استطلاع أميركي: المسلمون في أوروبا أقل ميلا نحو مفهوم «صدام الحضارات»

تباين وجهات نظر المسلمين والغربيين حول الأحداث العالمية

TT

كشفت استطلاع دولي جديد مع 14 الف شخص في 13 دولة ان وجهات نظر المسلمين والغربيين في العالم مختلفة تماما بخصوص الاحداث العالمية، وان كل مجموعة منهم تنظر للاخرى بأنها عنيفة وغير متسامحة وتفتقر الى احترام المرأة.

وفيما اعتبره مشروع بيو للموقف العالمي اكثر النتائج لفتا للانتباه، ذكر المسلمون في مصر واندونيسيا والاردن وتركيا ـ وهي الدول الاسلامية ذات العلاقات القوية مع الولايات المتحدة ـ على سبيل المثال، انهم لا يعتقدون ان العرب هم الذين نفذوا هجمات 11 سبتمبر الارهابية على نيويورك وواشنطن.

وكانت هذه واحدة من النتائج التي تشرح الفرق الشاسع بين المجموعتين في اعقاب عام آخر من العنف والتوتر المتركز حول هذا الانقسام.

وتبين من استطلاع مؤسسة بيو ان الاغلبية في الولايات المتحدة وفي دول اوروبية وآسيوية وافريقية والشرق الأوسط تعتبر العلاقات سيئة بصفة عامة.

وحمل المسلمون في انحاء العالم، بصفة عامة، بما فيهم الجاليات الاسلامية الكبيرة في بريطانيا وفرنسا وألمانيا وإسبانيا، الغرب مسؤولية سوء العلاقات، بينما يلوم الغربيون المسلمين. وبالنسبة للمسلمين في الشرق الاوسط وآسيا فهم ينظرون للغربيين نظرة انهم بلا اخلاق وأنانيون. بينما ينظر الغربيون للمسلمين على انهم متعصبون.

ولم تكن النتائج موحدة، وقدمت بعض المفاجآت:

عبر ثلثا الفرنسيين عن وجهات نظر ايجابية بالنسبة للمسلمين، بل ان اغلبية اكبر من المسلمين الفرنسيين ينظرون نظرة ودية للمسيحيين واليهود.

والمسلمون في اوروبا اقل ميلا نحو مفهوم «صدام الحضارات» بالمقارنة بالرأي العام في اوروبا والمسلمين في انحاء العالم. وقد اجرت بيو هذا الاستطلاع وهو ضمن مشروع بيو للموقف العالمي لعام 2006، في شهري ابريل ومايو في بريطانيا ومصر وفرنسا وألمانيا والهند واندونيسيا والأردن ونيجيريا وباكستان وروسيا وإسبانيا وتركيا والولايات المتحدة.

وذكرت مؤسسة بيو التي أجرت لقاءات مع المسلمين في اوروبا كجماعة، لأول مرة هذا العام، ان وجهات نظرهم تمثل «جسرا» بين وجهات النظر المتباينة للاوروبيين الآخرين والمسلمين في اسيا والشرق الاوسط.

وأوضح اندرو كوهوت مدير مركز بيو للابحاث ان النتائج بشكل عام تظهر انه «على الرغم من عدم جودة العلاقات، فلم تحدث زيادة في العداوة بين المجموعتين في العام الماضي». وبالرغم من ان الجانبين ينظرون للعلاقات نظرة سيئة، «فلم تزدد سوءا».

وبالرغم من ذلك فإن الاغلبية في كل البلاد التي جرى فيه الاستطلاع فيما عدا باكستان عبرت عن تشاؤمها بخصوص العلاقات المسيحية ـ الاسلامية، وسجلت المانيا اعلى نسبة (70 في المائة) ثم فرنسا (66 في المائة) وتركيا (64 في المائة) واسبانيا وبريطانيا (61 في المائة) ومصر (58 في المائة).

وبالنسبة لهؤلاء الذين يرون العلاقات سيئة اعتبر، اربعة اخماسهم في تركيا، الغرب هو المسؤول، وأيضا الاغلبية في اندونيسيا والأردن ومصر. وفي نيجيريا كان الانقسام بين المسلمين والمسيحيين حادا حول هذا السؤال: فبينما اعتبر 69 % من النيجيريين المسيحيين ان المسلمين يتحملون مسؤولية سوء العلاقات، فإن 83 % من النيجيريين المسلمين اعتبروا الغرب مسؤولا عن ذلك.

وذكرت بيو ان الاغلبية في العالم الاسلامي، عبرت ايضا عن رأيها بأن انتصار حماس في الانتخابات الفلسطينية في شهر يناير الماضي «سيساهم في تسوية عادلة بين اسرائيل والفلسطينيين ـ وهي وجهة نظر مرفوضة تماما من غير المسلمين».

وذكر المسلمون والغربيون ان الحرب في العراق بقيادة الولايات المتحدة، التي دخلت عامها الرابع، هي السبب الرئيسي لسوء العلاقات.

وقد وقف المسلمون الاوروبيون الى جانب الرأي العام الاوروبي في بعض القضايا، مما يشير الى ان الاندماج يتحرك للامام بطريقة افضل مما اشارت اليه الاحداث الاخيرة.

