زلزال يدمر العاصمة الملكية التاريخية لإندونيسيا ويسوي البيوت بالأرض

أكثر من 3 آلاف قتيل و12 ألف جريح و200 ألف نازح

TT

تسبب الزلزال القوي الذي ضرب مدينة يوجياكارتا، العاصمة الملكية التاريخية لاندونيسيا، صباح امس، في مقتل اكثر من 3 آلاف شخص ونحو 200 ألف نازح وتدمير الكثير من المنازل والمباني الحكومية قرب مواقع أثرية بالمنطقة.

وبعد نهار طويل حاولوا بصعوبة امتصاص صدمة الكارثة خلاله، استعد الآلاف من سكان جزيرة جاوة الاندونيسية الليلة الماضية لقضاء الليل خارج منازلهم المهدمة أو في ساحات المساجد والكنائس والمدارس. وقال تجوت ناريمان الذي يعيش على مشارف يوجياكارتا: «المكان مظلم وموحش، ونحن مضطرون لاستخدام الشموع والجلوس في الخارج الآن. نحن خائفون للغاية ولا نستطيع النوم بالداخل. الاذاعة تقول باستمرار انه سيكون هناك مزيد من الزلازل. ما زلنا نشعر بالهزات».

وضرب الزلزال الذي بلغت قوته 6.2 درجة على مقياس ريختر بعد الفجر بقليل، وهو ثالث زلزال كبير ينشر الدمار في اكبر بلد مسلم من حيث تعداد السكان، خلال 18 شهرا. وكان أسوأها الزلزال الذي وقع عام 2004 ونتجت عنه موجة المد البحري (تسونامي) التي تسببت في مقتل نحو 170 ألف شخص حول اقليم أتشيه الاندونيسي. وحتى مساء امس، كان الكثير من الجثث لا يزال مطمورا تحت الانقاض فيما تكافح السلطات الاندونيسية لتوصيل المساعدات الى المنطقة المدمرة، فيما عرضت عدة دول تقديم المساعدات.

ونقلت وكالة «رويترز» عن سرميجي، 44 عاما، الذي جلس مع زوجته وثلاثة أطفال خارج منزلهم المهدم بقرية كيمبانج سونجو قوله انه لم يتلق أي مساعدة «حتى الآن». وأضاف: «كل شيء تهدم هنا، منزلي تحول الى أنقاض، كل المنازل تحولت الى انقاض. لي جار قتل جميع أفراد أسرته الـ11، في الحال».

وبالقرب من منزل سرميجي المنهار بدت عدة جثث بين الانقاض. وجلس مئات القرويين خارج المنازل المهدمة شاردين يتابعون مشاهد الدمار بذهول. وقطعت خطوط الكهرباء والهاتف في مناطق كثيرة. وقال سوبار المسؤول بهيئة التنسيق الوطنية ضد الكوارث في جاكارتا: «سنرسل امدادات الى المناطق المتضررة، مثل الأغذية والملابس والأغطية والخيام ومولدات الكهرباء».

وكان مركز الزلزال الذي ضرب المنطقة قبل دقائق من الساعة السادسة صباحا بالتوقيت المحلي في البحر. وأحدث الزلزال حالة ذعر واسعة النطاق، اذ خشي الكثيرون من أن تتبع الزلزال موجة مد عاتية. وفر العشرات من منازلهم على الساحل الى مناطق مرتفعة. لكن لم يحدث في نهاية المطاف مد، الا ان حالة الذعر استمرت حتى بعد حلول الليل. وقال تجوت ناريمان: «الأمر غير المعقول، الناس يتحدثون عن موجة مد عاتية، ويقولون إن المياه تزحف نحوهم. الناس الذين يعيشون في منطقة بركان ميرابي نزلوا أيضا بسبب شائعات عن تجدد ثورة البركان».

من جانبها، اعلنت المنظمة الدولية للصليب الأحمر ان الزلزال تسبب في تهجير 200 الف شخص. وقالت ليليس الطبيبة في الصليب الأحمر الاندونيسي «انه مجرد تقدير. فالكثيرون يخشون العودة الى منازلهم خوفا من وقوع زلزال ثان». وأضافت الطبيبة ان الاتحاد الدولي للصليب الأحمر والهلال الأحمر يستعد لتوجيه نداء لجمع مساعدات إنسانية لمائتي ألف منكوب.

بدوره، قدر كارلوس افونسو، منسق مكتب المساعدة الانسانية التابع للمفوضية الاوروبية في جاكارتا، ان يكون الزلزال قد تسبب في اصابة اكثر من 12500 جريح وتدمير اكثر من اربعة آلاف منزل.

وتقع يوجياكارتا في جزيرة جاوة الرئيسية في اندونيسيا وبالقرب من ميرابي، وهو جبل بركاني اعلنت حالة التأهب القصوى في المنطقة المحيطة به بسبب توقع ثورته هذا الشهر. وقال خبير براكين في يوجياكارتا ان الزلزال لم يقع بسبب البركان لكن نشاط ميرابي زاد بعد الهزة الارضية. وقال كريسدان الذي يعيش قرب منطقة البركان انه عندما حدث الزلزال «كنت أقوم بتنظيف المنزل وفجأة حدثت هزة شديدة واصوات رعد، فجرينا للخارج».

وتقع مدينة يوجياكارتا على مسافة 25 كيلومترا شمال ساحل المحيط الهندي ومسافة 440 كيلومترا شرق جاكارتا، وبها عدة معالم اثرية يقصدها السياح المحليون والاجانب. وقال سوباجيو المسؤول في مكتب الأرصاد في جاكارتا انه تم تسجيل 45 هزة تابعة على الاقل. وأضاف: «كانت أربع هزات قوية. فر الناس الذين بقوا مذعورين من الزلزال الأول من منازلهم».

وتقع اندونيسيا على ما يسمى «بحزام النار» في منطقة آسيا والمحيط الهادي الذي يشتهر بكثرة الثورات البركانية والنشاط الزلزالي.

وقال وزير النقل حاتا راجاسا ان مطار يوجياكارتا أغلق بسبب الأضرار التي لحقت بالممر. وقال الرئيس سوسيلو بامبانج يودويونو الذي زار منطقة بانتول التي تضررت بشدة من الزلزال لتفقد الأضرار هناك «لتكن الاولوية في تقديم العلاج والدواء وخاصة هؤلاء الذين يعانون من جروح خطيرة .. والاجلاء والجنازات».