انتخابات الكويت: أعلى نسبة إقبال منذ الستينيات بفضل مشاركة النساء

الشيخ المبارك الصباح أكد أن المرأة حققت فوزا بحضورها.. وتوزيع الورود والمراوح الصغيرة على الناخبات

TT

سجلت الانتخابات البرلمانية في الكويت أمس رقما قياسيا جديدا من حيث عدد الناخبين الذين شاركوا في عملية الاقتراع، لاختيار أعضاء مجلس الأمة الحادي عشر منذ انطلاقة الحياة الدستورية عام 1962. وتشير الأرقام الى أن نسبة المشاركة فاقت 40%، بفضل مشاركة واسعة النطاق للنساء.

وقال وزير الداخلية في الحكومة الكويتية التي يفترض أن تستقيل بعيد صدور نتائج الانتخابات، إن الإقبال كان «كبيرا جدا» وغير مسبوق بسبب اقتراع النساء، للمرة الأولى في تاريخ البلاد. وأوضح الشيخ جابر المبارك الصباح «أخبرنا القضاة أن نسبة الإقبال كانت كبيرة جدا وهذه أول مرة يكون فيها الإقبال بهذا الشكل»، وذلك بسبب مشاركة المرأة. وأضاف الوزير في مؤتمر صحافي عقده مساء أمس «المرأة فازت اليوم في الاقتراع والحضور وأعتقد أن هذا نجاح مهم لها». وتشير كل المعطيات الى مشاركة كثيفة للنساء في جميع مراكز الاقتراع المخصصة لهن. من جهته، أعلن التلفزيون الكويتي الرسمي أن نسبة المشاركة فاقت 40%، قبيل إغلاق أبواب مركز الاقتراع في الثامنة مساء أمس بتوقيت الكويت (الخامسة بتوقيت غرينتش).

وتأتي هذه الانتخابات في ظل ظروف استثنائية سياسية على أثر الأزمة التي نشبت بين أغلبية نواب المجلس المنحل في 22 مايو (أيار) الماضي والحكومة بشأن الإصلاح السياسي وتعديل توزيع الدوائر الانتخابية. لذلك فإن العديد من المراقبين والمرشحين والقوى السياسية يصفون المجلس التشريعي المقبل بأنه مجلس تحديد المستقبل. ويتنافس 253 مرشحا ومرشحة في 25 دائرة على خمسين مقعدا ويمثلون كافة أطياف المشهد السياسي الكويتي وفئات المجتمع من التيار الوطني الديمقراطي والليبراليين والإخوان المسلمين والسلف والمستقلين وممثلي الطبقة التجارية والقبائل والمستقلين المقربين من الحكومة.

وأشرف على عملية الاقتراع التي يشارك فيها 340 ألف ناخب وناخبة و700 قاض ووكيل نيابة عامة في 345 لجنة انتخابية.

وفي مشهد أيضا غير مسبوق شهدت لجان النساء كثافة كبيرة منذ الصباح الباكر وقبل فتح مقار الاقتراع في الساعة الثامنة صباحا، حيث وجدت أعداد كبيرة من السيدات والفتيات من الماكينات الانتخابية للمرشحين والمناصرات لهم، بينما شهد اقبال الرجال معدلات متوسطة حيث كانت النسبة العامة للاقتراع بمعدل 30 في المائة حتى منتصف النهار وهي نسبة جيدة مقارنة بالانتخابات التي أجريت خلال العقدين الماضيين.

وبعد جولة تفقدية على مجريات العملية الانتخابية لرئيس مجلس الوزراء، الشيخ ناصر المحمد الصباح، على عدد من اللجان الانتخابية، قال إن زيارته لدائرة الأحمدي، وهي اكبر دائرة انتخابية، جاءت «لمباركة الكل على هذا العرس الديمقراطي الذي نعتز ونفتخر به»، معربا عن أمله باستمرار هذا النهج الديمقراطي. وعبر عن تمنياته بالتوفيق لجميع المرشحين والناخبين، مضيفا «نبارك لأنفسنا هذا العمل الديمقراطي».

