شبح الاضطرابات يخيم على المكسيك .. بسبب الانتخابات

تقارب المرشحين الرئيسيين لانتخابات الرئاسة وإعلان كل منهما الفوز

TT

لاحت بوادر ازمة سياسية في المكسيك حديثة العهد بالديمقراطية امس بعد ان أعلن المرشحان الرئيسيان لانتخابات الرئاسة فوزهما اثر حملة انتخابية قسمت البلاد طبقياً.

وقال رئيس هيئة الانتخابات الفيدرالية لويس اوغالدي «ان الفارق ضئيل جدا بين الاول والثاني، ويستحيل حالياً اعلان الفائز». ودعا الرئيس المكسيكي فنسنت فوكس والكنيسة الكاثوليكية وسفير الولايات المتحدة المرشحين الى الحفاظ على الهدوء وانتظار النتائج الرسمية. لكن مرشح اليسار اندريس مانويل لوبيس اوبرادور، 53 سنة، سارع الى اعلان فوزه مشددا على ان هذه النتيجة «لا يمكن ان تتغير» و«وفقا للارقام المتوافرة لدينا فزنا بالانتخابات الرئاسية متقدمين بخمسمائة الف صوت على الاقل». واكد اوبرادور انه سيحترم ما ستقرره هيئة الانتخابات الفيدرالية لكنه دعا في الوقت ذاته مناصريه الى الاحتفال بالنصر في العاصمة. وبعد دقائق قليلة اعلن منافسه اليميني فيليبي كالديرون، 43 سنة، فوزه مستعرضا سلسلة من استطلاعات رأي الناخبين لدى خروجهم من مراكز الاقتراع تظهر تقدمه وختم بقوله «لقد فزنا في الانتخابات الرئاسية». ولم يقر الحزب الثوري الدستوري الذي ينتمي اليه المرشح الثالث روبرتو مادراسو، 53 سنة، كذلك بالخسارة.

وأظهرت النتائج المبدئية الليلة قبل الماضية تقدم كالديرون بفارق ضئيل. فبعد فرز نحو 86 في المائة من الاصوات كان كالديرون الذي تلقى تعليمه في جامعة هارفارد الاميركية قد حصل على 36.9 في المائة وأوبرادور على 35.66 في المائة.

وطلبت هيئة الانتخابات من المرشحين عدم اعلان فوزهم طالما انها لم تصدر النتائج الرسمية. وسبق للهيئة ان حذرت انه في حال كان الفارق اقل من 1% بين اول مرشحين سيتم ارجاء اعلان النتائج الى حين الانتهاء من فرز الاصوات يدويا.

وقد يستغرق الفرز النهائي للاصوات عدة أيام، الامر الذي عزز المخاوف من دخول البلاد في أزمة سياسية واحتجاجات في الشوارع. وستثير أي اضطرابات محتملة قلق الولايات المتحدة التي تعتمد على مساعدة المكسيك في تأمين حدودها ومواجهة مشكلة المهاجرين بشكل غير مشروع وعصابات تهريب المخدرات.

وزعم مؤيدو أوبرادور حدوث تلاعب في الانتخابات وأعادوا الى الاذهان انتخابات 1988 التي كان يعتقد على نطاق واسع أنها «سرقت» من مرشح يساري آخر. وقالت جابرييلا راميريس وهي طالبة بمكسيكو: «بدأوا يستخدمون حيلهم لان الجميع يعلم الفائز هو اندريس مانويل اوبرادور».

وقال منتقدو أوبرادور انه يبحث عن مبرر لتعبئة مؤيديه واثارة اضطرابات. وقال فيكتور بيريرا وهو سمسار عقارات في مطعم فاخر بمكسيكو: «اذا خسر يمكن أن يقول ان الاغنياء سرقوا الانتخابات، وقد يؤدي هذا الى فوضى».

ولم تتمتع المكسيك بنظام ديمقراطي الا في الانتخابات الرئاسية الاخيرة التي أجريت قبل ست سنوات عندما أنهى فنسنت فوكس المحافظ 71 عاما من حكم الحزب الثوري الدستوري الذي عادة ما اتسم بالفساد والاستبداد. وبموجب دستور البلاد، يحظر على فوكس الترشح لفترة اخرى.

وتعهد اوبرادور مرشح «حزب الديمقراطية» بوضع حد للامتيازات المقدمة للاغنياء وخفض اجور كبار الموظفين وانعاش الاقتصاد من خلال سياسة مشاريع ضخمة في كل انحاء البلاد. ويقول اوبرادور ان المشاريع التي يقترحها وخفض نفقات المؤسسات الحكومية ستحد من تدفق المكسيكيين الفقراء على الولايات المتحدة بحثا عن فرص عمل. وعمل اوبرداور في الفترة من 2000 الى 2005 رئيسا لبلدية مكسكيو حيث كان يتمتع بشعبية كبيرة وهو يقدم نفسه على انه قريب من الشعب ويريد ان يطرح بديلا عن الحكومات الاخيرة التي سمحت برأيه في اثراء اقلية على حساب الطبقات الفقيرة.

اما مرشح الحزب الحاكم كالديرون فيدعو الى «التغيير مع الاستمرار في خط» سلفه الذي اطلق عملية احلال الديمقراطية ويترك الحكم مع اقتصاد مستقر ومؤشرات اقتصادية جيدة لكن وسط تباين كبير بين الطبقات.

وقال رئيس هيئة الانتخابات اوغالدي لدى اغلاق مراكز الاقتراع ان عمليات التصويت جرت «بشكل مثالي» وان نسبة المشاركة قد تكون 60%. وسيتولى الرئيس الجديد مهامه في الاول من ديسمبر (كانون الاول) المقبل وسيكون التحدي الاكبر الذي سيواجهه مكافحة الفقر الذي يطال نصف سكان البلاد البالغ عددهم 103 ملايين، فضلا عن غياب الامن. وفي حال فاز اوبرادور، فانه سيشكل انتصارا جديدا لليسار في اميركا اللاتينية لكن هذه المرة عند ابواب الولايات المتحدة. وتحكم البرازيل والارجنتين وفنزويلا وبوليفيا والاوروغواي وكوبا حكومات من اليسار او اليسار الوسط. اما في حال فاز كاديرون، فسيبقى حزب العمل الوطني في الحكم بعدما ازاح عن السلطة قبل ستة اعوام الحزب الثوري الدستوري الذي حكم البلاد من 1929 الى 2000.