رئيس برلمان كردستان: نلعب دورا قويا في الحفاظ على وحدة العراق

عدنان المفتي لـ«الشرق الأوسط»: مستقلون في تشريع قوانينا لكننا ننطلق من الصلاحيات التي يمنحها لنا الدستور العراقي

TT

عند مدخل القاعة الواسعة لبرلمان كردستان تستقبلك لوحة فنية كبيرة لصورة زعيم الثورة الكردية الراحل ملا مصطفى بارزاني، يقف الى جانبيها، من جهتي اليمين واليسار، حارسان كرديان يرتديان الملابس التقليدية ويحملان بندقيتين عتيقتين، لا يتحركان، رمزا للثورة التي انجزت لاكراد العراق طموحاتهم في ان يكون لهم الحق في تقرير مصيرهم وحكمهم الفيدرالي ضمن اقليم كردستان العراق.

كان عدنان المفتي رئيس برلمان اقليم كردستان العراق والقيادي في الاتحاد الوطني الكردستاني، الذي يتزعمه الرئيس جلال طالباني، في انتظارنا ليستهل اول برامجه بعد عودته من جولة اوروبية بحوار مع «الشرق الاوسط».

المفتي الذي نجا من الموت بأعجوبة خلال حادث ارهابي عندما فجر انتحاري نفسه بين المحتفلين والمهنئين بعيد الاضحى عام 2003 وسط قاعة مقر الاتحاد الوطني الكردستاني في اربيل، ما ادى الى استشهاد العشرات من هؤلاء المحتفلين والمهنئين، يعود اليوم أكثر نشاطا ليقود البرلمان الكردي وليساهم في تحقيق طموحات شعبه في تشريع القوانين التي تتناسب مع وضعهم الفيدرالي ضمن دولة العراق الفيدرالي الديمقراطي التعددي.

> ما هي طبيعة علاقتكم بالبرلمان العراقي المركزي؟

ـ العلاقة ستتوضح اكثر في المستقبل. في الفترة السابقة كنا نعمل حسب قانون ادارة الدولة، والآن حسب الدستور الذي سيتعرض للتعديل. هناك مواد في الدستور نعتقد انها يجب ان تعدل، وهناك بعض القوانين التي ستصدر عن البرلمان العراقي ونحن سنصادق عليها واذا كانت بحاجة الى تعديل بما يتناسب مع خصوصية الاقليم فسوف نقوم بتعديلها واصدارها. هناك اختصاصات معينة للاقليم حددها الدستور لتنظيم الحياة الاقتصادية وهناك قوانين حصرية للدولة الفيدرالية وهي من اختصاصات البرلمان العراقي وسوف نقوم بمناقشتها او تعديلها والمصادقة عليها. هناك صلاحيات مشتركة واخرى حصرية للاقليم.

> هل تعرضون القوانين التي يصدرها برلمان كردستان على البرلمان العراقي؟

ـ لا، نحن مستقلون في تشريع القوانين الخاصة، لكننا ننطلق من الدستور العراقي، وعلى ضوء الصلاحيات التي منحها لنا الدستور نحن نشرع القوانين. برلمان الاقليم مستقل استقلالية نسبية وضمن صلاحيات الدستور العراقي. سوف تتشكل محكمة دستورية للنظر في اي اختلاف بين البرلمانين ويمكن ان تنظر هذه المحكمة في اي شكوى يمكن ان يرفعها اي من البرلمانين.

> انتم الان بصدد اصدار دستور لإقليم كردستان وهناك من يتساءل كيف يكون لبلد واحد دستوران؟

