بوش يمارس «دبلوماسية الدراجة» مع حلفائه «المميزين»

رئيس وزراء الدنمارك أول زعيم أجنبي يحظى بزيارة كامب ديفيد منذ أكثر من سنتين

TT

في كل أسبوع تقريباً، يستقبل البيت الأبيض عدداً من القادة الأجانب، وفي الأسبوع الماضي فقط، زار كل من قادة جمهورية الكونغو الديمقراطية وتشيلي وهوندوراس، المكتب البيضاوي في البيت الابيض. الا ان رئيس وزراء الدنمارك اندرز فوغ راسموسين، هو الوحيد الذي حظي باجتماع ومأدبة غداء في كامب ديفيد مع الرئيس جورج بوش، إضافة الى رحلة بالدراجة لمسافة 16 كيلومتراً، عبر غابات جبال كاتوكتين. وقال راسموسين بعد الرحلة: «انه سريع للغاية. اعتبر نفسي جيداً في مجال ركوب الدراجات الجبلية، لكن الأمر كان تحديا».

وكانت هذه المرة الأولى التي تستقبل فيها ادارة بوش شخصية أجنبية في كامب ديفيد منذ أكثر من سنتين. وكان آخر زعيم أجنبي حظي بمثل هذا الاستقبال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.

وقال مسؤلون في ادارة بوش ان الزيارة النادرة كانت «تعبيرا عن العلاقات الدافئة غير العادية»، التي تبلورت «بين قادة العالم الحر»، ورئيس دولة اسكندنافية لا يزيد عدد سكانها عن 5 ملايين شخص. كما كانت دليلا على دور رئيس الوزراء الدنماركي بالنسبة لبوش في التعامل مع قادة العالم. فرئيس الوزراء الدنماركي ورئيس الوزراء البريطاني توني بلير ورئيس الوزراء الياباني جونيتشيرو كويزومي حققوا علاقات وطيدة مع الرئيس الاميركي في السنوات الخمس الماضية، وقدموا دعما كبيرا للمشاريع العسكرية الأميركية في افغانستان والعراق، في الوقت الذي يطرحون فيه وجهة نظر شخصية تثير اهتمام بوش. ونتيجة لذلك، عززت ادارة بوش علاقاتها مع الدنمارك الى درجة تتعدى حجم ومكانة هذا البلد الاسكندنافي في العالم، طبقا لما اشار اليه مسؤولون اميركيون ودنماركيون.

ويقول ستيورت برنستاين، وهو سفير أميركي سابق في الدنمارك، ان بوش وراسموسين «ارتبطا ببعضهما البعض واصبحا صديقين، واعتقد انهما من نفس النوعية: شخصية مباشرة وصريحة، وينظر كل منهما للعالم نفس النظرة». وذكر مسؤول دنماركي سابق انه في اول لقاء بينهما اكتشف بوش انه «يجلس مع زعيم من اوروبا الغربية، لا يستخدم الافكار المعادية للولايات المتحدة».

وراسموسين، 53 سنة، اقتصادي له عدة مؤلفات، وصعد نجمه في الحياة السياسية الدنماركية منذ نجاحه في الانتخابات البرلمانية عام 1978. ويقود حالياً حكومة محافظة نجحت في خفض الضرائب والحد من الهجرة، غير انه يشجع زواج المثليين. ولا يبدو راسموسين مرتبطاً بالبروتوكولات الكثيرة، ففي مقابلة صحافية اجريت معه يوم الجمعة الماضي، أبعد حراسه الشخصيين وتحدث مباشرة مع صحافي أميركي، وهو ما لا يفعله كبار السياسيين الأميركيين إلا نادرا. وتعتمد صداقته مع الرئيس الأميركي، على تأييده للسياسة الخارجية الأميركية. فقد ارسلت الدنمارك قوات للمشاركة في حفظ الأمن في افغانستان والعراق، اذ يوجد 500 جندي دنماركي في البصرة بجنوب العراق. وقرر راسموسين الابقاء على هذه القوة رغم القلق المتزايد في الدنمارك. وقال راسموسين انه يشارك بوش «نفس الأيديولوجية التي تؤكد ان الحرية قيمة عالمية وان جميع شعوب العالم تستحق الحرية والديمقراطية».

الا ان صداقته مع بوش وتأييده القوى لمهمة العراق، تحولا الى قضية سياسية في الدنمارك. فقد أقر البرلمان في الآونة الأخيرة تمديد فترة بقاء القوات الدنماركية في العراق لعام آخر، لكن بأغلبية طفيفة. وتعد الدنمارك اكثر ميلا للولايات المتحدة من باقي الدول الأوروبية، غير ان العديد من السياسيين الدنماركيين من مختلف التوجهات، عبروا عن استيائهم اثر صدور تقارير تحدثت عن اساءة القوات الأميركية للمعتقلين في غوانتانامو بكوبا وفي العراق.

واعترف جيب كوفود وهو مسؤول السياسة الخارجية في الحزب الاشتراكي الديمقراطي المعارض، ان الدنماركيين «يشعرون بالفخر من وجود رئيس وزراء لديه مثل هذه العلاقة ببوش». لكنه قال إن ذلك لم يتحول الي نفوذ مع الإدارة الاميركية. الا أن راسموسين رفض مثل هذه التعليقات، وعلق ضاحكا: «هذه انتقادات طبيعية من المعارضة». وأضاف: «عندما تقع أحداث غير مقبولة في سجن ابو غريب، وعندما توجه اتهامات حول احداث رهيبة في الحديثة (بالعراق)، فإن ذلك ليس ذلك مجرد مأساة للضحايا، بل يعد ايضاً مضرا بجهودنا واهانة لقيمنا».

وقبل لقائه مع بوش يوم الجمعة، عبر المسؤولون الدنماركيون عن قلقهم من أن الولايات المتحدة ستبدأ في سحب قواتها من العراق بدون ابلاغ الحلفاء، وكانوا يتوقعون ممارسة راسموسين ضغطا على بوش ليقدم مزيدا من التفاصيل. وقال راسموسين انهما اجريا «مناقشات تفصيلية عن استراتيجية المستقبل». واضاف مشيرا الى علاقته ببوش: «لقد طورنا صداقة شخصية، أعتقد أنها ترجع الى حقيقة أن الرئيس شخص بسيط وصريح ومنفتح».

* خدمة «واشنطن بوست» (خاص بـ«الشرق الأوسط»)