ليلة أخرى من الشغب تنذر بـ«أزمة ضواحِ ثانية» في باريس

اليسار يحمل وزير الداخلية المسؤولية

TT

تواصلت أعمال العنف، مساء الثلاثاء، لليلة الثانية على التوالي، في ضاحيتين ببارس وسط مخاوف من أن تتسع لتشمل ضواحي أخرى على غرار ما حصل في الخريف الماضي. وترافقت أعمال العنف والشغب مع سجال سياسي بين الحكومة واليسار الذي ركز حملاته الإعلامية والسياسية على شخص وزير الداخلية نيكولا سركوزي محملا إياه مسؤولية تدهور الأوضاع. وأعرب النائب ورئيس بلدية وينسي (شمال باريس) أريك رولت أنه لا يستبعد «اندلاع أزمة ضواح جديدة في حال لم تتخذ أية تدابير» لمعالجة الوضع المتدهور.

والليلة قبل الماضية، استؤنفت الاشتباكات بين مجموعات من الشبان في ضاحيتي مونفرميل وكليشي سو بوا التي انطلقت منها شرارة «انتفاضة الضواحي» في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، كما احرقت سيارات وأضرمت النيران في سيارة للشرطة أصيب ركابها الثلاثة بجروح وحروق. وهاجم المشاغبون مقرات للشرطة وأوقف رجال الأمن 13 شخصا منهم ثلاثة وضعوا رهن الاحتجاز المؤقت بينهم محيي الدين ألتون. وجرح في المواحهات أربعة من رجال الشرطة وأحرقت مجموعة من السيارات. وكان محيي ألتون من بين مجموعة من ثلاثة شبان التجأت في 27 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي الى مقر للمحولات الكهربائية هربا من رجال الشرطة في أحد أحياء كليشي سو بوا. وفي هذا الحادث قتل رفيقاه وأصيب هو بجراح وحروق. ونفى أحد محاميه تأكيدات الشرطة أن القاء القبض عليه سببه مشاركته في القاء الحجارة على قوى الأمن.

وكان موت الشابين الشرارة التي اشعلت الضواحي الفرنسية طيلة أربعة أسابيع وأضرت بصورة فرنسا في الخارج وعززت صفوف ومواقع اليمين المتطرف في الداخل. وكان مقررا أن يشارك محيي الدين ألتون أمس في عملية «إعادة تمثيل» الحادثة لأغراض القضاء، لكن توقيفه حال دون ذلك.

وفيما أعلن وزير الداخلية لدى تفقده جرحى رجال الشرطة في أحد مستشفيات المنطقة أن اعمال الشغب التي تحصل «مخطط لها» وبالتالي «لا يمكن السكوت عليها»، حمله أمين عام الحزب الاشتراكي فرنسوا هولند مسؤولية ما يحدث، وقال في تصريحات صحافية امس: إن ثمة شعورا لا يطاق قوامه أنه بعد عدة أشهر على أزمة الضواحي، لدينا شعور أن شيئا لم يتحقق وأن وزير الداخلية مستمر في خزعبلاته إذ يزور مكان (الحوادث) ويعلن التزامات لا يتم العمل بها مطلقا، وهو بذلك، يشجع قوى الأمن (على قمع أعمال الشغب) ويندد بعدد من الشباب (في الضواحي) ولا يقوم بأية بادرة من أجل التهدئة». وأضاف هولند: «إن وزير الداخلية يتحمل مسؤولية أعمال العنف التي تحصل اليوم، اذ أنه في حملة انتخابية مستمرة ويستغل موقعه الذي يجب أن يكون للتهدئة من أجل التنديد (بالشبان) وتغذية النزاع السياسي الذي لا يجب أن يكون».

وكان هولند يشير الى تصريحات سابقة لوزير الداخلية أدلى بها لدى زيارة مدينة غرينيي المجاورة ليل الثلاثاء /الأربعاء، واعلن خلالها أن أعمال الشغب من تدبير «أوباش» يسعون الى «إيقاع أكبر عدد ممكن من الجرحى». وأكد سركوزي أنه «لن يسمح لهم بزرع الفوضى». ويعزو اليسار الفرنسي ومعه عدد من الجمعيات أسباب العنف الى الوضع الاجتماعي والاقتصادي المتدهور في الضواحي ولوجود نسبة أعلى في البطالة. وسبق للحكومة أن أقرت عددا من التدابير عقب حوادث الخريف الماضي، لكن تأثيرها لم يظهر حتى الآن. وقال هولند إن الحكومة «لم تقم بشيء منذ أربع سنوات ونصف السنة والأسوأ أنها لم تحرك ساكنا منذ أزمة الضواحي».