ـ الذين يقولون هذا الكلام لا يعرفون دقائق وتفاصيل النظم الفيدرالية، وحتى اذا لم تطبق النظم الفيدرالية فماذا يعني الدستور؟ هو القوانين الاساسية، وكل مجتمع او مدينة او مؤسسة بحاجة الى قوانينها التي تنظم حياتها وعملها الى جانب القوانين العامة. بالنسبة لنا كإقليم فإن مسودة دستور اقليم كردستان موجودة عندنا منذ كان نظام صدام حسين في الحكم، ومنذ التسعينات بدأت فكرة ان يكون لنا دستور وبدأت الاحزاب السياسية في كردستان بمناقشة هذه الفكرة، وفي 2002 عقدت الاحزاب الكردية اجتماعا موسعا صادقت فيه على مسودة دستور الاقليم التي هي اساس الدستور الذي تتم مناقشته الان من قبل البرلمان الكردستاني، وقد جرت تعديلات على المسودة طبقا للاوضاع الحالية، وعلى كل حال لا يتقاطع دستور الاقليم عن الدستور العراقي، فدستور الاقليم سيحدد ملامح الاقليم السياسية والاجتماعية والاقتصادية ووفق وجهة نظرنا بحق الشعوب في تحقيق المصير، ولهذا قرر برلمان كردستان عام 1992 ان تبقى العلاقة بين الاقليم وبين المركز بالرغم من ان المركز، نظام صدام، كان قد قطع العلاقات الاقتصادية والادارية مع الاقليم واوقف المخصصات المادية والوقود والغذاء، لكننا قررنا ان نبقى جزءا من العراق وان ننظم علاقتنا مع المركز ضمن حق تقرير المصير، وقد قررنا ان نبقى مع العراق وفق نظام الفيدرالية الذي تحقق الان.

> أقليم كردستان، هل هو تمهيد لدولة منفصلة عن العراق ام سيبقى اقليما متحدا؟

ـ نرى ان الطموحات القومية للشعب الكردي تتحقق في الفيدرالية. هذه هي طموحاتنا السياسية والاقتصادية والتاريخية والثقافية والقومية وذلك ضمن مراعاة المصالح المشتركة ومراعاة الاوضاع الواقعية في العراق والمنطقة والعالم. لشعب كردستان كغيره من الشعوب الحق بإقامة دولة على ارضه من دون ان تكون هذه الدولة على حساب دولة اخرى، ولكننا نعرف ان الحقائق التاريخية والجغرافية والتطورات التي حدثت بعد الحرب العالمية الاولى وتكرست بعد الحرب الثانية تحتم علينا ان نكون واقعيين في تحقيق مطالب شعبنا. الواقعية تقول انه من الممكن ان نعيش وفق مبدأ المساواة واحترام الاخر ضمن دولة أخرى، لكن تجمعنا حدود واحدة وقوانين واحدة وفق مبدأ الديمقراطية وتكافؤ الفرص واحترام المقابل في حريته واحترام حقوق الانسان، واذا نجحنا في بناء الدولة الديمقراطية التعددية الفيدرالية في العراق وفق ما حدد ملامحها الدستور فاننا من الممكن ان نعيش من دون ان تكون هناك اية اسئلة حول اقامة دولة كردية او استقلال. وبودي ان اقول للذين ينظرون الى تطورات الامور بصورة غير موضوعية ان شعب كردستان وقواه السياسية عامل مهم بتوحيد العراق وهذا شيء ايجابي، واذا استطعنا التغلب على الارهاب سنبني بالفعل عراقا ديمقراطيا قائما على المساواة والحب، وسننسب لانفسنا دورا متميزا في هذا نفتخر به. > هل ما زالت لاكراد العراق مخاوف من عربه؟

ـ لا استطيع ان اقول إن هناك مخاوف من عرب العراق، ذلك ان غالبية عرب العراق عانوا مثلما عانى الاكراد. اقول بصراحة ان ما يجري في العراق من ارهاب يسيء الى بعض عرب العراق كما ان ما يجري في العالم من ارهاب يسيء الى الاسلام وان كان الاسلام بريئا منه. الواعون في كردستان يعرفون في الغالب ان عرب العراق هم ايضا ضحايا للنظام السابق وللارهاب الحالي، وهم مثل الكرد يحتاجون الى وقت ليحسنوا اوضاعهم. ان غالبية الشعب في كردستان يحترمون العلاقات مع العرب ويريدونها ان تزدهر وتتقدم. بصراحة اقول لك انه في ظل نظام صدام لم تكن تجد كرديا في اوروبا يقول لك انه عراقي، وانما يقول انه كردي لكن الآن في ظل الدولة الفيدرالية الديمقراطية الجديدة تجد ان غالبية الاكراد في اوروبا يقولون انهم عراقيون او اكراد عراقيون لاننا الان في عراق مختلف رئيسه كردي، انه عراق فيدرالي ناضل الشعب الكردي من اجله ويختلف عن العراق السابق. لهذا اقول ان نظرة الاكراد للعرب هي ايجابية.