.. عندها وجد الصحافيون أنفسهم محتجزين في لجنة الاستخبارات

انتهى احتياطي الكعك والإعلاميون نفدت أسئلتهم وجاءت الشرطة وطلبت من الجميع وضع أيديهم فوق رؤوسهم

TT

غالبا ما لا يسمح لوسائل الإعلام بالدخول لحضور اجتماعات لجنة الاستخبارات، التابعة لمجلس النواب الأميركي، إلا أن العكس حدث يوم أول من أمس عندما لم يسمح لممثلي بعض وسائل الإعلام بالخروج من اجتماع للجنة الاستخبارات. وكانت مجموعة من المحامين وخبراء الإعلام يدلون بإفاداتهم حول موضوع التسريبات الصحافية، عندما سلم واحد من الأعضاء رئيس اللجنة وعضو المجلس عن الحزب الجمهوري بيت هوكسترا، جهاز بلاكبيري. ألقى هوكسترا نظرة سريعة على الشاشة الصغيرة ومد الجهاز الى النائبة الديمقراطية جين هارمان. تواصلت الإفادات وتناقل أعضاء اللجنة جهاز البلاكبيري. لم يبد أي من المسؤولين المنتخبين أي مؤشر للدهشة، وفي تمام الساعة العاشرة و46 دقيقة صباح نقل هوكسترا المعلومات إلى بقية الحضور في غرفة رقم 2118 ببناية رايبورن. قال هوكسترا معلقا، والقلق يبدو واضحا على وجهه: «من المثير للقلق أن يتلقى الشخص رسالة عبر البلاكبيري تفيد بأن هناك إطلاق نار خارج المبنى. طلبت من شرطة كابيتول هيل الحضور لحراسة الأبواب»، أي لن يسمح لأحد بالدخول او الخروج. خارج المبنى، وصلت قوات شرطة الكونغرس والمدينة ووحدات مدججة بالسلاح من مكتب المباحث الفيدرالي وانتشرت حول البناية وأغلقت الشوارع المؤدية اليه وأبعدت السياح. وفي الداخل، تواصلت جلسة الاستماع ولم ينتبه أحد كثيرا لأصوات أجراس الإنذار او صرخات رجال الأمن من حين الى آخر او خطوات الأحذية الثقيلة عبر الممر. كان الحضور يناقش في ذلك الوقت ما اذا كان يجب سن قوانين اكثر تشددا لمنع نشر المعلومات السرية، ومعاقبة من يقدم على ذلك. وأكد المشاركون الأربعة خلال مساهمتهم على حرمة السرية وعلى أهمية حرية الصحافة في نفس الوقت، وأشار المتحدثون خلال تناولهم هذه القضية الى الدستور الأميركي. وفي الساعة الحادية عشرة و20 دقيقة قدم هوكسترا تلخيصا لآخر المستجدات، وقال ان عناصر الآن في منطقة مرآب وسيتجهون الى أعلى المبنى قبل العودة الى الطوابق السفلية وتفتيشه غرفة غرفة. استخدم الحضور اجهزة البلاكبيري الخاصة بهم، وعلموا ان الموظفين ابلغوا بالعودة الى مكاتبهم والاستماع الى نقرة سرية تتبعها كلمة سر ـ «بيسبول» ـ قبل إرسال إشارة تفيد بأن هناك اشخاصا في الداخل. تواصل العمل وطرح السؤال: «هل يعتبر نشر المعلومات السرية عصيانا مدنيا؟ من الذي سيحمي المصلحة العامة في حال تكميم حرية الصحافة؟» أعلن هوكسترا في تمام الساعة الثانية عشرة و20 دقيقة: «سيؤجل الاستماع، لكننا سنظل في أماكننا». وكانت هذه فرصة غير متوقعة بالنسبة لوسائل الإعلام، إذ ان بعضا من أكثر اعضاء الكونغرس سرية كان محبوسا معنا، ولم تعد هناك حواجز. وكانت الغرفة المخصصة اصلا للأعضاء فقط مفتوحة، علما بأن دخول هذه الغرفة محظور تماما في الظروف العادية. عرض هوكسترا على الحضور استخدام الحمام الخاص بالأعضاء فقط. ووضعت على الطاولات بسرعة أكواب من القهوة والصودا وبعض أنواع الخبز والبطاطس المقلية المجففة. مع نضوب اسئلة الصحافيين وانتهاء فعالية بطاريات هواتفهم النقالة، تحول الحديث الى الاُسر وخطط قضاء نهاية الاسبوع التي تصادف مناسبة اليوم التذكاري ـ طبعا هذا اذا نجحنا في الخروج من المكان. تواجهنا الى هوكسترا لمعرفة ما حدث، وسمعنا تقارير عن حدوث عطل في الأنابيب وانفجار وحدة لتكييف الهواء، وقال هوكسترا: «لدي تأكيد بحدوث صوت مدو، ولكن ليس لدي تأكيد حتى الآن على حدوث أطلاق نار».

