الطيور الداجنة في شمال سومطرة خلال ذروة انتشار سابقة له.

والطيور الداجنة المصابة هي مصدر الاصابات بسلالة «اتش5 ان1» في اغلب حالات الاصابة بين البشر في مختلف ارجاء العالم. ويمكن ان يصيب الفيروس الخنازير كذلك. ورصدت حالات إصابة البشر به إما أثناء التعامل مع الطيور المصابة الميتة أو أثناء الذبح وتنظيف الطائر وإعداده للطهي، أي النيىء منها. لأن إفرازات الطائر وفضلاته تعرض الإنسان لاستنشاق الفيروس أو التصاقه بالأيدي ومن ثم الى أنف الإنسان.

ويعتقد العلماء باحتمال انتقال الفيروس من شخص لآخر عبر اتصال وثيق جدا، مثل انتقاله من شخص مصاب يسعل بشدة مثلا، الى قريب له ينام معه في نفس السرير. وهلك بفيروس انفلونزا الطيور 124 شخصا حتى الآن في تسع دول 33 منهم في اندونيسيا.

وقد أظهر بحث علمي معمق اجراه علماء في جامعة اوكسفورد البريطانية العام الماضي، ان فيروس انفلونزا الطيور يمكن ان يصيب أي جزء من اجزاء الجسم وليس الرئتين فقط.

ويوجد الفيروس في براز الطيور الذي يجف ثم تتطاير دقائقه في الهواء، ويصيب الأحياء الاخرى لدى استنشاقه. وتروج نظريات مفادها ان تلوث الريش بالبراز قد يؤدي ايضا الى انتقال الفيروس نحو بلدان بعيدة عند التجارة به.