الشيخ شريف لـ «الشرق الاوسط»: لسنا مرتزقة.. ولن نسلم أسلحتنا ولا مفاوضات مع المطالبين بذلك

رئيس المحاكم الإسلامية يتغيب عن محادثات الخرطوم ويشكك في نيات إثيوبيا

TT

أكد الشيخ شريف شيخ أحمد رئيس المجلس الأعلى للمحاكم الإسلامية في الصومال أنه لن يشارك شخصيا في الاجتماع الذي يعقده اليوم الرئيس السوداني عمر البشير والجامعة العربية مع الرئيس الصومالي عبد الله يوسف في إطار اللجنة الوزارية العربية المكلفة ملف الصومال، بسبب اضطراره إلى البقاء في مقديشو لأسباب تتعلق بإدارة شؤون المحاكم والعاصمة.

واستبعد شريف أن توافق المحاكم الإسلامية خلال المفاوضات مع السلطة الانتقالية الصومالية على نزع أسلحة ميليشياتها أو الانسحاب من المدن الصومالية التي تسيطر عليها.

وقال شريف في حديث لـ«الشرق الأوسط» عبر الهاتف في القاهرة من مقره في مقديشو صباح أمس إنه يدعو السلطة الانتقالية في المقابل إلى البحث عما وصفه بأرضية مشتركة مع المحاكم الإسلامية تساعد على تقوية الحوار الوطني الصومالي بدلا من فرض شروط وصفها بالمجحفة وغير المقبولة شكلا وموضوعا.

وطالب إدارة الرئيس الأميركي جورج بوش بوقف ما سماه بـ«تدخلها القذر» في الشؤون الصومالية عبر عملاء لوكالة المخابرات المركزية، معتبرا أن هذا التدخل الأميركي هو سبب كل المشاكل التي يعاني منها الشعب الصومالي.

وقال الشيخ شريف أن لديه ريبة وشكا في حقيقة النوايا الإثيوبية تجاه الصومال، مؤكدا أن معلوماته عن وجود قوات إثيوبية في المناطق الحدودية الصومالية صحيحة.

وشدد على أن سياسة الاستقواء بالأجنبى في مواجهة مصالحة الشعب الصومالي لم ينجم عنها غير الخراب والدمار.

ونفى شريف مجددا وجود أية عناصر إرهابية أو أجنبية داخل الجهاز السياسي والعسكري لتنظيم المحاكم الإسلامية، مؤكدا أن المحاكم ضد الإرهاب ولا تسمح به في المناطق التي تهيمن عليها في الصومال.

وفيما يلي نص الحديث الذي أجرته معه «الشرق الأوسط» من القاهرة.

> هل ستشارك شخصيا في اجتماعات الخرطوم؟

ـ لا، لن أذهب على الرغم من أنني تلقيت دعوة كريمة من الجهات المنظمة أعنى الجامعة العربية والحكومة السودانية.

> المسؤولون في السودان قالوا إنهم يتوقعون حضورك وانك أكدت للطرفين أنك ستتوجه بالفعل إلي الخرطوم؟

ـ لا، لم يحدث هذا، بالعكس لقد شرحت لهم حقيقة الأسباب التي تمنعني من تلبية هذه الدعوة والمشاركة في هذا الاجتماع الذي نأمل منه كل الخير للصومال ولشعبه ومستقبله ونحن نرحب بهذه المبادرة العربية رغم أنها جاءت متأخرة، وليس لدينا أي تحفظ على أية جهود يقوم بها السودان أو اليمن أو الجامعة العربية لتحقيق المصالحة الوطنية.

> ألا تعتقد أن غيابك سيؤثر سلبا في مضمون مفاوضات الخرطوم؟

ـ لا أتصور هذا نحن نبحث بجدية عن أرضية مشتركة ولا نبحث عن الصدام ولا نضع أية شروط كما يفعل غيرنا.

