إندونيسيا تخلي سبيل باعشير زعيم «الجماعة الإسلامية»

أستراليا وأميركا تنددان بالإفراج عنه.. ومخاوف من إنعاش الجماعة الممزقة

TT

غادر عالم الدين الاندونيسي المتشدد ابوبكر باعشير سجنه في جاكرتا امس بعد ان قضى فترة حبسه في اتهامات بصلاته بالتفجيرات التي وقعت في جزيرة بالي السياحية عام 2002 ودعا انصاره لتوحيد صفوفهم بهدف نشر الشريعة الاسلامية.

وقال جون هاوارد رئيس وزراء استراليا ان ملايين من مواطنيه سيشعرون باستياء شديد ازاء الافراج عنه، وقال متحدث باسم السفارة الأميركية ان هناك ما يدعو للقلق. وقال باعشير مبتسما لدى خروجه من السجن بعمامته البيضاء التقليدية: «فلنعزز الاخوة الاسلامية، اننا نقوي وحدتنا لغرض واحد هو الشريعة الاسلامية». وتعهد باعشير (68 عاما) الذي كان يرتدي شالا ذا لونين أبيض وأحمر وقلنسوة صغيرة بيضاء اللون بمواصلة حملته لتطبيق الشريعة الاسلامية في إندونيسيا أكبر بلد إسلامي من حيث السكان في العالم.

ووجه الشكر أيضا لاعضاء فريق الدفاع عنه للجهود التي بذلوها خلال سير العملية القضائية والتي لم يحصلوا على مقابل مادي عنها.

وأطلق سراح الواعظ المسن بعد أن أكمل حكما بالسجن لمدة 26 شهرا على خلفية تفجيرات بالي التي أسفرت عن مقتل 202 شخص على الاقل كان معظمهم من السائحين الاجانب.

وأدين باعشير الذي يعتبره الغرب الزعيم الروحي «للجماعة الاسلامية» ذات الصلة بتنظيم «القاعدة» بالاشتراك في مؤامرة كانت وراء تفجيرات بالي التي قتل فيها العديد منهم من السياح الاستراليين.

وكان باعشير محاطا بأنصاره الذين هتفوا قائلين «الله أكبر» قبل دخوله حافلة صغيرة سوداء اللون لبدء رحلة طويلة الى مدرسته الاسلامية التي كانت توصف بانها «الرابطة التنظيرية» للاصوليين.

وتلقي السلطات في جنوب شرق اسيا وفي الغرب باللوم على «الجماعة الاسلامية» في الهجمات على المنتجع الاندونيسي وهجمات أخرى، وكان المئات ينتظرون خارج السجن لاستقبال باعشير.

وقال ايب سوهيرمان،37 عاما، العضو في مجلس المجاهدين الاندونيسي الذي ينتمي له باعشير «نحن مستعدون للدفاع عنه حتى النهاية»، لكن على الجانب الاخر من السجن قال بائع الخبز خير الدين «انه متطرف جدا. أخشى من وجود هذا العدد الكبير من الناس هنا اليوم، واخشى من الفوضى». وفي استراليا قال هاوارد للبرلمان «اريد ان يفهم الساسة في اندونيسيا مني ونيابة عن الحكومة مدى الاحباط والاستياء الذي سيشعر به ملايين الاستراليين بسبب الافراج عنه». وقال برايان ديجان الذي كان ابنه جوش أحد 88 قتيلا استراليا في تفجيرات بالي لشبكة تلفزيون سكاي «عالم الدين تلقى عقابا لا يتناسب مع جريمته»، واضاف «باعشير يمثل لنا ما يمثله أسامة بن لادن للأميركيين».

وفي جاكرتا قال ماكس كواك المتحدث باسم السفارة الأميركية «عندما صدر الحكم على باعشير في مارس (اذار) من العام الماضي شعرنا باستياء شديد من ان شخصا مدانا في مؤامرة شريرة يحصل على حكم بفترة سجن قصيرة الى هذا الحد». ووصف كواك فترة العقوبة بانها مصدر قلق، لكنه اضاف ان الامر يرجع لاندونيسيا في تفسير قوانينها. واعلنت السفارة الأميركية في جاكرتا ان الولايات المتحدة تشعر «بخيبة الامل العميقة» حيال قصر مدة الحكم على باعشير.

ويقول بعض المحللين ان المتشددين قد ينتهزون فرص الافراج عن باعشير لانعاش «الجماعة الاسلامية» التي تقول الشرطة انها أصبحت تفتقر للسيطرة المركزية اذ انفصلت فصائل عنها واصبحت تعمل بمفردها.

وأنكر باعشير مرارا وتكرارا ضلوعه في أية أنشطة «إرهابية» قائلا إنه كان ضحية بسبب الحملة التي يقودها لتطبيق الشريعة الاسلامية في إندونيسيا.

وأشار محللون إلى أن المتشددين قد يستغلون إطلاق سراح باعشير لاحياء الجماعة الاسلامية التي تقول الشرطة إنها تفككت إلى عدة فصائل تعمل كل منها بشكل منفصل عن الاخرى.

لكن نيك دودر مدير شركة هيل اند اسوشيتس لادارة المخاطر قال لرويترز: «أعتقد ان نفوذه لم يعد بالقوة التي كان عليها».

واعتقل باعشير بعد فترة وجيزة من تفجيرات بالي عام 2002 في اتهامات أخرى ثم أمضى 18 شهرا في السجن في اتهامات تتعلق بمخالفة قوانين الهجرة بعد رفض اتهامات له بالخيانة.

وأعادت الشرطة اعتقاله للاشتباه في صلته بتفجيرات بالي لدى مغادرته السجن في ابريل (نيسان) عام 2004، وأصدرت محكمة حكما عليه بالسجن لمدة 30 شهرا لمشاركته في مؤامرة كانت وراء التفجيرات لكن تم تخفيف العقوبة بضعة أشهر فيما بعد بسبب حسن السير والسلوك. وينفي عالم الدين، الذي وصف ابن لادن بانه محارب اسلامي حقيقي ارتكاب أية مخالفات ويصر على أن «الجماعة الاسلامية» لا وجود لها.

وبعد اطلاق سراحه بدأ باعشير رحلة تستغرق 12 ساعة بالسيارة الى مدرسة اسلامية شارك في تأسيسها قرب مدينة سولو على مسافة نحو 480 كيلومترا من جاكرتا.

والعديد من خريجي المدرسة يقضون فترات حبس في اتهامات تتعلق بالارهاب، ووصفت المجموعة الدولية لمعالجة الازمات ومقرها بروكسل المدرسة بانها «رابطة تنظيرية للمتشددين».