ذكرى اعتداءات لندن لا تزال حية بعد مرور عام عليها

دقيقتا صمت تكريما لذكرى 52 ضحية الجمعة

TT

يحيي البريطانيون هذا الاسبوع الذكرى الاولى لاعتداءات لندن التي وضعتهم بشكل مفاجئ وعنيف في مواجهة واقع جديد هو واقع الارهاب الاسلامي الداخلي.

وسيلزم البريطانيون في جميع انحاء المملكة ظهر الجمعة (11.00 بتوقيت غرينتش) دقيقتي صمت تكريما لذكرى الضحايا الـ52 للعمليات التي استهدفت وسائل النقل المشترك في العاصمة البريطانية بالتزامن مع انعقاد قمة مجموعة الثماني في اسكوتلندا في السابع من يوليو (تموز) 2005.

ولا تزال ذكرى السابع من يوليو أليمة بعد مضي عام وفضل بعض الذين اصيبوا في الاعتداءات مغادرة لندن هذا الاسبوع حتى لا يتذكروا مشاعر الصدمة والهلع التي غمرتهم في ذلك اليوم.

وقد تقبلت بريطانيا مرغمة هذا الواقع الجديد، واقع المخاطر الارهابية الاسلامية الداخلية، وقد تحدث قائد الشرطة البريطانية (اسكوتلنديارد) سير ايان بلير عن هذه المخاطر اخيرا.

وقال ايان بلير خلال محاضرة حول الارهاب في 21 يونيو (حزيران) «السماء قاتمة والخطر حقيقي ومختلف هنا في بريطانيا عنه في الولايات المتحدة لانه ظاهرة تطورت الى حد بعيد في الداخل». وافاد ان السلطات احبطت منذ السابع من يوليو ثلاثة اعتداءات.

وفجر اربعة انتحاريين بشكل متزامن ثلاثة قنابل في قطارات الانفاق (مترو) وقنبلة رابعة بعد اقل من ساعة في حافلة بطبقتين.

وستكون المراسم في هذه الذكرى الاولى بسيطة والخطابات الرسمية محدودة نزولا عند طلب عائلات الضحايا. ومن المقرر وضع باقتين من الزهور قبل الظهر في محطة كينغز كروس وساحة تافيستوك سكوير في لندن، على ان يكشف بعد قليل عن خمس لوحات تذكارية، قبل ان تتوقف الحركة في البلد برمته في دقيقتي صمت.

وستقام مراسم الذكرى بعد الظهر في متنزه ريجنتس بارك بوسط لندن حيث دعي جميع المواطنين للمشاركة طوال النهار في صنع «فسيفساء» عملاقة من الازهار.

وبعد مرور سنة على هذا اليوم المأساوي الذي اصيب فيه ايضا 700 شخص بجروح، لم يتم العثور حتى الان على اي شريك للانتحاريين الاربعة ولم تسفر اي من الخيوط التي تمت ملاحقتها بصورة منهجية في الخارج ولا سيما في باكستان عن نتيجة وتم التخلي عن اي طرح بوجود «عقل مدبر» او «رجل خامس».

وبات البريطانيون على يقين على ضوء ثلاثة تقارير رسمية بان الارهابيين الذين نفذوا التفجيرات وهم محمد صديق خان، 30 عاما، وشهزاد تنوير، 22 عاما، وحسيب حسين، 18 عاما، وجيرمين ليندسي، 19 عاما، كانوا اشخاصا وشبانا عاديين مندمجين بصورة جيدة في المجتمع البريطاني واثنان منهم متزوجان ولديهما اولاد.

والانتحاريون الثلاثة الاوائل من اصل باكستاني كانوا يقيمون في حي بيستونز بمنطقة ليدز في حين ان الرابع من اصل جامايكي اعتنق الاسلام عام 2000.

وخلصت السلطات الى ان الارهابيين الاربعة او على الاقل صديق خان الذي صور قبل العملية شريطا يعلن فيه «شهادته»، مرتبطون «على الارجح» بتنظيم القاعدة، ولو ان هذا الرابط لم يحدد حتى الان. وقام خان وتنوير برحلة الى باكستان مثل مئات الاف المقيمين في بريطانيا كل سنة، غير ان شيئا في سلوك الانتحاريين لم يكن لينذر بما اقدموا عليه. ويبدو ان الانتحاريين انفسهم مولوا التحضيرات للاعتداءات وتنفيذها لقاء مبلغ لم يتعد 12 الف يورو بحسب وكالة رويترز للانباء.

واستبعد المحققون اي علاقة بسلسلة الاعتداءات المماثلة التي فشلت بعد اسبوعين في لندن والتي تم توجيه التهمة رسميا بصددها الى خمسة اشخاص.

كما اعتبر المحققون ان اجهزة الاستخبارات لم ترتكب اي خطأ كبير معتبرين انها لربما كانت حظيت بفرص اكبر في احباط الاعتداءات لو كانت تملك مزيدا من الوسائل. غير ان اجهزة الأمن كانت تقدر في تلك الفترة عدد «المشتبه فيهم» الاسلاميين بنحو ثمانمائة وكانت الاولوية لتحقيقات اخرى جارية في حين ان الانتحاريين الاربعة لم يثيروا اي شبهات ولو ان اثنين منهم (لم يتم التعرف اليهما آنذاك) ظهرا على هامش تحقيق آخر.

ونفت لندن قطعا المعلومات التي وردت بان وكالة الاستخبارات المركزية الاميركية (سي آي ايه) حذرت الحكومة البريطانية في العام 2003 بشأن صديق خان.

وكان ايمن الظواهري، نائب زعيم تنظيم القاعدة اسامة بن لادن، اعترف للمرة الاولى في سبتمبر (ايلول) الماضي بأن تنظيمه هو الذي نفذ هجمات لندن في السابع من يوليو الماضي والذي راح ضحيته 52 شخصا. وأشار تقرير برلماني بشأن هجمات لندن التي وقعت في يوليو في العام الماضي إلى أن الحرب في العراق لا تزال تشكل «دافعا وبؤرة لعدد من الأنشطة المتعلقة بالارهاب في المملكة المتحدة». وقال التقرير الصادر عن لجنة الأمن والاستخبارات في مجلس العموم البريطاني في مايو (ايار) الماضي، إنه لا يوجد حتى الآن دليل على صلة مباشرة بين هجمات السابع من يوليو وأحداث 21 من الشهر ذاته والتي أحبطت فيها محاولات للقيام بتفجيرات مماثلة.