ابتزاز التجار في مقديشو أدى إلى صعود «المحاكم الإسلامية» وسيطرتها على العاصمة

خبيران أميركيان في الشأن الصومالي يكشفان النقاب عن معلومات جديدة

TT

كشف خبيران اميركيان في الشأن الصومالي النقاب عن معلومات جديدة بشأن الظروف التي أدت الى سيطرة ميليشيات «المحاكم الاسلامية» على العاصمة مقديشو. وفي هذا السياق، قال هيرمان كوهين مساعد وزير الخارجية الاميركي السابق للشؤون الافريقية إن تجار مقديشو هم الذين مولوا الميليشيات الاسلامية بعد ان تفاقمت ظاهرة خطف هؤلاء التجار وابتزازهم من قبل «امراء الحرب».

وأوضح كوهين في لقاء مع عدد محدود من الصحافيين الأجانب بنادي الصحافة في واشنطن أول من امس، أن «أمراء الحرب» كانوا يفرضون أتاوات باهظة على التجار لتسلم بضائعهم من الميناء او ترحيلها عبر طرق لا يتوفر فيها الأمن، مما اضطرهم الى دعم «المحاكم الاسلامية» بالسلاح كما تكفلوا بنفقات تدريب أفرادها، مشيراً الى ان مقاتلي هذه المليشيات تدربوا جيداً، لذلك استطاعوا بسهولة هزيمة المقاتلين الموالين لـ«امراء الحرب» الذين قال كوهين عنهم «إنهم مجرد صبية فروا من أمام ميليشيات إسلامية جيدة التدريب». ودحض كوهين التحليلات التي تقول إن دعم واشنطن لتحالف «أمراء الحرب» هو الذي أدى الى تغلب الميليشيات الاسلامية، مؤكداً ان الوضع المزري في مقديشو كان وراء هزيمة التحالف.

واستبعد كوهين ان تتحول الصومال الى افغانستان اخرى، مشيراً الى اختلاف الظروف. وحول ما تردد من أن «المحاكم الاسلامية» منعت الناس من التفرج على مباريات كأس العالم، قال كوهين «اتصلت امس (اول من امس) بأصدقاء في مقديشو وأبلغوني ان الميليشيات أغلقت بالفعل بعض متاجر الفيديو التي تبيع شرائط الجنس والخلاعة.. لكن ليس صحيحاً انهم منعوا الناس من التفرج على المونديال».

وتحدث عمر جمال، وهو اميركي من اصل صومالي يتولى إدارة «مركز العدالة الصومالي» في واشنطن عن صعوبة تقدم «المحاكم الاسلامية» نحو بيداوة، وهي مقر الحكومة المؤقتة الصومالية، وقال إن ذلك سيعني فتح معركة مع اثيوبيا المجاورة، وهم ليست لهم قدرة على مواجهة هذا الاحتمال، لكنه أكد أنهم سيطروا على مدينة جوهر، وهم يتجهون الآن نحو مدينة أخرى. وقال جمال إن الحل يكمن في فتح مفاوضات بين الحكومة و«المحاكم الاسلامية». ودعا واشنطن ايضاً للتفاوض معها.

وكان شيان ماكورماك الناطق باسم الخارجية الاميركية قد قال للمراسلين اول من امس ان واشنطن تلقت رسالة من «المحاكم الاسلامية» لكنها لم ترد عليها. ولمح الى انها قد لا ترد عليها في الوقت الحاضر. وعلم امس في واشنطن ان الرسالة تؤكد أن الصومال «لن يصبح ملاذاً آمناً للارهابيين».

واشار جمال الى ان سياسة الولايات المتحدة تجاه الصومال هي التي ادت الى الوضع الحالي وبالتالي صعود الاسلاميين. وأكد ان «متطرفين» دخلوا الى البلاد، وقال إن بعض الذين تورطوا في تفجير سفارتي الولايات المتحدة في نيروبي (كينيا) ودار السلام (تنزانيا) كانوا قد انتقلوا بالفعل الى الصومال واختبأوا هناك. وأوضح جمال ان العامل القبلي يؤدي دوراً اساسياً في الصومال لكن لاول مرة تظهر «المحاكم الاسلامية» وبآيديولوجية اسلامية. في هذا الجانب، قال كوهين إن محطة وكالة الاستخبارات المركزية (سي آي إيه) في نيروبي عملت مع «أمراء الحرب» في القاء القبض على بعض الاشخاص التي ترى الولايات المتحدة انهم متورطون في قضايا إرهابية. وقال إنها ما تزال تأمل في القاء القبض على آخرين في الصومال. وقال إن على واشنطن ان تتفاوض مع «المحاكم الإسلامية» من أجل إقامة ديمقراطية في البلاد، مشيراً الى أن هذه هي «أفضل طريقة لجعل الوضع هناك تحت السيطرة».

وعبر كوهين عن اعتقاده أن الحكومة المؤقتة تأمل في ارسال قوات لحفظ السلام في الصومال من أجل تثبيتها في الحكم، وهو أمر غير منطقي، مشيراً الى أن الأولوية الآن تكمن في إرسال مساعدات طبية الى مقديشو لان المستشفيات مملوءة بالجرحى.