السعوديان واليمني كتبوا وصاياهم بالعربية.. ثم شنقوا أنفسهم

الجيش الأميركي يعتبر الانتحار عملا قتاليا وشائعة سرت في غوانتانامو بأن تضحية ثلاثة يمكن أن تطلق بقية السجناء

TT

كشف النقاب عن تفاصيل جديدة حول انتحار ثلاثة من معتقلي معسكر غوانتانامو وهما سعوديان ويمني فجر اول من امس، في وقت تزايدت فيه الضغوط على إدارة الرئيس الاميركي جورج بوش لاغلاق المعسكر الذي يضم عناصر متهمة بالانتماء لتنظيم «القاعدة».

وذكر ان شائعة سرت قبل إقدام المعتقلين الثلاثة على شنق أنفسهم مؤداها أن «تضحية» ثلاثة من المعتقلين يمكن ان يؤدي الى إطلاق سراح باقي المعتقلين الذين أصبح عددهم الآن 457 معتقلاً بعد انتحار الثلاثة، ولا يعرف ما إذا كانت هذه الشائعة هي التي جعلت بالفعل الثلاثة يقدمون على الانتحار. ونفي مصدر أميركي أن يكون حراس المعسكر قد عملوا على ترويج هذه الشائعات.

وأفادت التحقيقات أن الثلاثة شنقوا أنفسهم بواسطة «حبل» صنع من أغطية وقطع ملابس وهو ما أدى بسلطات المعسكر الى اتخاذ تدابير احترازية تقضي بسحب الأغطية من المعتقلين في الصباح واعادتها لهم في المساء. وقال ناطق باسم الجيش الاميركي إن المنتحرين الثلاثة تركوا وصايا كتبت باللغة العربية، لكن لم يكشف عن مضمونها.

واعلنت السلطات السعودية امس اسمي مواطنيها اللذين كانا معتقلين في غوانتانامو واعلنت السلطات الاميركية انتحارهما، مؤكدة انها بدأت اجراءات استعادة جثمانيهما.

ونقلت وكالة الانباء السعودية عن المتحدث الأمني باسم وزارة الداخلية ان «الجهات الأمنية ببلاده تبلغت عن وفاة سعوديين في معتقل غوانتانامو هما مانع بن شامان العتيبي وياسر طلال الزهراني». واضاف المتحدث انه «تمت مباشرة الاتصالات والاجراءات الرسمية لاستعادة جثماني المتوفيين». ويبلغ مانع بن شامان العتيبي وهو من القرارة، 30 عاما، اما ياسر طلال الزهراني فيبلغ من العمر 22 عاما، وهو من ينبع غرب السعودية، بحسب لوائح اسماء المعتقلين التي اصدرها البنتاغون، ونشرتها صحيفة «واشنطن بوست» امس. وقال الجيش الاميركي ان حراس معتقل غوانتانامو عثروا على سعوديين اثنين ويمنيا واحدا لا يبدون استجابة ولا يتنفسون في زنازينهم وان محاولات افاقتهم باءت بالفشل. واعلن وفاتهم طبيب في غوانتانامو حيث يحتجز ما يقل قليلا عن 500 اجنبي اسروا اساسا في الحرب التي شنتها الولايات المتحدة على طالبان في افغانستان. وتلقي حالات الانتحار الثلاث مزيدا من الضوء على المعسكر الذي اثار انتقادات واسعة النطاق لادارة الرئيس الأميركي جورج بوش من دول اجنبية منها بعض الدول الحليفة ومن جماعات حقوق الانسان.

وقال الادميرال هاري هاريس قائد القاعدة البحرية الاميركية في كوبا في مؤتمر صحافي هاتفي ان حارسا اكتشف ان احد المعتقلين «شنق نفسه» في سجنه. واضاف ان عمليات بحث جرت في الزنزانات الاخرى حيث عثر على اثنين آخرين في الوضع نفسه. واضاف ان الرجال الثلاثة وهم سعوديان ويمني كانوا غائبين عن الوعي وبذلت جهود كبيرة لانعاشهم من دون جدوى. ورأى الادميرال هاريس ان انتحار المعتقلين الثلاثة «عمل قتالي». وقال «انهم ماكرون يتمتعون بالقدرة على الابتكار وبالتصميم. انهم لا يقيمون اي اعتبار للحياة، سواء لحياتهم او لحياتنا واعتقد ان انتحارهم ليس عملا ناجما عن اليأس بل عمل حربي غير متوازن ضدنا». واضاف: «انهم اذكياء. ومبدعون وملتزمون. انهم لا يأبهون بالحياة سواء حياتنا او حياتهم. اعتقد ان هذا ليس عملا بدافع اليأس موجه ضدنا». واضاف هاريس ان عمليات الانتحار تلك «عملية مخططة وليس شيئا عفويا بشكل واضح».

