انقسام في البنتاغون حول فاعلية خطط مهاجمة إيران جويا

مسؤولون حاليون وسابقون يحذرون بوش من مغبة قصف غير مدروس

TT

جدد مسؤول ايراني بارز موقف بلاده الرافض لوقف تخصيب اليورانيوم، مؤكدا كذلك انه ليس هناك جدول زمني للرد على المقترح الاوروبي بهذا الصدد، ويأتي ذلك فيما شكك مسؤولون عسكريون أميركيون في فعالية غارات جوية يقوم بها سلاح الجو الاميركي في تدمير البرنامج النووي الايراني، وذلك بسبب عدم توافر ما اسموه «معلومات جديرة بالثقة»، موضحين ان هناك عسكريين في وزارة الدفاع لا يشعرون بالارتياح الى فاعلية الخطط العسكرية الاميركية ضد طهران.

وقال علي حسيني تاش مساعد مسؤول الملف النووي علي لاريجاني في تصريحات لوكالة الانباء الطلابية «اسنا» امس ان «تجميد التخصيب ليس على الاجندة الايرانية». وتأتي هذه التصريحات قبل يومين من لقاء مرتقب بين لاريجاني ومسؤول السياسة الخارجية والأمنية بالاتحاد الاوروبي خافيير سولانا لبحث حزمة الحوافز. غير ان تصريحات حسيني تاش تجعل من المستبعد جدا حدوث اي تحول في الموقف الايراني. وقال المسؤول الايراني ان بلاده لا ترى ان وقف التخصيب عنصرا اساسيا في حل الازمة. وتطالب الدول الثماني الصناعية طهران بالرد على عرض الحوافز في 5 يوليو (تموز) الجاري، غير ان المسؤول الايراني قال ان بلاده لا تعتزم الرد في ذلك الموعد، مضيفا ان الدول الغربية لا تتوقع بدورها ردا ايرانيا في ذلك التاريخ. ومن ناحيته، أكد دبلوماسي غربي ان الدول الغربية لا تتوقع ردا ايرانيا بعد يومين، غير انه تابع انه بحلول 12 يوليو، واذا لم تكن السلطات الايرانية قد ردت فان مجلس الأمن قد يتحرك. الى ذلك، قال مسؤولون عسكريون اميركيون ان لديهم شكوكا في فعالية سيناريو الغارات الجوية المحتمل لتدمير البرنامج النووي الايراني، وذلك بسبب عدم توافر المعلومات الجديرة بالثقة، موضحين ان الضربات الجوية قد تؤدي الى عواقب اقتصادية وسياسية وخيمة ضد الولايات المتحدة، في الوقت الذي لن تضر فيه السلطات الايرانية. ووفقا للمسؤولين الذين تحدثوا الى الصحافي سيمور هيرش في مجلة «نيويوركر» الاميركية فان مسؤولين في وزارة الدفاع الاميركية (البنتاغون) «قالوا لإدارة الرئيس جورج بوش ان حملة القصف لن تتمكن على الارجح من تدمير البرنامج النووي الايراني».

ووفقا للنيويوركر فان هؤلاء الضباط الكبار الذين ما زالوا في الخدمة او متقاعدين، وطلبوا عدم الكشف عن هوياتهم، يشعرون بالقلق من الخطة التي اعدت لاحتمال توجيه غارات جوية ضد ايران، لانه لا تتوافر كما قالوا معلومات دقيقة او ادلة ملموسة حول التحضير لقنبلة نووية.

وأكدت المقالة ايضا ان البيت الابيض ايد امكان استخدام سلاح نووي لمهاجمة موقع «ناتنز» الايراني لتخصيب اليورانيوم، لكن المسؤولين العسكريين الاميركيين تمكنوا في ابريل (نيسان) الماضي من اقناعه بالتخلي عن هذا الخيار. وتتهم ادارة الرئيس بوش ايران بإجراء بحوث نووية عسكرية سرية لحيازة السلاح النووي، تحت غطاء البرنامج النووي المدني. ووفقا لمسوؤل عسكري رفض الكشف عن هويته فإنه حتى لو ان الاستخبارات الاميركية (سي اي ايه) تعرف على وجه الدقة مكان المنشآت النووية الايرانية، مستطردا «نحن لن نعرف هذه المعلومات، فإنه ينبغي علينا ان نعرف اين نقف وأين يقف العالم. فالموضوع هو ما اذا كان الخطر واضحا وآنيا». وتابع «لو انك مخطط عسكري، يجب عليك ان تزن الخيارات امامك، مثل رد فعل ايران المحتمل على ضربة عسكرية، او قدرتها على رد فعل انتقامي مثل منع السفن النفطية من العبور في مياهها الاقليمية». وتابع ان وزير الدفاع دونالد رامسفيلد والمسؤولين المقربين منه «يعتقدون انهم يستطيعون قصف ايران بتكلفة بسيطة، وهم يقللون من قدرات طهران». وتطالب واشنطن إيران بالكف عن اي نشاط يتصل بانتاج اليورانيوم المخصب الذي يستخدم وقودا للمفاعلات النووية والذي يتيح ايضا صنع القنبلة النووية. وقد امهلت الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن (الصين والولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا وروسيا) والمانيا طهران يوم الخميس اسبوعا اضافيا للرد على العرض الذي قدم اليها لانهاء الازمة الطويلة حول البرنامج النووي الايراني. ورفض بوش استبعاد امكانية القيام بعملية عسكرية ضد ايران اذا لم تسفر المساعي الدبلوماسية عن نتيجة.

ولا يشكك المسؤولون في البنتاغون في مخاوف الرئيس بوش من ان ايران تسعى لامتلاك سلاح نووي، غير أنهم يعربون عن مخاوفهم من ان هناك فجوة كبيرة بين المعلومات الاستخباراتية وبين خطط وزارة الدفاع. وأوضح احد المسؤولين الاستخباراتيين بالـ«سي اي ايه» ان المسؤولين بالاستخبارات يسألون مسؤولي وزارة الدفاع «ما هي الادلة؟». وذكرت مجلة «نيويوركر» ان تجربة الازمة العراقية التي كانت خلالها معلومات اجهزة الاستخبارات الاميركية غير دقيقة، تجعل كبار المسؤولين العسكريين يشعرون بالقلق من احتمال شن عملية جوية ضد ايران. وقال جنرال لنيويوركر ان «القلق الذي نشعر به الان هو نتيجة ما حصل في العراق»، حيث لم يعثر على اسلحة دمار شامل. وتكشف المقالة التي تحمل عنوان «مشكلة العسكريين مع سياسة الرئيس حيال ايران» ان الضباط قلقون من حكم التاريخ ومستعدون للاعراب عن اعتراضاتهم على القرارات المندفعة لوزير الدفاع دونالد رامسفلد، فيما تنتهي الولاية الثانية للرئيس بوش في 2008. وصرح جنرال متقاعد للمجلة ان اعضاء القيادة العسكرية «بدأوا يشعرون بأن النهاية وشيكة وهم لا يريدون ان يدينهم التاريخ. يريدون ان يقولوا: لقد قاومت».