روسيا تستعين بوكالة «علاقات عامة» لتحسين صورتها قبل احتضانها «قمة الثماني»

TT

أفادت مصادر متطابقة بان الكرملين تعاقد مع وكالة علاقات عامة اميركية تدعى «كاتشام» من اجل تعزيز سبل الاتصالات مع الاعلام الغربي وتحسين صورة روسيا قبل احتضانها قمة «مجموعة الثماني» في يوليو (تموز) المقبل بمدينة سان بطرسبورج.

ورغم الغموض الذي يكتنف جوانب هذه «الصفقة» التي اعترفت مصادر الكرملين بانها من تمويل عدد من كبار رجال الاعمال الروس، فان الشواهد تشير الى ان موسكو تسعى جاهدة الى تبديد الكثير من الغيوم التي تخيم على علاقاتها مع عدد من الدوائر والاجهزة التي تقول انها معنية بالدفاع عن حقوق الانسان ونشر الديمقراطية في روسيا وأرجاء الفضاء السوفياتي السابق.

وقد اكدت وكالة «كاتشام» في بيان نشرته على موقعها الإنترنتي الاتفاق، وقال مديرها التنفيذي ريموند كوتشر: «اننا نتطلع للعمل عن قرب مع رئاسة مجموعة الثماني وتعزيز المعرفة بأولويات منظمة الثماني التي تعد مهمة في عالم اليوم». ومن جانبها، نقلت «الصحيفة المستقلة» الروسية عن مصادر الكرملين قولها ان الاتفاق مع الوكالة الاميركية الذي وقع في ابريل (نيسان) الماضي مرتبط بفترة زمنية محدودة تقدر بتسعة اشهر اي حتى نهاية فترة رئاسة روسيا للقمة مع نهاية عام 2006. واشارت الى ان دميتري بيسكوف النائب الاول للمتحدث الرسمي باسم الكرملين وعضو اللجنة المنظمة لـ «قمة الثماني» الكبار كشف ان اللجنة المنظمة للقمة لجأت الى عدد من اكبر الوكالات العالمية من اجل تقديم تصوراتها لدعم رئاسة روسيا لهذه القمة، وقال ان روسيا حددت ثلاثة مجالات للعمل في الفترة المقبلة وهي: أمن الطاقة، ومكافحة الامراض المعدية، والتعليم.

يشار الى ان «مجموعة الثماني» تضم اضافة الى روسيا كلا من كندا وفرنسا والمانيا وايطاليا واليابان وبريطانيا والولايات المتحدة، وتنتقل رئاستها بين هذه البلدان سنوياً.

وقد جاء الكشف عن الصفقة الروسية مع «كاتشام» في توقيت تشهد فيه روسيا الكثير من الجدل الذي يحتدم حول علاقاتها مع جيرانها من جمهوريات الفضاء السوفياتي السابق مثل جورجيا واوكرانيا ومولدوفا التي تتزعم منظمة «جوام». وكانت هذه المنظمة التي تضم ايضا اذربيجان قد اعلنت في الآونة الاخيرة عن توجهاتها المناوئة لروسيا في اطار مخاوفها من ضغوط الكرملين وما وصفته باللجوء الى استخدام سلاح الطاقة، الى جانب ما يقال حول دعمها للجمهوريات التي سبق أن اعلنت انفصالها من جانب واحد مثل ابخازيا واوسيتيا الجنوبية في جورجيا وجمهورية ما وراء الدنيستر في مولدوفا وناجورني قره باغ في اذربيجان.

كما يتواصل الجدل في روسيا بين ممثلي الاوساط والدوائر اليمينية التي تشكو مما تصفه ملاحقة ممثليها وتشديد الرقابة غير المعلنة على الصحف والاجهزة الاعلامية واحتكار المعلومات. ورغم اعتبار ذلك بمثابة «حق يراد به باطل» فان ما حدده الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في خطابه الاخير من خطوات لتجاوز المشاكل الاجتماعية والاقتصادية يفسر الكثير من اسباب شعبيته التي تظل قريبة من الحد الذي طالما احتفظ له بمكانة متميزة خلال الاعوام الستة الماضية.

وكان بوتين قد كشف في خطابه عن تواصل الحملة ضد رموز الفساد، وهو ما يتمثل اليوم في استمرار تساقط الكثيرين من رموز السلطتين التنفيذية والتشريعية في قبضة الشرطة. وكان من بين هؤلاء ممثلو اجهزة الاستخبارات والأمن والنسق الاعلى للسلطة في المدن والمحافظات وعدد من اعضاء «مجلس الاتحاد ـ المجلس الاعلى للجمعية الفيدرالية» الذين وجهت اليهم النيابة العامة تهما بالفساد واستغلال النفوذ. وثمة شواهد تقول ان الرئيس بوتين يعير الكثير من الاهتمام الى القضايا الداخلية على اعتبار انها السبيل الامثل الى دعم مواقعه وتأكيد مصداقية برامجه من اجل استعادة مواقع روسيا على خريطة السياسة الدولية. في هذا الاطار يمكن تناول مواقف الكرملين تجاه العديد من القضايا الاقليمية والدولية ومنها موقفه ازاء البرنامج النووي الايراني في وجه الضغوط الغربية ومحاولات حل القضية من خلال القوة، ودعم التعاون بين بلدان «منظمة شنغهاي» (تضم روسيا والصين وبلدان آسيا الوسطى) والاعضاء المراقبين، أي الهند وباكستان وايران ومنغوليا، اي ما يقرب من نصف سكان الكرة الارضية، الى جانب ما يبذله من جهود لدعم تكامل العديد من بلدان الفضاء السوفياتي السابق.

وفي هذا الاطار، يستعد الكرملين لاستقبال «قمة الثماني» الكبار في سان بطرسبورج التي اعادها بوتين الى صدارة الحياة السياسية، فمنها جاء، ومنها اختار الغالبية العظمى من ممثلي النسق الاعلى للسلطة في روسيا اليوم، ومنها ايضا يختار في اغلب الظن خليفته على عرش الكرملين بعد انتهاء ولايته عام 2008.