وقال الجنرال جون غرادوك المسؤول في القيادة الجنوبية في ميامي التي تشرف على معسكر غوانتانامو انها اولى حالات الانتحار التي تسجل في القاعدة بالرغم من «محاولات الانتحار العديدة» التي جرت في القاعدة الاميركية.

وذكر المتحدث باسم البيت الابيض جون سنو ان الرئيس الاميركي جورج بوش الذي ابلغ بانتحار هؤلاء المعتقلين، عبر عن «قلقه العميق» واصر على «ضرورة احترام الجثث والتعامل معها بما تفرضه تقاليد كل منهم».

ويجري تحقيق لكشف ملابسات موت المعتقلين الثلاثة بدقة. وستخضع جثثهم للتشريح.

ولم يتم الكشف عن اسماء المعتقلين الثلاثة الا ان وزارة الخارجية الاميركية اعلمت الحكومتين السعودية واليمنية بالامر.

ودعا مركز الحقوق الدستورية الذي يدافع عدد من محاميه عن اكثر من مئتي معتقل في غوانتانامو الحكومة الاميركية الى الاستماع بسرعة الى المعتقلين في غوانتانامو ومحاكمتهم.

واوضح المركز انه لم يبلغ حتى بعد ظهر امس ما اذا كان المعتقلون الثلاثة هم من موكليه، لكنه رأى في انتحار المعتقلين الثلاثة «محاولة اخيرة في سلسلة طويلة من التحركات اليائسة».

وقال المدير القانوني للمركز بيل غودمان في مؤتمر صحافي ان المعتقلين يرون ان احتجازهم هو «اعتقال عشوائي وغير محدد زمنيا ويحرمهم امكانية المثول امام القضاء في المستقبل». ويحتجز السجناء في قاعدة غوانتانامو لاجل غير مسمى ولا يتمتعون بأي من الحقوق التي يكفلها النظام القضائي الأميركي لأسرى الحرب او للمشتبه بهم في تهم جنائية.

وكان ثلاثة معتقلين في غوانتانامو حاولوا الانتحار بتناول ادوية منتصف مايو (ايار) لكن امرهم كشف في الوقت المناسب وتلقوا العلاج اللازم. واعلن بعد ساعات على ذلك ان حياتهم ليست في خطر.

واسر معظم المعتقلين في غوانتانامو في افغانستان خريف 2001. وقد مر في هذا المعتقل حوالى 760 سجينا. ومن اصل 460 معتقلا ما زالوا في القاعدة البحرية الاميركية وجهت التهمة رسميا الى عشرة منهم ولكنهم لم يحاكموا بعد. وتزايدت الدعوات الى اغلاق معسكر غوانتانامو. وقد دعا رئيس الوزراء الدنماركي اندريس فوغ راسموسن حليف واشنطن، الجمعة الى اغلاق المعتقل.

واكد الرئيس الاميركي جورج بوش «نريد ان نرى (غوانتانامو) فارغا»، موضحا انه ينتظر قرار المحكمة العليا الذي سيصدر خلال اسابيع لمعرفة ما اذا كانت المحاكم العسكرية الاستثنائية التي شكلتها حكومته شرعية او يجب ان يمثل المعتقلون امام محاكم مدنية.

وشدد الجيش الاميركي في اعلانه عن انتحار المعتقلين الثلاثة ان «المعتقلين سجنوا في غوانتانامو لانهم خطيرون وكانوا ما زالوا يمثلون تهديدا للولايات المتحدة ولحلفائنا»، موضحا انهم «قتلوا اميركيين».

وقال كين روث رئيس منظمة «هيومن رايتس ووتش» في نيويورك ان من المحتمل ان يكون اليأس هو الدافع وراء انتحار المعتقلين الثلاثة في غوانتانامو. واردف قائلا: «للاسف فان عمليات الانتحار مثل تلك تكون متوقعة تماما عندما يتم احتجاز الناس خارج اطار القانون دون ظهور نهاية في الافق».