الموعد النهائي يمر من دون اتفاق لكن الحوار يستمر

أبو مازن يصل إلى غزة غدا للقاء هنية وقادة «حماس» يتحدثون عن خلافا داخل «فتح»

TT

مر الموعد الذي حدده الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن) للحوار الوطني الفلسطيني للتوصل الى اتفاق حول مبادرة الأسرى أو ما أصبح يعرف بوثيقة «الوفاق الوطني»، من دون ان يتمكن المتحاورون من تخطي عقبات ثلاث في الوثيقة التي تتضمن 18 بندا.

من جهة ثانية سيصل أبو مازن غدا الى قطاع غزة، لمتابعة الحوار شخصيا وسيلتقي هنية وقادة «حماس» اضافة الى قادة الفصائل الأخرى المشاركين في الحوار. وثمة تفاؤل في ان ينجح أبو مازن في وضع اللمسات الأخيرة على بنود الخلاف.

وأكد رئيس الوزراء اسماعيل هنية في تصريحات له امس أن الحوار يسير في أجواء ايجابية وأنه يحقق تقدما كبيرا يدفع إلى الاعتقاد بأن جميع الأطراف الفلسطينية على أبواب تحقيق اتفاق، مستشعرا أن السفينة الفلسطينية ستستمر وستصل إلى بر الأمان، على حد تعبيره. وأشار هنية إلى أن الخلافات المتبقية قليلة، وأنه من المتيسر حلها بشيء من الصبر والتواصل. وثمّن الدور الذي تقوم به كل القوى الوطنية والإسلامية وكافة مكونات الساحة الفلسطينية بالدفع باتجاه إنجاح الحوار، كما ثمن رئيس الوزراء الجهود الاستثنائية التي تبذل من حركتي «حماس» و«فتح»، التي ساهمت في تقريب وجهات النظر وجسر الهوة، للتوصل إلى صيغة مشتركة ومقبولة للجميع.

وأشار رئيس الوزراء إلى أن الحكومة الفلسطينية التي تشارك في رعاية الحوار الوطني تؤكد أن الأطراف الفلسطينية في طريقها لفتح صفحة معمقة تعزز الوحدة وترسخ قيم التفاهم والعلاقات الوطنية الأخوية. وكان أبو مازن وبعد سلسلة لقاءات مع هنية والفصائل الفلسطينية الأخرى قد أمهل المتحاورين أسبوعا، أي حتى أول من أمس الثلاثاء، موعدا نهائيا للتوصل الى اتفاق. واذا ما تحقق ذلك فانه سيلغي الاستفتاء الشعبي على الوثيقة الذي حدد له 26 يوليو (تموز) المقبل موعدا.

ويثير هذا الاستفتاء غضب حركة «حماس» وحكومتها وأعلنتا رفضهما المطلق له، باعتباره تجاوزا وتحايلا على نتائج الانتخابات التشريعية في 25 يناير (كانون الثاني) الماضي ومحاولة لإسقاط الحكومة، وأعلنتا عزمهما على مقاومته. ومن يتابع المواقع الإلكترونية لـ«حماس» والمواقع المقربة منها يرى مدى رفض الحركة للاستفتاء، ويقول موقع المركز الفلسطيني للإعلام مثلا، في رأس الصفحة الأولى عبارات مثل «لا للاستفتاء الفتنة، ولا للمساومة على الثوابت».

في المقابل تدعو السلطة الفلسطينية ممثلة بوكالة أنباء «وفا» الى الإقبال على «الاستفتاء الشعبي في فلسطين».

