مجلس التعاون في يوبيله الفضي: 25 عاما من الإصرار على الدبلوماسية رغم الحروب والتوترات

حقق العديد من المنجزات على صعيد العمل المشترك.. ولعب دورا فاعلا من موقعه كعامل مؤثر في منطقة الشرق الأوسط

TT

احتفلت دول مجلس التعاون الخليجي الـ6، أمس، بمرور 25 عاما على تأسيس وانطلاق أعمال المجلس، في الوقت الذي لا تزال المنطقة الخليجية تعيش في حالة من التوتر، نتيجة الأوضاع الإقليمية المحيطة بها، بدءا من حالة عدم الاستقرار التي يعيشها العراق، مرورا بالأعمال الإرهابية التي ضربت بعض الدول الخليجية، وانتهاء بالأزمة النووية الإيرانية، والتي تقف دول الخليج منها موقف الداعي إلى التهدئة والتسوية الدبلوماسية لهذا الملف، والذي بات يشكل مصدر قلق خليجي وعالمي. وبحلول الخميس أول من أمس دخل مجلس التعاون الخليجي عامه الـ26، منذ إنشائه في الخامس والعشرين من مايو(ايار) العام 1981، حيث شهد عام إطلاق الاتحاد الخليجي، أولى دورات المجلس، والتي عقدت في مدينة أبوظبي الإماراتية، عرفت في حينها بقمة التأسيس. وشكلت أزمة احتلال العراق للكويت في الثاني من أغسطس/ آب العام 1990، أبرز التحديات التي واجهت المجلس الخليجي منذ إنشائه، حيث قرر المجلس في دورته الحادية عشرة، والتي عقدت في دولة قطر وسط ظروف استثنائية، تكليف لجنة من وزراء الخارجية في الدول الأعضاء للقيام بجولات جماعية إلى الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن وبعض الدول العربية وغيرها من الدول ذات الأهمية لرفض العدوان وضمان تنفيذ قرارات الشرعية الدولية. كما استحوذت الحرب العراقية الإيرانية، على هامش كبير من جدول أعمال المجلس في أولى دوراته في أبو ظبي، وهي التي نشبت قبيل تأسيس المجلس الخليجي، غير أنها كانت محط اهتمام قادة الدول الخليجية في أول قممهم.

ودعت الدول الخليجية في أكثر من مناسبة، إيران، لإنهاء احتلال الجزر الإماراتية الثلاث، التي تحتلها طهران، عبر الطرق الدبلوماسية. وعلى صعيد العمل الخليجي المشترك، قامت الدول الخليجية بتوحيد الكثير من الأنظمة والقوانين في مجال الأمن والتعليم والصحة والتأمينات والتقاعد والتجارة والزراعة والصناعة والاستثمار وتداول الأسهم وتملك العقار والمجالين العدلي والقانوني. وخلال السنوات الخمس والعشرين الماضية من تاريخ المجلس، تعاقب على أمانته العديد من الشخصيات الخليجية البارزة، كان أولهم الكويتي عبد الله بن يعقوب بشارة، تلاه في ذلك الإماراتي فاهم القاسمي، فالسعودي جميل الحجيلان، ورابعهم القطري عبد الرحمن العطية أمين عام المجلس الحالي. ومن منطلق تخليد ذكرى قادة الدول الخليجيين الراحلين، والذين كانت لهم إسهامات كبيرة في تأسيس المجلس الخليجي ودعمه منذ إنشائه، أطلق على الدورة الخامسة والعشرين، التي استضافتها العاصمة البحرينية المنامة «قمة الشيخ زايد»، في حين أطلق على الدورة السادسة والعشرين، التي استضافتها العاصمة الإماراتية أبو ظبي «قمة الملك فهد». وعودة إلى أولى القمم الخليجية، التي عقدت في 25 مايو( ايار) 1981، واحتضنتها مدينة أبو ظبي، فقد شارك فيها قادة الدول الخليجية في حينه، وهم: العاهل السعودي الملك خالد بن عبد العزيز،و أمير دولة الكويت والشيخ جابر الأحمد الصباح، أمير قطر الشيخ خليفة آل ثاني، وأمير البحرين الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة، ورئيس الإمارات الشيخ زايد آل نهيان، والسلطان قابوس بن سعيد سلطان عمان. واستعرض عبد الرحمن العطية أمين عام المجلس الخليجي في تصريحات له بمناسبة احتفالية اليوبيل الفضي، منجازات مجلسه، والذي قال عن دوله، «إنها سعت منذ قيامه بالاهتمام لإقامة مؤسسات اقتصادية واجتماعية مشتركة»، لافتا إلى أن الدول الأعضاء خطت خطوات ملموسة نحو تحرير اقتصاداتها والاتجاه المباشر نحو الانفتاح فيما بينها ونحو العالم الخارجي وتحسين بيئاتها الاستثمارية حتى أصبحت اكثر جاذبية، على حد تعبيره.

وقال العطية «إنه تم انجاز العديد في مجال تحقيق المواطنة الخليجية بكل المجالات، مثل مساواة طلاب المجلس في الاستفادة من التعليم قبل الجامعي والمساواة في الحصول على الخدمات الصحية والعلاج المجاني ومد مظلة الحماية التأمينية لمواطني دول المجلس العاملين في أي دولة عضو والمساواة في تملك العقار والأسهم». وأشار أمين عام مجلس التعاون الخليجي، إلى أن الدول الأعضاء أقرت إقامة الاتحاد الجمركي وتم الغاء الضريبة الجمركية بين دول المجلس في عام 2003، حيث تسعى دول المجلس، وفقا للعطية، لتحقيق السوق الخليجية المشتركة في العام المقبل وتوحيد العملة بحلول عام 2010، موضحا أن الدول الخليجية، قامت بتوقيع اتفاقيات اطارية للتعاون الاقتصادي والفني والاستثماري، خلال الأعوام الأخيرة، مع كل من الصين والهند وباكستان وتركيا ومجموعة الميركوسور في أميركا الجنوبية. وتوقع العطية، أن يتم خلال هذا العام التوقيع على اتفاقية التجارة الحرة بين دول مجلس التعاون ودول الاتحاد الأوروبي التي قال عنها أنها تعد الشريك التجاري الأول لهم، لبناء شراكة استراتيجية بينهم تقوم على المبادئ والأهداف والمصالح المشتركة.

وشدد أمين عام المجلس، على ضرورة تأسيس شراكة استراتيجية مع الاتحاد الأوروبي والنهوض بها، لتشمل جميع المصالح المشتركة بين الجانبين بما في ذلك التصدي بمقدرة وشجاعة لحل القضايا الاقليمية في ضوء الشرعية الدولية والمصالح المشتركة وفي طليعتها القضية الفلسطينية والعراق والملف النووي الايراني.