الرجل الثاني في «الإنقاذ» الجزائرية: مستعد للتوسط لدى المسلحين .. والتغيير الحكومي عبث

بن حاج يتحدث لـ«الشرق الأوسط» عن بلخادم والدستور والتمديد لحكم الرئيس

TT

قال علي بن حاج، الرجل الثاني في «الجبهة الإسلامية للإنقاذ» المحظورة في الجزائر، انه على استعداد للسعي لدى المسلحين في الجبال لإقناعهم بوقف القتال «إذا طلبت مني السلطة أو الإخوة المسلحون ذلك».

واعتبر بن حاج التغيير الذي طال رئاسة الحكومة الأسبوع الماضي «عبثا لأن التغيير الحقيقي ينبغي أن يمس النظام السياسي وليس تبديل الأشخاص».

التقت «الشرق الأوسط» بن حاج في أحد الأحياء الشعبية بالعاصمة الجزائرية داخل بيت متواضع يؤجره شقيقه عبد الحميد، الذي قضى نصف عمره يدافع عن القضية التي يؤمن بها علي. وتطرق بن حاج خلال المقابلة التي دامت ثلاث ساعات، الى ملفات الجماعات المسلحة والجدل حول تعديل الدستور وتعيين عبد العزيز بلخادم رئيسا للحكومة خلفا لأحمد أويحيى وقضايا سياسية يتداولها بن حاج في محيط ضيق دون أن تصل إلى وسائل الإعلام. جلس بن حاج في البيت بجانب شقيقه قبل أن يلتحق بهما أحد رفاقه، وقد وضع عبد الحميد بجنبه كوبا من الشاي ظل كما هو ساعات طويلة، حيث يفضل، على حد قوله «الحديث والمجادلة وطرح الأفكار بدل الأكل والشرب». وأعرب قيادي «الإنقاذ» عن استعداده القيام بمسعى في إطار «حل سياسي عادل وشامل للأزمة الأمنية لكن بعد الإطلاع على الشروط والضمانات والمطالب التي يرفعها المسلحون مقابل مغادرة معاقلهم نهائيا». وتابع بن حاج: «لكن تحقيق هذا المسعى يتطلب أن تتعهد السلطة بصفة جازمة بحل سياسي حقيقي يضمن للمسلحين حقوقهم السياسية والمدنية، ولا بد أن يكون هذا التعهد موثقا ومعلنا في وسائل الإعلام حتى لا يتكرر ما حدث لآخرين وضعوا سلاحهم وما زالوا يعانون من الحرمان السياسي والاجتماعي والإعلامي والدعوى». وأوضح بن حاج أن نظرته لحل الازمة الامنية كان طرحها على وزير الدفاع الأسبق ليامين زروال عندما زاره مرتين في السجن عام 1994 «ولو أخذت السلطات بنصحنا لربما عالجنا الأزمة معالجة سياسية حقيقية في ذلك الوقت».

وعاد بن حاج (49 سنة، وأب لخمسة أطفال) إلى رسالة شهيرة خطها بيده وجدت فوق جثة زعيم مسلح قتلته قوات الأمن في 1994، يتمنى فيها لو كان خارج السجن للالتحاق بالمسلحين، وفهمت الرسالة على أنها فتوى بجواز الجهاد. ويقول قيادي «الانقاذ» عن ذلك: «لقد تم تأويل الرسالة على أنها فتوى، أما الحقيقة فهي أنني طرحت أفكاري». وبخصوص تغيير رئاسة الحكومة بقرار من الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، يقول بن حاج: «هذا لون من ألوان العبث السياسي، فالتغيير الحقيقي ينبغي أن يمس النظام السياسي، أما تغيير شخص بآخر لا يغير من عمق الأزمة السياسية ولا ما ترتب عليها من أزمات فرعية». وقد أعلن قياديان بارزان من الإنقاذ لاجئان بالخارج هما أنور هدام ورابح كبير، ترحيبهما بتعيين بلخادم رئيسا للحكومة واعتبراه من السباقين إلى الدعوة لمصالحة بين الجزائريين، مشيرين الى ان الرجل كان نفسه ضمن من عارضوا إلغاء نتائج الانتخابات البرلمانية التي فازت بها جبهة الإنقاذ أواخر 1991. ويعبر بن حاج عن رأيه في بلخادم كشخص قائلاً: «أنا أفرق بين الشخص وبين المهام السياسية المنوطة به. فبلخادم لا يستطيع أن يغير شيئا في ضوء عدم التغيير الجذري للنظام لا سيما بعد الإبقاء على الطاقم الحكومي القديم».

ولدى سؤاله كيف قرأ تغيير أويحيى ببلخادم قال بن حاج: «أعتقد أن التغيير يقصد منه تعديل الدستور في مقابل تزكية جبهة التحرير الوطني (حزب الغالبية ويقوده بلخادم) في المواعيد الانتخابية المقبلة وربما تصحب هذا التغيير تغييرات جزئية كفاتورة تدفعها السلطة لتمرير تعديلات دستورية تخدمها أكثر مما تخدم مصلحة الشعب». وينتقد بن حاج «التلاعب بالدستور» ويقترح إنشاء «هيئة منتخبة تأسيسية تمثل جميع التيارات السياسية، تنولى وضع الدستور حتى يكون معبرا عن الإرادة الشعبية الحقيقية، وليس من المعقول أن يبقى الدستور بين أيدي أقلية تعبر عن أهوائها وتعطشها للسلطة والبقاء فيها».

وعبر قيادي «الإنقاذ» عن معارضته تعديل الدستور من اجل التمديد لحكم رئيس الجمهورية، وقال: «البديل الذي أراه مناسبا هو إقرار ولاية رئاسية واحدة فقط مدتها سبع سنوات وأن يكون النظام السياسي برلمانيا وصلاحيات الشعب فيه أوسع من صلاحيات رئيس الجمهورية، من خلال تمكين المواطنين من حق الاقتراح أو حق الاعتراض وعدم الاكتفاء بالاستفتاء، فهذه الآلية أصبحت لونا آخر من الدكتاتورية».