سعد الحريري يدعو من باريس لتنفيس الاحتقانات في لبنان ويحث السياسيين على تحمل مسؤولياتهم

TT

رسائل عدة تمخض عنها اجتماع رئيس كتلة نواب المستقبل النيابية اللبنانية سعد الدين الحريري مع الرئيس الفرنسي جاك شيراك أمس في قصر الإليزيه.

فالرئيس الفرنسي عبر أوساط الرئاسة، والنائب الحريري في تصريحاته عقب الاجتماع، وجها إشارات ورسائل في إطار التهدئة وتشجيع اللبنانيين على الإمساك بمصيرهم بأنفسهم. فالرئيس الفرنسي، الذي لعبت بلاده الدور الأول ولا تزال في دفع مجلس الأمن لرعاية الوضع اللبناني، مرر ثلاث رسائل خلال الاجتماع الذي جال على مختلف أوجه الحال اللبنانية ببعديها السوري والإسرائيلي، كما تناول المواضيع الإقليمية الأخرى مثل العراق وفلسطين والأزمة مع إيران. وتتمثل الرسالة الأولى، بحسب ما نقلت الأوساط الرئاسية، في تشديد شيراك على «أهمية الحوار الوطني بين كل الأطراف اللبنانية» للخروج من حال التأزم والاحتقان التي يعيشها لبنان بشكل دوري. وتبرز أهمية الرسالة، في الإشارة الى «كل الاطراف» اللبنانية حيث أن المسؤولين الفرنسيين يؤكدون لمن يريد ان يسمع أن باريس وواشنطن ومعهما مجلس الأمن وفرتا الأرضية القانونية الدولية (قرارات مجلس الأمن) لخروج سورية من لبنان وكف يد التدخل الخارجي عن لبنان. لكن اللبنانيين، بحسب ما تؤكد عليه، «يتحملون مسؤولية اغتنام الفرصة المتاحة ليتفقوا في ما بينهم» على القضايا الخلافية، ومن هنا أهمية الحوار الوطني. ونقل الحريري عن شيراك قوله إنه «متشجع» مما أسفرت عنه جلسات الحوار اللبناني الذي يرى فيه «الطريق الوحيد لإيجاد الحلول» للمسائل العالقة في لبنان. غير أن الإصرار على الحوار لا يعني أن باريس تهمل القرارت الدولية التي من المفترض بها أن يضمن احترامها سيادة لبنان واستقلاله. أما الرسالة الثالثة والأخيرة فهي إعادة تأكيد استعداد فرنسا لمساعدة لبنان على عقد وإنجاح «مؤتمر بيروت-1» ودعم خطة الإصلاح الاقتصادي والاجتماعي التي تعمل عليها الحكومة اللبنانية والتي تشكل خطوة لا بد منها لانعقاد المؤتمر والتزام الأطراف الدولية بمساعدة لبنان. وحول هذه النقطة بالذات، قال الحريري إنه يتعين على الحكومة اللبنانية أن تقر الخطة الإصلاحية «خلال اسبوعين أو ثلاثة أو أربعة» يفترض أن تقوم على أثرها بحملة تسويق لدى البنك الدولي وصندوق النقد الدولي مترافقة مع حملة في الداخل «لتحقيق الإجماع» بين اللبنانيين. واعتبر الحريري أن من الممكن تحقيق هذا الهدف في حال توافرت «أجواء إيجابية» داخل لبنان وتوفر عنصر «التهدئة».

وتمثل الدعوة الى التهدئة «المحور الأول» لرسائل الحريري من باريس نحو لبنان وسورية. وبعكس ما فعله الأربعاء الماضي عقب لقائه مجموعة من أعضاء مجلس الشيوخ الفرنسي عندما فتح النار على الرئيس اميل للحود وحمله مسؤولية استبعاده عن القمة الفرنكوفونية، أكد رئيس تيار المستقبل أمس أنه يعمل على «إزالة التشنج» من الأجواء اللبنانية لأن «الاحتقان (الذي ظهر) خطير جدا» ولأن «ثمة محاولات دائمة، منذ استشهاد الرئيس الحريري من أجل تفجير الوضع في لبنان». واستطرد الحريري قائلا: «علينا أن نتحلى بالهدوء في لبنان: فالتشنجات القائمة والمواقف المتشددة يجب أن تهدأ. لبنان بلد الحوار وعلينا التزام الصدق داخل الحوار وخارجه».

وبرزت الدعوة الى التهدئة في تعاطي الحريري مع موضوع إقامة علاقات دبلوماسية بين لبنان وسورية، وفي رده على تصريحات وزير خارجية سورية وليد المعلم عقب قمة القاهرة المصرية ـ السورية التي غابت عنها أية رغبة في السجال. وكان المعلم أعلن أن بلاده لا تمانع من حيث المبدأ في إقامة علاقات دبلوماسية مع لبنان لكن تحقيق ذلك يفترض وجود مناخات ملائمة بين البلدين. وقال الحريري: «في إطار الحوار الوطني، ميزنا بين العلاقة مع سورية وبين التحقيق الدولي، لكن الأكيد أن سورية لم تفعل ذلك».