الرئيس الإريتري يزور السودان اليوم مع بدء مفاوضات «الشرق» للسلام في أسمرة

بعد قطيعة بين البلدين استمرت 12 عاما

TT

قبل يومين من انطلاق مفاوضات السلام بين الحكومة السودانية والمسلحين في شرق السودان، بالعاصمة الاريترية اسمرة، يسجل الرئيس الاريتري اسياس افورقي اليوم، زيارة رسمية نادرة الى الخرطوم، يعتبرها المراقبون خطوة تكمل دائرة التطبيع بين البلدين، والتي بدأها نائب الرئيس السوداني علي عثمان محمد طه بزيارة نادرة، هي الأخرى، قام بها فجأة للعاصمة الاريتيرية اسمرة في الأسبوع الأخير من مايو (أيار) الماضي. ويجري افورقي في الخرطوم، التي يمضي فيها يومين، مباحثات مع الرئيس السوداني عمر حسن البشير حول المراحل المتبقية من تطبيع العلاقات.

وتأتي زيارة افورقي الرسمية للسودان، بعد قطيعة بين البلدين استمرت 12 عاما، وصلت في بعض مراحلها حد إعلان الحرب بينهما، وذلك بسبب نشاط المجموعات المعارضة، لكل منهما ضد الآخر. وكان افورقي قد زار الخرطوم مطلع عام 2001، حضر خلالها قمة دول «ايقاد» الافريقية في العاصمة السودانية، وقفل عائدا الى بلاده دون ان يخوض في القضايا المتعلقة بين البلدين.

وقالت مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط»، إن افورقي سيبحث مع نظيره البشير، كيفية انجاح المفاوضات بين الحكومة السودانية و«جبهة الشرق» المسلحة، والتي تبدأ في اسمرة غدا تحت الوساطة الاريترية.

وقال عبد الله جابر مستشار الرئيس الاريتري ومسؤول التنظيم بالحزب الحاكم في اريتريا، إن الاتفاق بين حكومة الوحدة الوطنية في السودان والحكومة الاريترية استقر على أهمية عقد لقاء قمة بين الرئيسين، قبل بداية مفاوضات الشرق، لدفع الحوار والاطمئنان على الترتيبات والتشاور. ونفى المسؤول الاريتري وجود تعقيدات شهدتها علاقات البلدين في الفترة الأخيرة الماضية، وقال «لا توجد تعقيدات ولا توجد مفاجآت، وهي علاقة ذات نكهة خاصة، يحاول خصوم البلدين على المستوى الاقليمي والعالمي، تعكير صفوها والاصطياد في الماء العكر». وطبقا للمسؤول الاريتري، فإن الزيارة «تتويج لسلسلة زيارات تم تبادلها في الآونة الأخيرة بين البلدين، وكانت آخرها زيارة قام بها علي عثمان نائب رئيس الجمهورية»، وقال إنها «تصب في خانة تطوير العلاقات ودعمها ووضع أسس متينة لعلاقة الجوار». وعبر احتفال رسمي كبير أقيم، انسحبت قوات الحركة الشعبية لتحرير السودان امس، من مدينة «همشكوريب» الاستراتيجية التي ظلت تسيطر عليها لأكثر من 6 أعوام. وتأتي الخطوة في اطار تطبيق اتفاق السلام بين الحكومة والحركة الشعبية، وجداوله الخاصة بالترتيبات الأمنية وإعادة الانتشار لقوات الطرفين.

وقال الشيخ سليمان علي بيتاي القيادي الأهلي في شرق السودان، في تصريحات صحافية، ان هذا امر حسمه اتفاق نيفاشا، ودعا بيتاي قوات الحكومة والحركة الشعبية بالاضطلاع بدورهما في ازالة الالغام بالمنطقة، لتسهيل انسياب حركة المواطنين بأمان.

وأعرب بيتاي عن ترحيبه بمفاوضات الشرق التي تبدأ غدا بأسمرة، تحت الوساطة الاريترية بمشاركة طرفي النزاع، وقال ان ذلك يعزز من مسيرة السلام والاستقرار بالشرق.

وحول الجدل المثار عن مشاركة محمد عثمان الميرغني رئيس التجمع السوداني المعارض وزعيم الحزب الاتحادي المعارض، الذي يتمتع بنفوذ في شرق السودان في التفاوض، قال بيتاي «إن ذلك أفضل من الاطار الضيق».

وقال مسؤول العمليات الحربية للجيش الشعبي لتحرير السودان اللواء بيانق دينق كوال، إن الحركة الشعبية ستعيد انتشارها من همشكوريب الى جنوب حدود 1/1/1956 بين الشمال والجنوب، حسبما نصت اتفاقية نيفاشا.

وتبلغ اعداد الكتيبة المنسحبة حوالي 800 عسكري، يتم ترحيلهم الى جنوب البلاد بواسطة سيارات، ويبدأ خط سيرهم من مدينة كسلا في الشرق مروراً بمدينة ود مدني (وسط)، ومنها الى مدينة كوستي (وسط)، ومن ثم الى الجنوب، وتنسحب مجموعات أخرى من بعض المناطق من الشرق في غضون خمسة أيام مقبلة.

ويتكهن المراقبون في الخرطوم بخطورة الوضع في همشكوريب، في أعقاب انسحاب الجيش الشعبي لتحرير السودان، بحسبان وجود فصائل معارضة في عدد من المناطق حول همشكوريب. ولكن مسؤول العمليات في الجيش الشعبي، بث تطمينات بعدم شن فصائل الشرق لأية هجمات محتملة، ضد مواطني همشكوريب، وكشف عن اتصالات قادتها الحركة مع جبهة الشرق، طمأنت خلالها بعدم تعرضها للمنطقة، وأنها لن تبادر بأية هجمات، إذا نأت الحكومة عن الخطوة. وقال بيانق إن الولاية تتحسب للأمر، وتشدد اجراءات أمنية على الاحتفالات الشعبية المصاحبة لإعادة انتشار القوات.

الى ذلك، أعلن الدكتور نافع علي نافع مساعد رئيس الجمهورية نائب رئيس حزب المؤتمر الوطني الحاكم للشؤون السياسية والتنظيمية، أن أطراف الحكومة اتفقت على رئاسة الوفد الحكومي المتوجه للتفاوض باسمها الى أسمرة.