وكان رئيس مجلس الوزراء قد بدأ جولته التفقدية بزيارة لمقر الاقتراع النسائي اللجنة الأصلية لاقتراع النساء في الدائرة العاشرة في العديلية حيث اطمأن على سير عملية الاقتراع والتنظيم الذي قامت به اللجان المكلفة. وأشاد بمشاركة المرأة الكويتية بممارسة حقوقها السياسية، مؤكدا ان هذه المشاركة أضفت روحا جديدة على مسيرة الديمقراطية في الكويت.

وشهدت مراكز الاقتراع إقبالا نسويا منذ أن فتح باب التصويت في الانتخابات صباح أمس. ولوحظ توافد مجموعات من النساء في سياراتهن الخاصة. والجديد في هذه الانتخابات ليس مشاركة المرأة فقط بل ظهور أشياء جديدة لم تكن مألوفة من قبل مثل استقبال الناخبات بالورود وإعطاء كل ناخبة وردة وعليها اسم المرشح، واستقبال الناخبة بكلمة «خالتي لا تنسين ولدك..»، إضافة الى توزيع مراوح صغيرة تعمل ببطارية لترطيب الأجواء.

واختلطت الألوان أمام المقار الانتخابية نظرا لكثرة المندوبات اللاتي يحملن مظلات تقي من الشمس طبع عليها اسم المرشح حيث تصطحب المندوبة الناخبة فور نزولها من سيارتها تحت المظلة الى أن تدخل مقر الاقتراع. وعلى باب مدرسة الاقتراع لوحظ العديد من الحلويات والموالح والعصائر والمياه الباردة التي تقدم للناخبات مع التوصية باسم المرشح. بعض المرشحين تفننوا في الإعلان عن أنفسهم فوضعوا ملصقاتهم الانتخابية على زجاجات المياه والعصائر التي قد تدخل بها الناخبة مسافة الى أن تصل الى اللجنة الانتخابية بهدف تذكيرها باسم المرشح. كذلك استخدمت في الانتخابات الحالية خدمة التوصيل من المقر الانتخابي للمرشح الى مقر الاقتراع حيث خصص بعض المرشحين سيارات صغيرة تعمل بالبطارية لتكون تحت إمرة الناخب إذا توجه الى المقر الانتخابي وليس الى مقار الاقتراع.

وعلى عكس المتوقع بدا التوافد من الناخبين على بعض المقار الانتخابية منذ الصباح الباكر، حتى أن بعضهم من كبار السن جاءوا الى مراكز الاقتراع بعد صلاة الفجر، في حين فتح الباب الرسمي في الثامنة صباحا. وحتى الثانية عشر ظهرا سارت العملية الانتخابية بهدوء ومن دون مشاكل، حسب قول محافظ العاصمة، الشيخ علي الجابر، أثناء تفقده لمراكز الاقتراع حيث لم تسجل أي شكوى او عقبات لعملية التصويت.أما وزير الإعلام السابق، الدكتور أنس الرشيد، فقد استذكر في تصريحات أدلى بها بعد اقتراعه، أمير الكويت الراحل الشيخ جابر الأحمد ومبادرته السامية لإعطاء المرأة الكويتية حقوقها السياسية، ولاحظت «الشرق الأوسط» وجود مجموعة من البطاقات مع مرشح الدائرة الثانية، عبد الله النيباري، فسألته عن السبب؟ فقال بروح تنافسية شريفة «ما المشكلة فكلنا إخوان ونتنافس بشرف ويهمنا في النهاية أن يصل الى مجلس الأمة من يستطيع خدمة الكويت أكثر».

واقتربت «الشرق الأوسط» من سيدة تسألها عن تصوراتها لانتخابات 2006 فأجابت بعفوية «الانتخابات تحكمها النسوان»، في اشارة الى أن الناخبات هن العامل الأساسي والمؤثر في النتائج. وقالت ضياء السعد، 55 عاما، وهي من أوائل النساء اللواتي أدلين بأصواتهن في الجابرية «اشعر انني على وشك البكاء من الفرحة لأنها لحظة تاريخية بالنسبة للكويت. آمل أن تنجح امرأة».

ولكن معظم الخبراء لا يرون إلا فرصا ضئيلة في نجاح المرشحات بسبب قلة خبرتهن السياسية والمنافسة القوية من جانب المرشحين الذين لديهم قاعدة راسخة من الناخبين. كما لم يتوفر لدى الناخبات وقت كاف للإعداد لحملاتهن الانتخابية.