الرجل القوي يحطم أسطورة «أمراء الحرب»

الشيخ شريف يبدأ يومه عقب صلاة الفجر باتصالات وقراءة ملخص الأحداث

TT

«إنه مشغول الآن، من فضلك هو يعتذر ويطلب منك الاتصال بعد ساعة أو ساعتين»..

قبل يومين فقط لم تكن لتسمع هذه الرسالة وكان يمكنك التحدث اليه في أي ساعة من ساعات اليوم، صباحا أو مساء عند الاتصال به هاتفيا، أما الآن، فالرجل الذي يعد صاحب اليد العليا في شؤون العاصمة الصومالية مقديشو بعدما تمكنت ميلشياته المسلحة من تحطيم أسطورة أمراء الحرب وزعماء الميليشيات وطردهم مع ميلشياتهم خارج المدينة، بات محط أنظار العالم ويتردد اسمه تقريبا بكل لغات سكان الكرة الأرضية.

لم يعد الوصول إلى الشيخ شريف شيخ أحمد رئيس المجلس الأعلى للمحاكم الإسلامية ، 42 عاما، سهلا على الإطلاق، فالجميع يخطب وده، سياسيون وخليط من الإعلاميين والدبلوماسيين من داخل الصومال وخارجه، وحتى الولايات المتحدة نفسها باتت تنظر إليه بشكل يخالف موقفها السابق تجاه الإسلاميين التقليديين.

ويعتقد شريف أن ليس له مصلحة شخصية في عداء أميركا، معتبرا أن الإدارة الأميركية الحالية ارتكبت سلسلة من الأخطاء التي وصفها بالبشعة ليس فقط تجاه الصومال وإنما أيضا تجاه الكثير من الشعوب والدول العربية والإسلامية.

وأوكل شريف، الذي انقضت ميلشياته على مدينة جوهر أمس لإنهاء تحصن أمراء الحرب الفارين من العاصمة بداخلها، مهمة الرد على هواتفه النقالة الشخصية إلى مساعدين له، في نقلة تكشف إلى حد ما تغييرا قد طرأ على شخصيته.

فالرجل الذي يبدأ يومه الطويل مبكرا، يجلس فور انتهائه من صلاة الفجر إلي مكتبه الخشبي الصغير الذي يخلو من أية إضافات أو بهرجة تشير إلى سلطة صاحبه، حيث يبدأ عمله بإجراء اتصالات عبر الهاتف الجوال مع كبار مساعديه لمعرفة تطورات الموقف الميداني ومناطق تمركز ميلشياته التي بدأ عددها يتزايد بشكل ملحوظ بعد نجاح عملية إخلاء مقديشو من منافسيه. وسرعان ما يصله ملخص مقتضب للغاية أعده مساعدوه بالاستعانة بشبكة الانترنت لأهم ما تناولته مختلف وسائل الإعلام العربية والدولية حول الملف الصومالي في الليلة السابقة، قبل أن يبدأ في استقبال كبار معاونيه أو ممثلي مختلف العشائر والقبائل ومنظمات المجتمع المدني في لقاءات تطول بالساعات، محاولا شرح المهمة المقدسة التي تقوم بها المحاكم الإسلامية لإنقاذ البلاد من خطر التقسيم والتفتيت على حد تعبيره.

وعزز شريف من الإجراءات الأمنية المتبعة لحمايته خشية تعرضه لمحاولة اغتيال على أيدي مناوئيه، فيما يقول بعض مساعديه إنهم تلقوا معلومات تفيد باستئجار أمراء الحرب المدحورين من مقديشو لعناصر إرهابية بغية تصفية رئيس المحاكم الإسلامية وإزاحته من الصورة السياسية تماما.

في السابعة صباحا بتوقيت القاهرة (أمس) كان الشيخ الذي يحظى بشعبية كبيرة لدى أنصاره قد أنهى لتوه لقاءين قبل أن يرد على اتصال «الشرق الأوسط» معتذرا.

لا يحب الشيخ شريف أن يتحدث كثيرا عن نفسه أو عن حياته الشخصية والعائلية، وعندما سئل عن أسباب ذلك رد بشكل مقتضب «لا أجد في سيرة حياتي ما يستحق الذكر سوى أنني كنت مدرسا مجهولا وتوليت قيادة المحاكم الإسلامية».

وربما ساعدته لغته الفصحى التي أتقنها بفضل حفظه للقران الكريم ودراسته الجامعية في جامعات ليبيا والسودان في إعطاء وجه عربي للمحاكم الإسلامية اكثر من كونه وجها إسلاميا. وفي دولة تتطلع إلى المزيد من الدعم العربي، توجد قائمة محدودة للغاية فقط تعد على أصابع اليد الواحدة من بين كل مسؤولي السلطة الانتقالية التي يقودها الرئيس عبد الله يوسف ورئيس وزرائه علي محمد جيدي يمكن لأفرادها أن يستخدموا اللغة العربية في الحديث بسلاسة ودون أية مشاكل. لكن هذا ليس فقط هو ملمح الخلاف بين الشيخ شريف وبين هذين المعسكرين، فثمة خلافات عميقة بين شريف والسلطة الانتقالية التي كانت تراهن على أن نجاح الحوار معه سيمنحها فرصة تاريخية لدخول العاصمة مقديشيو على صهوة خيول المحاكم الإسلامية.