> ولماذا إذن تغيب عن المحادثات؟

ـ هذا خارج عن إرادتي بسبب الأعمال الداخلية التي تلاحقني. لدي ما أقوم به من أعمال هنا ولا أستطيع أن أغادر مقديشو في الوقت الراهن من أجل الذهاب إلي العاصمة السودانية، هنا عمل كثير يحتاج إلى حضوري ولا يعني هذا أنني أتهرب من لقاء الرئيس عبد الله يوسف أو غيره، وسأبعث بوفد على مستوى عال ورفيع يمكنه تمثيل المحاكم الإسلامية بشكل مشرف وعلى النحو المطلوب.

> هل انتهيت من تشكيل الوفد؟

ـ أنت تكلمني في الصباح الباكر وبعد قليل سنعقد اجتماعا للاتفاق على تشكيلة الوفد وتسمية أعضائه. وفي الغالب سيترأس الوفد أحد نوابي المعروف عنهم الكفاءة والمقدرة على إدارة مثل هذا النوع من المفاوضات.

*هل أفهم من حديثك أن هناك خلافات حول تشكيلة هذا الوفد؟

ـ لا، هذا غير صحيح جملة وتفصيلا، لكننا تعودنا أن نتخذ جميع قراراتنا المهمة وهذا واحد منها بالتشاور والحوار، وهذا ما ننوي فعله لا اكثر ولا أقل.

> هناك من يؤكد وجود خلافات مكتومة، داخل قيادات المحاكم بشأن وجود قوات حفظ سلام أفريقية والتفاوض مع الحكومة؟

ـ من كتب هذا؟ انه غير صحيح، دعني اغتنم هذه الفرصة لأؤكد عبر «الشرق الأوسط» أن المحاكم الإسلامية متفقة على أنه لا يسمح للقوات الأجنبية بدخول الأراضي الصومالية، والنقطة الثانية أن المحاكم الإسلامية متفقة على التفاوض مع الحكومة ومع أي جهة تهمها مصلحة الصومال واستقراره السياسي والأمني.

> كثيرون حتى من داخل المحاكم يلمحون إلى هذا؟

ـ لا أتصور أن هناك خلافات، نحن نعمل كفريق عمل منسجم وكل فرد يعرف واجباته تماما، ولسنا بصدد أي خلافات، لكن البعض ممن ذكرتهم لا يروق لهم امرنا فيحاولوا بشتى الطرق والوسائل الإيحاء بوجود خلافات، ثم على أي شيء نختلف؟ مهمتنا لم تنته بعد وما زال لدينا الكثير والشعب الصومالي ينتظر منا الكثير أيضا.

> أنت بدأت تتحدث كما لو كنت بالفعل رئيسا للصومال؟

ـ ليس في نيتي أبدا أن أكون رئيسا لبلادي، مهمتي أعرفها جيدا ولن أحيد عنها وأنا أتكلم من موقع مسؤولياتي كرئيس للمحاكم الإسلامية فقط.

> هل ستوافقون على شروط الرئيس الانتقالي عبد الله يوسف بنزع أسلحة ميليشياتكم؟

ـ لا يمكن أن نوافق على هذا الطلب وطالما أنه يطالب بهذا فلن يكون هناك أي تفاوض، هذا طلب مجحف وغير معقول، كيف يريد منا أن نفعل ذلك ومقابل ماذا؟ نحن أعدنا بعون الله الأمن والاستقرار إلى العاصمة للمرة الأولى منذ خمسة عشر عاما، والآن هو يريد منا أن نسلم أسلحتنا، لسنا مجموعة من المرتزقة أو المجرمين الهاربين من وجه العدالة.

نحن نقوم بما نفعله لخدمة مصالح شعبنا الذي مل من الحرب الأهلية ومن أعمال القتل والسلب والنهب، وللرئيس أن يشترط كيف يشاء ولكننا لن نقبل بأية شروط واعتقد أنه لضمان نجاح أي مفاوضات يجب أن تتخلى جميع الأطراف عن أية شروط مسبقة وإلا لكان لدينا نحن شروطنا أيضا.

