إسرائيل تقرر تحويل قضية الجندي المخطوف إلى حرب استنزاف

TT

رغم أن رئيس الوزراء الاسرائيلي، إيهود أولمرت، ورئيس أركان الجيش، دان حالوتس، أعلنا عن رفض الاستسلام لشروط الخاطفين الفلسطينيين، فقد أعلنت مصادر مقربة منهما أنهما أبلغا مصر موافقتهما على اطلاق سراح أسرى فلسطينيين مقابل تحرير الجندي الاسرائيلي، غلعاد شليط. لكنهما اشترطا أن يكون هؤلاء الأسرى ممن لم يدانوا بعمليات قتل اسرائيليين. وأكدت تلك المصادر أن اسرائيل أبدت استعدادها لإطلاق سراح مئات الأسرى الذين يتجاوبون مع الشرط المذكور، وهم بالأساس ممن اعتقلوا بسبب وجودهم في اسرائيل من دون تصاريح أو بسبب مخالفات جنائية، وكذلك ممن أدينوا بتهم العضوية في التنظيمات المسلحة. كما أن الصفقة، إن وقعت بين الطرفين، ستشمل جميع الوزراء وأعضاء المجلس التشريعي الفلسطيني الذين اعتقلوا في الحملة الكبرى في الأسبوع الماضي، وربما بعض النواب الذين انتخبوا لعضوية المجلس وهم في السجن. وكانت اسرائيل قد أقرت خطة عسكرية جديدة ضد الفلسطينيين ردا على عملية الخطف واستغلالا لهذه العملية لتحقيق أهداف سياسية أكبر مثل ضرب حركة «حماس» وإشغال فتيل الفتنة وإغراق السلطة الفلسطينية في عملية البناء الأولي للبنى التحتية وترك القضايا الجوهرية الكبرى. وتقوم هذه الخطة على إجراء حرب استنزاف متواصلة للطاقات الفلسطينية، حتى لو دامت فترة طويلة. وكما قال رئيس جهاز المخابرات العامة، يوفال ديسكين، في جلسة الحكومة أول من أمس، فإن هذه الحرب ستستغرق عدة أسابيع وربما عدة شهور. وقد شكك ناطق رسمي باسم الحكومة الاسرائيلية، أمس، في صدق البيان الذي نشر في قطاع غزة باسم الفصائل الثلاثة التي تبنت الهجوم على الموقع الاسرائيلي العسكري قبل عشرة أيام وخطف الجندي شليط، وحذرت فيه من أنها ستغلق ملف الخطف في السادسة من صباح اليوم إذا استمرت اسرائيل في تعنتها ولم تستجب للمطالب بإطلاق سراح دفعة كبيرة من الأسرى الفلسطينيين من السجون الاسرائيلية. وقال الناطق انه لا يستطيع التعامل مع كل بيان يصدر في الإنترنت، من دون أن يكون واضحا وموثوقا مصدره. ولكن رئيس الحكومة، أولمرت، أوحى بأنه يتعامل مع هذا البيان بمنتهى الجدية، إذ انه تغيب عن جلسة للكتلة البرلمانية لحزبه كان مقررا أن يحضرها للحديث عن موضوع الخطف والتصعيد العسكري الحربي في قطاع غزة والضفة الغربية. وأثار قراره هذا انتقادات واسعة في صفوف حزبه «كديما»، خصوصا وانه كان قد ألغى في الأسبوع الماضي جلسة لمجلس الحزب تقرر عقدها، أمس. وقال لقادة حزبه، مبررا هذا الإلغاء، إنه يريد أن يكرس جهوده لقضية الجندي المخطوف. فرد منتقدو أولمرت إنه لم يؤجل مشاهدة مباريات المونديال، وحضرها جميعا حتى في عز الأزمة. وكان نواب اليمين الاسرائيلي المتطرف قد طالبوا أولمرت بالامتناع عن الرضوخ للخاطفين بأي حال من الأحوال، وانتهاز الفرصة السانحة لتوجيه ضربة قاضية لحكومة «حماس» والتنظيمات الأخرى المسلحة. وقال النائب عن الاتحاد اليميني، أريه الداد، ان أسلوب التردد الذي يميز أولمرت ووزير دفاعه في هذه القضية، أدى الى تشجيع الخاطفين ليرفعوا سقف طلباتهم. في المقابل، طالب النواب العرب في الكنيست (ممثلي فلسطينيي 48) بالتفاوض مع الخاطفين وإطلاق سراح ألوف الأسرى الفلسطينيين (هناك 8500 أسير فلسطيني يقبعون في السجون الاسرائيلية). وقال النائب أحمد الطيبي، رئيس الحركة العربية للتغيير، إن ما يحكم الموقف الاسرائيلي الارتجالي في هذا الموضوع هو الغطرسة من جهة وتقديس القوة من جهة أخرى. وقال النائب جمال زحالقة، رئيس كتلة حزب التجمع الوطني الديمقراطي، إن كل خطف ينتهي عادة بالتفاوض ومن المغامرة إبقاء المسألة مفتوحة كما هو الحال اليوم، لأن ذلك يهدد حياة الجندي المخطوف.