فبينما ينظر المسلمون خارج اوروبا للغربيين بأنهم يتميزون بالعنف وبلا اخلاق، فلم يشارك المسلمون في فرنسا وألمانيا وإسبانيا وجهة النظر هذه. غير ان الاستطلاع كشف ان المسلمين البريطانيين ينتقدون الغرب انتقادا حادا، ويحملون وجهات نظر سلبية تشبه وجهات نظر المسلمين في مصر وإندونيسيا والأردن ونيجيريا.

وفي تركيا، زادت وجهات النظر السلبية للغرب مع معارضة اوروبا لانضمام تركيا للاتحاد الاوروبي. فنسبة الذين يحملون وجهات نظر ايجابية للمسيحيين بلغت 16 في المائة فقط، مقارنة بـ 31 في المائة عام 2004.

كما تميزت تركيا بسبب النسبة العالية من الناس التي تشير الى انها لا تعتقد ان العرب نفذوا هجمات 11 سبتمبر على مركز التجارة العالمي في نيويورك والبنتاغون. فقد عبر 59 في المائة عن عدم تصديقهم، بالمقارنة بـ 43 في المائة في استطلاع اجرته مؤسسة غالوب عام 2002.

كما كان عدم التصديق قويا في مصر وأقوى في إندونيسيا حيث بلغت النسبة 65 في المائة. وحتى في بريطانيا لم يعتقد 56 في المائة من المسلمين ان العرب نفذوا الهجمات، ولم تتعد نسبة المقتنعين بذلك عن 17 في المائة.

وبالنسبة للعمليات الانتحارية، وجد استطلاع بيو ان التأييد انخفض في العام الماضي في باكستان واندونيسيا وفي الاردن، بصفة خاصة، حيث ذكر 29 في المائة ان اعمال العنف ضد الاهداف المدنية يمكن، عادة او في بعض الاحيان تبريرها، بالمقارنة بـ 57 في المائة في عام 2005. وظل التأييد مرتفعا في تركيا، حيث بلغت النسبة 17 في المائة، بل وأعلى من ذلك في مصر حيث بلغت 28 في المائة.

كما وجد الاستطلاع ان 63 في المائة من البريطانيين لديهم وجهة نظر ايجابية للمسلمين، بالمقارنة بـ 67 في المائة في عام 2004، مما يشير الى ان تفجيرات العام الماضي في لندن لم تؤد الى زيادة عالية في التحيز. وكانت وجهات النظر في بريطانيا اكثر ايجابية من مثيلاتها في الولايات المتحدة وألمانيا وإسبانيا (حيث انخفضت شعبية المسلمين الى 29 في المائة) وفرنسا بنفس النسبة تقريبا.

وذكر اقل من ثلث البريطانيين من غير المسلمين انهم يعتبرون المسلمين عنيفين.

وهي نسبة قليلة للغاية مقارنة برأي غير المسلمين في اسبانيا حيث بلغت النسبة 60 في المائة والمانيا 52 في المائة والولايات المتحدة 45 في المائة وفرنسا 41 في المائة.

وبالمقارنة وجد الاستطلاع ان المسلمين البريطانيين يمثلون «استثناء ملحوظا» في اوروبا، حيث لديهم وجهات نظر سلبية عن الغربيين اكثر من الاقليات المسلمة الاخرى في الدول الاوروبية.

فأغلبية هامة من المسلمين تنظر للغربيين على اساس انهم انانيون ومغرورون وجشعون وبلا اخلاق. وذكر اكثر من النصف ان الغربيين يتميزون بالعنف. بينما ذكرت الاغلبية العظمى من المسلمين الاوروبيين ان الغربيين يحترمون المرأة، وهو ما قبله اقل من نصف المسلمين البريطانيين. ومن بين النتائج المفاجئة هي ان 32 في المائة فقط من المسلمين في بريطانيا لديهم وجهة نظر ايجابية تجاه اليهود، مقارنة بـ 71 في المائة من المسلمين الفرنسيين.

وفي باكستان، حيث ذكر 69 في المائة انه لا يمكن تبرير العمليات الانتحارية، مقارنة بـ 46 في المائة في الربيع الماضي، فإن عدد الذين يرون العلاقات جيدة بصفة عامة (30 في المائة) يزيد على عدد الذين يعتبرون العلاقات سيئة (25 في المائة)، بالرغم من ان 39 في المائة ليست لديهم وجهة نظر محددة. وفي مقابلات اخرى، اشار الناس الى تأييد الحكومة الباكستانية للحرب الاميركية على الارهاب على انها من بين الاسباب لوجهات النظر المتداخلة.

وفيما يتعلق بوجهات نظر الغربيين، فإن رأيهم في المسلمين ظل ايجابيا في بريطانيا وفرنسا والولايات المتحدة، طبقا للاستطلاع. وفي روسيا حيث ادعت الحكومة نجاحها ضد المتمردين في الشيشان، فإن وجهات النظر الايجابية زادت في العامين الماضيين.

الا ان عدم الثقة زاد في المانيا، حيث بلغت نسبة الذين لديهم وجهات نظر سلبية بشأن المسلمين 54 في المائة، كما زادت زيادة كبيرة في اسبانيا حيث بلغت 62 في المائة، مقارنة بـ 37 في المائة في العام الماضي. بينما تميزت فرنسا بسبب وجهات النظر المتجانسة للمسلمين وغير المسلمين حول عديد من القضايا.