> وما هي شروطكم في المقابل؟

ـ أنت تريد منى كشف جميع أوراقي مرة واحدة، وليس من الحكمة فعل ذلك، ولكن دعني أقول لك إن شروطنا هي شروط الشعب الصومالي كله الذي عجزت كل الحكومات منذ سقوط نظام حكم الرئيس المخلوع محمد سياد بري عام 1991 عن ضمان أمنه واستقراره.

> لكن الرئيس الانتقالي قال أمس في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا إن بينكم متطرفين من الخليج وآسيا؟

ـ هذا غير صحيح ومجرد اتهامات باطلة، ليس لدينا في المحاكم الإسلامية أي عنصر لا يحمل الجنسية الصومالية، ولم نكن في حاجة لدعم أي جهة من خارج البلاد، لأننا نعتمد بعد الله سبحانه وتعالى على شعبنا. فليس بيننا إرهابيون أو متطرفون ولم نتلق دعما من أي جهة خارج الصومال، وإذا كانت لدى الرئيس أية أدلة أو براهين على صحة هذه الاتهامات كما زعم فليتفضل ليطلعنا عليها بدلا من إطلاق مزاعم كاذبة لا أصل لها وبعيدا عن الحقيقة.

>هل ما زلت تؤكد وجود قوات إثيوبية في الصومال؟

ـ نعم هذه معلومات أكيدة ليست محل شك لدينا رغم نفي الحكومة الانتقالية، نحن لدينا شكوك كبيرة وريبة في حقيقة النوايا التي تضمرها حكومة رئيس الوزراء الإثيوبي ملس زيناوي تجاه الصومال، وننصحها بسحب قواتها من داخل أراضينا وأن تتوقف عن اللعب بالنار وأن تعيد النظر في سياستها التي لا تخدم مصلحة شعبنا.

> الحكومة الانتقالية متخوفة من احتمال هجوم ميليشيات المحاكم الإسلامية على معقلها الرئيسي في مدينة بيداوة الجنوبية؟

ـ هم أحرار في ما يذهبون إليه، لكن بيداوة ليست على أجندتنا إلا إذا شعرنا أنها باتت تمثل خطرا على وجود المحاكم الإسلامية. ولدينا معلومات عن محاولة فلول أمراء الحرب الفارين من مقديشو وجوهر الانضمام إلى قوات الحكومة في هذه المدينة.

> هل تعني أن هناك تحالفا يتشكل بين أمراء الحرب والحكومة ضدكم؟

ـ نعم هذا صحيح.

> وماذا عن الاجتماعات السرية التي يعقدها ضباط من وكالة المخابرات المركزية الأميركية مع هؤلاء؟

ـ لدينا بعض المعلومات بشأنها وهي تثير قلقنا لكننا قادرون على الرد على أي مخطط لإحياء مجلس تحالف الشيطان «إرساء السلام ومكافحة الإرهاب» الذي تموله إدارة الرئيس الأميركي جورج بوش. وأؤكد هنا أن التدخل الأميركي لم يكن أبدا في مصلحة الشعب الصومالي، وعلى إدارة بوش أن توقف هذا النشاط المشبوه لعملاء المخابرات الذين قدموا لها معلومات مضللة ومشوشة للغاية حول حقيقة ما يجرى في الصومال.

وأقول أنه قد حان الوقت لكي يتوقف عملاء أميركا عن محاولة العبث بأمن ومصالح شعبنا، وجود الأميركيين لم يساعدنا على حل مشاكلنا بل زادها تعقيدا، وهذا ما لا تريد هذه الإدارة أن تفهمه، ولست أفهم أيضا لماذا كل هذا العناء في دعم وتمويل أناس ارتكبوا أبشع انتهاكات لحقوق الإنسان ضد شعبنا.

ومن الأولى أن ترفع إدارة بوش يدها عن الصومال وتمتنع عن الاستمرار في هذه السياسة الاستخباراتية القذرة وحيلها الأمنية المكشوفة.