سعد الحريري من باريس: يتعين على لحود تحمل مسؤولية أقواله

استبعد أي مسعى مع فرنسا بشأن تمثيل لبنان في القمة الفرنكوفونية

TT

استبعد رئيس كتلة تيار المستقبل النيابية سعد الحريري أن يقوم بمبادرة ما مع المسؤولين الفرنسيين لإيجاد تسوية مقبولة لمسألة استبعاد رئيس الجمهورية إميل لحود عن قمة الفرنكوفونية التي ستلتئم في شهر سبتمبر(أيلول) المقبل في بوخارست. وأسف الحريري لكون هذا الموضوع اتخذ منحى طائفيا بعد أن أعرب قادة مسيحيون وموارنة وبينهم حلفاء للحريري في تيار 14 مارس (آذار) عن استيائهم من تهميش موقع رئيس الجمهورية عن طريق عدم دعوته الى قمة الفرنكوفونية والاكتفاء بدعوة رئيس الحكومة فؤاد السنيورة.

وكان الحريري يتحدث في باريس أمس عقب لقائه 19 من أعضاء مجلس الشيوخ الفرنسي يمثلون غالبية التيارت السياسية في المجلس بدعوة من رئيس مجموعة الصداقة الفرنسية ـ اللبنانية أدريان غوتيران.

وأثيرت في اجتماع مجلس الشيوخ، الذي تم في إطار إفطار، كافة جوانب المسألة اللبنانية والعلاقات مع سورية والمساعدة التي تستطيع فرنسا أن توفرها للبنان. وقال غوتيران لـ «الشرق الأوسط» إن الحريري «ظهر على أنه رجل سياسي من الطراز الأول وتحدث كرجل دولة». وسيستقبل الرئيس الفرنسي جاك شيراك الحريري غدا وفق ما اكده الحريري شخصيا.

وبدا الحريري، من خلال تصريحاته أمس، كأنه يسعى لتفكيك «اللغم السياسي» الذي ظهر مع اندلاع الجدل حول تمثيل لبنان في القمة الفرنكوفونية بتحميل لحود شخصيا مسؤولية استبعاده وبطمأنة الجناح المسيحي في الحكم وفي تيار 14 مارس (آذار) لجهة أهمية موقع رئاسة الجمهورية والحفاظ على دورها في النظام اللبناني. وذهب أبعد من ذلك بتبرير استبعاد رئيس الجمهورية الحالي ودعم الموقف الفرنسي المعارض ضمنا إن لم يكن علنا حضور لحود وقال «بعض الناس، لسوء الحظ، يتعاملون مع هذا الموضوع طائفيا. ولكن ماذا يمكن أن نتوقع لرئيس جمهورية يقوم بحملات ضد رئيس جمهورية فرنسا ؟ أين الأدبيات (السياسية)؟ كنا نقول دائما إن فرنسا وقفت دائما الى جانب لبنان وما زالت تقف الى جانبه وإذا برئيس جمهورية لبنان يشن حملة على رئيس جمهورية فرنسا. هل تريدون بعد ذلك أن يستقبلوه وأن يتعاملوا معه كرئيس لجمهورية خاصة أن هناك القرار 1559 الذي لا يعترف بشرعية التمديد له؟ نحن في لبنان، علينا أن نحترم الدستور. لكن في الخارج ليس لرئيس الجمهورية أن يهاجم رؤساء الدول. لم يترك بلدا واحدا صديقا للبنان. لذا عليه أن يتحمل مسؤولية أعماله وأن يتذكر ما قاله من شهر ونصف أو شهرين» في إشارة الى الانتقادات العنيفة التي وجهها لحود الى شيراك شخصيا.( وتتهم أوساط لحود فرنسا بدفع رومانيا، الدولة المضيفة للقمة الفرنكوفونية، الى استبعاد دعوته).

وفي كلام موجه الى الذين يبدون مخاوف لجهة تغييب موقع الرئاسة في لبنان، قال الحريري: «ليس الشخص هو الذي يحمي الرئاسة. فموقع الرئاسة يحميه أصلا الدستور وليس أميل لحود». غير أن رئيس كتلة المستقبل ابدى اسفه للجدل الدائر في بيروت حول هذا الموضوع بقوله إن ثمة «سوء فهم ما كان يجب أن يحصل، إذ نحن أصلا، كحركة 14 مارس (آذار) اتخذنا قرارات وأرسلنا كتبا الى القمة العربية نقول فيها إننا لا نعترف بإميل لحود. هناك بعض الأخطاء التي حصلت ويجب أن تصحح».

ونفى الحريري أن يكون وتياره أو الحكومة ساعين الى إعادة فتح معركة رئاسة الجمهورية التي لم يستطع مؤتمر الحوار الوطني أن يصل الى إيجاد مخرج لها. وأمس، نفت الخارجية الفرنسية اتهامات الرئاسة اللبنانية الجديدة بالتدخل في شؤون لبنان الداخلية مشيرة الى أن قرار رومانيا استبعاد لحود «لا يفاجئ فرنسا بالنظر للمواقف التي عبر عنها مجلس الأمن الدولي إزاء مسألة الانتخابات الرئاسية في لبنان».

وسئل الحريري عن المرحلة التي بدأت مع صدور تقرير المحقق براميرتز وعما إذا كان لبنان قد دخل مرحلة انتظار حتى حلول التقرير الجديد، فدعا الى عدم الانتظار وترسيخ الوحدة و«تخفيف الاحتقان بين اللبنانيين»، كذلك دعا الى الاهتمام بالوضع الاقتصادي اللبناني وتفعيل عمل الحكومة والالتفات الى التنمية وتوفير فرص عمل والتحضير الجيد لمؤتمر «بيروت 1» لدعم لبنان اقتصاديا وماليا. واعتبر الحريري أن فرنسا يمكن أن تقدم للبنان مزيدا من المساعدة إن على صعيد المؤتمر الدولي الموعود أو على صعيد المساهمة في تدريب وتسليح قوى الجيش والأمن والدعوة الدائمة لكشف الحقيقة في اغتيال الرئيس الحريري. ورأى النائب الحريري أن كشف الحقيقة هو «الحماية الوحيدة» للبنان واللبنانيين لأنه «إذا مر اغتيال الحريري من دون عقاب فسيكون سببا لمزيد من الاغتيالات ولن تتوافر الحماية لا للصحافيين ولا لرجال الدين ولا للسياسيين».

ومن جهته، وصف غوتيرون الاجتماع مع الحريري بأنه كان «مؤثرا» مضيفا أن الحريري «أجاب على كل الأسئلة بصراحة وببساطة وكثير من بعد النظر» ورأى غوتيرون أن دفع سورية الى تنفيذ مضمون القرارت الدولية ومنها القرار 1680 الخاص بترسيم الحدود وتبادل التمثيل الديبلوماسي يتطلب «مزيدا من الضغوط الدولية» على دمشق من قبل فرنسا واوروبا والولايات المتحدة الأميركية وصولا الى روسيا. واستبعد غوتيرون أن تتبدل السياسة الفرنسية إزاء لبنان بوصول رئيس جمهورية جديد الى قصر الأليزيه «لأن لبنان يحظى بإجماع فرنسي» بغض النظر عن الانتماءات السياسية.