تداعيات هجمات لندن تلقي بظلالها على أسلوب الحياة البريطانية

مع الذكرى الأولى: الحرب في العراق جعلت بريطانيا هدفا للمتعاطفين مع القاعدة «لسنوات قادمة»

TT

بعد مرور عام على قيام أربعة من الشبان البريطانيين المسلمين بتنفيذ أول هجوم على الاطلاق في بريطانيا، مما أدى لمقتل 52 شخصا وإصابة أكثر من 700، لا يزال الشعور بتداعيات الحدث على نسيج المجتمع بالغ القوة.

قتل محمد صديق خان وشاه زاد تنوير وجيرماني لندساي وحسيب حسين، الذين يقال إنهم اكتسبوا مهاراتهم في التفجير عبر شبكة الانترنت، أناسا من جنسيات عديدة، عندما أطلقوا المحتويات القاتلة الموجودة داخل الحقائب التي يحملونها على ظهورهم في عربات ثلاثة من قطارات مترو الانفاق وحافلة.

كان ضحاياهم من بريطانيا وبولندا وإيطاليا وإيران وإسرائيل وفيتنام ونيجيريا وتركيا وموريشيوس ونيجيريا ونيوزيلندا وأستراليا وسري لانكا، الامر الذي يعكس مدى التنوع الثقافي والعرقي الذي يميز لندن.

أظهرت المدينة ذات التركيب الفسيفسائي تماسكا ووحدة في ذاك اليوم، لكن روح التحدي التي أظهرها سكانها راحت تتراجع يوما بعد يوم بفعل الخوف والانقسام وفقدان الثقة.

وكان رئيس الوزراء توني بلير، قد صرح بعد التفجيرات بقوله «لقد تغيرت قواعد اللعبة». في إشارة إلى أن بريطانيا باتت جاهزة للتضحية بسمعتها كبلد ينهج أسلوبا متسامحا و«مرنا» من أجل مزيد من الأمن.

وأدى إطلاق النار عن طريق الخطأ، الذي اعتذرت عنه الشرطة، في تعميق هوة الثقة المفقودة بين المواطنين وسلطات الدولة، وإلى إعراب زعماء الجاليات العرقية، ومنها الجالية المسلمة، عن تخوفهم من الاضرار بالعلاقات المجتمعية على نحو يصعب إصلاحه.

وكانت كلمات محمد عبد الباري الزعيم الجديد للمجلس الاسلامي البريطاني بالغة الدلالة وهو يقول «جاليتنا فيها عامل النظافة والمدرس والممرضة وسائق التاكسي يتمتعون جميعا برجاحة العقل، وفكرة أننا جميعا متعصبون تبعث على السخرية».

ويعد عبد الباري 52 عاما، وهو أستاذ فيزياء بالجامعة جاء إلى بريطانيا من بنغلاديش عام 1978، صاحب أكبر الاصوات نفوذا بين مسلمي بريطانيا.

وقد صرح في أول مقابلة صحافية له قائلا «التطرف يمثل تهديدا. ولكنه لا يقتصر على فئة دون غيرها. هناك التطرف المسيحي والتطرف الاسلامي والتطرف اليهودي. وأننا نرفض حديث البعض عن إرهابيين إسلاميين، فأولئك الذين يروعون الناس ليسوا بمسلمين على الاطلاق». لكن هذا المثقف حلو الحديث وجد صعوبة بعد ذلك في تخفيف التوتر المكتوم بين مسلمي بريطانيا البالغ عددهم 7.1 مليون نسمة وبقية المجتمع.

ويقول عبد الباري «إن الخوف يتملك المسلمين الان. فقسم كبير منهم لا يزال يعاني الفقر وضعف التعليم والبطالة والحياة تزداد صعوبة أمامهم. إنها كابوس، لا سيما بالنسبة للشباب».

كما أن الصور التي يبثها التلفزيون يوميا من العراق لا تزيد الغضب بين أقلية قابلة للتطرف إلا لهيبا. وجاء في تقرير تسرب من المخابرات في مايو (أيار) الماضي أن الحرب في العراق جعلت بريطانيا هدفا للمتعاطفين مع القاعدة «لسنوات قادمة».