البنتاغون: عناصر أميركية حبست معتقلين عراقيين في زنزانات كالأقفاص

نشر تقريرا أكد منع النزلاء من النوم ولم يوفر لهم سوى الماء والخبز الحاف لمدة 17 يوما

TT

كشف تقرير نشرته وزارة الدفاع الاميركية (البنتاغون)، أن عناصر من القوات الخاصة الاميركية قامت بحرمان معتقلين عراقيين من كافة الضروريات اليومية، ما عدا الخبز الحاف والماء، على مدى 17 يوما، في زنزانات أشبه بالأقفاص في الفترة ما بين عامي 2003 و2004.

والى جانب تقنين المواد الغذائية للسجناء، فانه تم عصب أعينهم وتكميم أفواههم بشريط لاصق وحرمانهم من النوم وإرغامهم على الاستماع لموسيقى عالية جدا. وأكد معتقلون عراقيون لأحد المحققين الاميركيين أنهم كانوا معتقلين في زنزانات صغيرة جدا عرضها 50 سنتمترا مترا لا تسمح لهم بالوقوف او الجلوس او التمدد وتركهم عراة مع صب الماء على اجسادهم لعدة ايام.

لكن التقرير رغم ذلك قال إن المعاملة التي تلقاها المعتقلون «لم تكن جيدة، وإنما ليست غير شرعية». وأعلن البنتاغون أنه لم تتم ملاحقة أي عسكري أميركي بسبب هذه المعاملة السيئة.

وبحسب البنتاغون فان هذا الحادث يعكس نقص القواعد المحددة للقيام بعمليات الاستجواب.

وأرغم البنتاغون على نشر هذا التقرير بطلب من جمعية الدفاع عن الحريات المدنية. وتم إخفاء عدة مقاطع من التقرير، وبالتالي فان أسماء الاشخاص الضالعين في هذه الأعمال وأسماء المدن التي جرت فيها لم تعرف. واعتبرت جمعية الدفاع عن الحريات المدنية أن هذا التقرير يظهر أن الحكومة لا تأخذ على محمل الجد التحقيقات حول سوء معاملة السجناء. ونفى التقرير، معلومات أفادت عن تعرض السجناء للضرب او للإهانة في القواعد المحددة للقيام بعمليات الاستجواب. كما أكد أن اعتقال السجناء في زنزانات صغيرة عرضها 50 سنتمترا وارتفاعها 2.1 متر «ضروري لحماية القوات ومنع السجناء من الفرار». لكن التحقيق الذي أجراه الجنرال ريتشارد فورميكا اثر فضيحة سجن ابو غريب في 2004، قال ان «من المنطقي القول إن هذا الأمر مقبول لفترات زمنية قصيرة أي ما بين 24 و48 ساعة عندما يتم القبض على أفراد، ثم ان يتم نقلهم الى زنزانات مناسبة الحجم خلال يومين. ومن غير المنطقي اعتقال السجناء في هذه الزنزانات الصغيرة لمدة خمسة الى سبعة ايام».

ولم يوص الجنرال اتخاذ إجراءات تأديبية بحق عناصر القوات الخاصة التي قامت بهذه التجاوزات، بل أوصى بتصحيح الأوضاع في عمليات الإشراف والتدريب في صفوف القيادات.

وقال الجنرال في التقرير، إن شروط الاعتقال في احد المراكز «لم تتماش مع مبادئ معاهدة جنيف». وأضاف في تقريره ان «هذه الظروف نجمت عن سياسات التوجيه غير المناسبة وليس عن خلل في صفوف القوات الخاصة الأميركية».

وفتح الجنرال الاميركي تحقيقا ايضا في ادعاءات عراقيين قالا انه تم تكبيلهما وأرغما على تناول الخبز والمياه فقط، وتعرضا لعنف جسدي على ايدي شرطي عراقي سابق ومترجم في القواعد الخاصة لعمليات الاستجواب في ابريل (نيسان) 2004. وقال احدهما انه عومل بهذه الطريقة طوال 17 يوما، في حين أكد الآخر انه تعرض لمعاملة مماثلة لـ13 يوما.

وذكر فورميكا أن القوات الخاصة «أكدت ان المعتقلين اوثقا بسلاسل قصيرة تحد من تحركهما خلال فترة اعتقالهما»، مشيرا الى ان «السلاسل كانت تسمح لهما بالوقوف او الجلوس او التمدد، وانه قدم لهما الخبز والمياه فقط».

ونفى فورميكا ادعاءات مفادها ان الرجلين «تعرضا للضرب والحرق والترهيب ولصدمات كهربائية وهددا بكلب وأرغما على تناول الكلور». وفي المقابل أكد ثلاثة سجناء انهم وضعوا في زنزانات صغيرة الحجم لدرجة انهم اضطروا للجلوس فيها متقوقعين. وقال واحد منهم إنه أبقي في هذا الوضع ليومين وآخر لخمسة ايام والثالث طوال أسبوع.

وأكد الأخير أنه «تم خلع ملابسه قبل وضعه في الزنزانة الصغيرة وتكميم فمه وانفه بشريط لاصق، فوجد صعوبة في التنفس». وأضاف انه «تم سكب مياه عليه وتعرض للضرب والركل ولصدمات كهربائية، وهدده كردي بجلب زوجتيه وممارسة الجنس معهما أمامه»، مشيرا الى انه «بقي خمسة ايام من دون ان يشرب او يتناول الطعام». وقال فورميكا في تقريره إنه كان يتم عصب أعين المعتقلين لمنعهم من الفرار.

وصوت الكونغرس في ديسمبر (كانون الاول) على قانون يمنع المعاملة القاسية وغير الانسانية والمذلة بحق سجناء معتقلين في سجن اميركي في اي مكان في العالم، كما جعل من كتيب الاستجواب التابع لسلاح البر، مرجعا لكل الجيش الاميركي. ومنذ عام 2004 والكشف عن سوء معاملة معتقلين في سجن ابو غريب العراقي، تواجه تقنيات الاستجواب لدى الجيش الاميركي انتقادات. ووصف الرئيس الاميركي جورج بوش في الآونة الاخيرة سجن ابو غريب بأنه «أفدح خطأ» ارتكبه الأميركيون في العراق.