وعلى مدى الأيام القليلة الماضية، تواصل الحوار وتواصلت التصريحات المطمئنة بأغلبيتها، من الفصائل المختلفة والمتحاورين حول قرب التوصل الى اتفاق «الوفاق». وعبر مسؤولو هذه الفصائل وممثلوها في لجنة الحوار عن تفاؤلهم إزاء سير الحوار وأعلنوا التوافق حول 15 بندا من أصل 18هي مجمل بنود الوثيقة، ولم يخرج عن سرب المتفائلين سوى عزام الأحمد، رئيس الكتلة النيابية لحركة «فتح» والعضو المراقب والمرشح للجنة المركزية للحركة. ويصر الأحمد وخلافا لما يقوله حتى مسؤولو «فتح» المشاركون في الحوار، على أن الخلافات لا تزال قائمة وليس هناك أي تقدم. ويتهم الأحمد «حماس» بتضليل الشارع الفلسطيني، وشدد على «ان الهوة لا تزال واسعة. وان ما اتفق عليه هو قضايا لا تشكل محل خلاف، والإخوة في قيادة «حماس» تركوا الأمور الجوهرية».

وقال الأحمد لـ«الشرق الأوسط»: «أنا لست من الصقور كما يحلو لقادة «فتح» وصفي. بل انني إنسان واقعي، ولا أريد المبالغة في التفاؤل بل أريد أن اضع النقاط فوق الحروف. وأقول ان نقاط الاتفاق التي يتحدثون عنها لم تكن نقاط خلاف في الأصل. ولكن هناك 3 بنود لا تزال هناك خلافات جوهرية حول وصياغتها. وهذه البنود هي الثالث والرابع والسادس».

ونفي الأحمد وجود خلافات داخل حركة «فتح» في ما يتعلق بالحوار والوفاق، وقال إن هذه «إشاعات اختلقها قادة «حماس» الذين يصبون جام غضبهم علي شخصيا، إضافة الى الطيب عبد الرحيم (أمين عام الرئاسة) وأحمد عبد الرحمن المتحدث باسم «فتح» وتوفيق الطيراوي نائب مدير المخابرات». وأضاف الأحمد «إن حماس تصفنا بالصقور». وكان يحيى موسى، نائب رئيس كتلة «حماس» في المجلس التشريعي عن قطاع غزة، قد تحدث، كما نقل الموقع الإلكتروني لمركز الفلسطيني للإعلام، عن وجود ما سماه بتجاذبات داخلية في «فتح». وقال إنها يمكن أن تعطل الأمور وتعقدها، وأضاف «بات من الواضح أن «فتح» منقسمة، بين جزء حريص على الحوار وتحركه المصلحة الوطنية وجزء غير معني بالحوار، وتُحركه المصلحة الخاصة والشخصية». وأكد موسى تصميم «حماس» على التوصل لاتفاق على قاعدة وثيقة الأسرى، عبر الحوار الوطني، بما يمكن من إنهاء حالة الأزمة والاحتقان في الشارع الفلسطيني.

يذكر أن الاحتقانات في الشارع الفلسطيني لا سيما في غزة أدت الى مواجهات واشتباكات عنيفة بين عناصر «حماس» والقوة المساندة التي شكلها وزير الداخلية، والأجهزة الأمنية الفلسطينية، لا سيما جهاز الأمن الوقائي. وأسفرت هذه الاشتباكت التي بدأت في خان يونس مطلع مايو (أيار) الماضي الى مقتل أكثر من 20 فلسطينيا وجرح العشرات. وقال موسى «لمسنا تراجعاً في موقف بعض الإخوة من «فتح»، حيث كانوا قد طلبوا مهلة لمدة يوم لمراجعة ما تم الاتفاق عليه، وفوجئنا بعودتهم أمس (أول من أمس) مشبعين بأفكار مسبقة تريد عودة الأمور للمربع الأول».

وأضاف موسى أن هناك خلافات داخلية في «فتح» بين فريقين؛ أحدهما يعمل وفق أجندة فلسطينية داخلية، والآخر له أجندة خاصة وشخصية، وبالتالي لا يريد لهذا الحوار أن ينجح». غير أنه أكد أن الخلاف ليس جوهرياً وإنما يدور حول أمور شكلية، ومن المفترض ألا يفتح المجالات لخيارات مجهولة، وقال «نحن على ثقة من أن هذا الحوار سينجح لأنه مدعوم بإرادة الشعب ورغبة المجموع بالخروج من مأزق هذه اللحظات الصعبة التي يعيشها شعبنا في ظل تصاعد العدوان (الإسرائيلي)».