لكن أكثر الأفراد غادروا على عجل، بينما أعلن هويكسترا أن تركنا لن يكون «شيئا جيدا». وكان للنائب الجمهوري ماك ثوربيري سببين آخرين للقلق، فهناك متدربان شابان يتتبعان خطاه طيلة النهار. وقال إن «والدتيهما لن تسامحاي إذا تركت ورائي».

بدأ محام بتنظيم رهان حول متى سيفرج عنا. وظل مراسلو الأجهزة السمعية والبصرية جالسين على بساط أزرق سميك وهم يطبعون ويحولون قصصهم. اما مراسلو الصحف وأعضاء اللوبيات المختلفة فقد توزعوا فوق المقاعد السوداء الكبيرة.

وأصبح الفراغ الصغير أمام الكاميرا الخاصة بالبليارد المكان الذي ترسل منه التقارير إلى العالم الخارجي.

وأعطى الشاهد والتر اساكسون، من معهد اسبن ورئيس «سي.أن.أن» السابق، سماعة الأذن الخاصة بهاتفه الجوال، لهوكسترا لكي يتمكن من التحدث لـ«سي.أن.أن». أما المحامي جوناثان ترلي وهو وسيط إعلامي فقد اعترف لشبكة شبكة «أم.أس.أن.بي.سي» الإعلامية إنه كانت لديه كعكة صغيرة.

عند الساعة الواحدة والنصف جاء ضابط شرطة ليعلن أن فريق البحث سيصلنا. وحذرنا من أن أعضاء الفريق سيكونون مسلحين وأصواتهم ستكون عالية. وكل شخص يجب أن يبقى هادئا والقيام بما يطلبونه منه. «إنهم لن يكونوا لطيفين مثلي» قال ذلك الشرطي.

بعد انقضاء أربعين دقيقة، انتهى كل احتياطي الكعك. وعاد الضابط مرة أخرى ليسأل النواب الثلاثة الباقين، إن كان أي منهم يحمل سلاحا. وهذا ما فاجأهم. أجاب جميعهم بالنفي.

في الساعة الثانية والنصف وصل شخص بملابس مدنية وبدأ بفتح الأبواب.

دخل فريق من «أف.بي.آي» إلى الغرفة وراح أفراده يصيحون «ضعوا اذرعكم فوق رؤوسكم»، وهذا ما جعلنا قلقين.

قال أحد مسؤولي «أف.بي.آي»: «هل هناك أي شخص لا ينتمي إلى هنا؟» قال أحد الموجودين «إنه سؤال غريب». وقفنا في صف واحد وكان إبقاء الأذرع فوق الرأس متعبا. قال اساكسون هامسا «هل استطيع التجرؤ وأسحب حقيبتي».

ضحك هويكسترا قائلا «يجب أن ترى ما جعلونا نفعل من أجل جلسات استماع مغلقة».

توجهنا إلى الممر وأيدينا فوق رؤوسنا، ثم عبرنا بصمت جهاز التفتيش. ومع آخر حاجز صوب الحرية التفتت إلى أحد أعضاء فريق «أف.بي.آي» فقال لها مبتسما «أتمنى لك قضاء نهار سعيد».