إسبانيا: إحباط مطالبة اليسار المتطرف للحكومة بالاعتراف بـ«الجمهورية الصحراوية»

TT

في اتحاد غير مسبوق بينهما، احبط الحزبان الرئيسيان في إسبانيا (الاشتراكي العمالي الحاكم، والشعبي المعارض)، مطالبة التيار الجمهوري بإقليم كاتالونيا، الممثل في البرلمان المركزي بمدريد، ضمن أحزاب الأقلية المطلقة، حكومة مدريد بالاعتراف الرسمي بـ «الجمهورية العربية الصحراوية»، التي أعلنتها جبهة البوليساريو بدعم من الجزائر عام 1976، وإقامة علاقات كاملة معها. وعلى الرغم من أن مواقف الأحزاب السياسية الإسبانية الكبرى والمؤثرة في القرار السياسي، تتباين ازاء نزاع الصحراء، فإنها تحرص على عدم التورط في موقف منحاز بصراحة لهذه الجهة أو تلك، وغالبا ما تدعو في ملتمساتها إلى تفعيل مبادئ الشرعية الدولية ذات الصلة، بل إنها كثيرا ما تنحو منحى أخلاقيا وإنسانيا حين الإعراب عن تعاطفها مع سكان الصحراء المحتجزين (اللاجئين) في مخيمات تندوف بالجزائر، على أساس أن إسبانيا الدولة الحامية للصحراء إلى غاية 1975، تتحمل مسؤولية أخلاقية عن المآل الذي طال جزءا من سكان المحمية السابقة.

وطالب ممثل الجمهوريين الكاتالانيين، أن تعترف مدريد بـ«جمهورية» جبهة البوليساريو، وأن لا تقبل في ذات الوقت ما أسماه «احتلال» المغرب للصحراء، ما دامت 47 دولة قد قامت من وجهة نظره، بنفس ما يطلبه من حكومة بلاده، مبرزا أنه يلاحظ مفارقة في السياسة التي تنهجها مدريد، فهي لا تعترف بسيادة المغرب على الصحراء، لكنها في ذات الوقت تبرم اتفاقيات في إطار الاتحاد الأوروبي، تدل بوضوح على العكس، في إشارة منه، إلى اتفاق الصيد البحري الأخير الذي يجيز لاسطول الصيد الإسباني ممارسة صيد الثروة السمكية في الشواطئ المحاذية للمحافظات الصحراوية المغربية. وفي معرض تبريراته للاعتراف، كال ممثلو اليسار المتطرف، ذي التمثيلية الضعيفة جدا، النقد للحكومة الاشتراكية، غير أن ممثل الحزب الشعبي، فرانثيسكو ريكوما، أعرب عن الأسف لكون مقترح جمهوريي إقليم كاتالونيا، يكسر إجماع الأحزاب السياسية الإسبانية بخصوص مسألة لها علاقة بنزاع الصحراء. وعبر عن استغرابه من المقترح بالعبارات التالية «أن يتم الطلب دفعة واحدة هكذا، الاعتراف بالجمهورية الصحراوية وإقامة علاقات ثنائية معها أفقيا، فإن الأمر يشبه رمي مسبح فارغ أو إطلاق قذائف مدفع على حشرات البعوض».

ومن جهته، وصف ممثل الحزب الاشتراكي العمالي الحاكم، مبادرة اليسار الجمهوري بالخادعة، والمضرة بإجراء استفتاء تقرير المصير كما يؤيده الحزب. وخلص إلى القول إنه ليس من الملائم قطعا التفكير في اعتراف من هذا القبيل. وتبنى الحزب الثاني الرئيسي في كاتالونيا « وحدة ووئام» موقفا مماثلا لما أعرب عنه الاشتراكيون والشعبيون.