سري لانكا: شبح عودة الحرب يدفع الأقلية المسلمة للتحرك عسكريا

TT

مع عودة اعمال العنف في سري لانكا بين القوات الحكومية ومقاتلي نمور التاميل، يقول ممثلون للاقلية المسلمة في الجزيرة انهم محاصرون بين الطرفين وقد يتحركون عسكرياً اذا اندلعت الحرب مجددا.

وكانت لمسلمي سري لانكا الذين يمثلون ثالث اكبر طائفة في الجزيرة التي يهيمن عليها البوذيون السنهال (يشتركون في اللغة مع الهندوس) والاقلية المسيحية التاميلية، علاقة صعبة مع جبهة نمور تحرير تاميل ايلام. ففي التسعينيات اخرج النمور آلاف المسلمين من بلدة جافنا الشمالية، كما تعرضت مناطق المسلمين في الشرق لهجمات قتل فيها العشرات. وفي بلدة كاتنكودي ما زال احد المساجد يحمل اثار الرصاص من مذبحة وقعت عام 1990.

ويقول محمد شريف الدين، 56 عاما، الذي نجا من مذبحة المسجد بعد ان تظاهر بانه قتل: «لا يمكننا ان نعيش بمعزل عن بعضنا البعض. إنهم يأتون ويعملون هنا ونحن نتوجه الى مناطقهم ونبيع بضاعتنا، لكن اذا نشبت الحرب سيكون علينا ان نقاتل وسنموت».

وأدى وقف لاطلاق النار عام 2002 الى توقف الحرب التي استمرت عقدين وأودت بحياة 64 الف شخص، لكن اعمال العنف تعود تدريجياً، اذ قتل اكثر من 700 شخص العام الحالي ويخشى المسلمون الذين يهيمنون على دوائر الاعمال في الجزيرة ان ينزلقوا الى القتال ثانية. وامس، قتل سبعة اشخاص على الاقل في انفجارين يشتبه في انهما من تدبير مقاتلي التاميل في شمال وشرق البلاد. كذلك، قال نمور تحرير ايلام التاميل امس انهم يمهلون مراقبي الهدنة الاوروبيين من الدنمارك وفنلندا والسويد حتى الاول من سبتمبر (ايلول) المقبل لمغادرة سري لانكا. وافاد اس بي ثاميلسيلفان قائد الجناح السياسي في الحركة ان 37 من 57 مراقبا اسكندنافيا من هذه الدول الثلاث لا يمكن اعتبارهم محايدين بعدما وضع الاتحاد الاوروبي نمور التاميل على قائمة الجماعات الارهابية المحظورة. والقى باللوم على مقاتلي التاميل في هجوم بقنبلة يدوية على مسجد في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي اودى بحياة عدة اشخاص كما وقعت هجمات اخرى اصغر. ويخشى بعض المسلمين على مصيرهم لان مقاتلي التاميل يعتبرون ان طائفتهم تقف عقبة في جهود اقامة وطن مستقل للتاميل. ونقلت وكالة «رويترز» عن كاليندر بشير، وهو صاحب شركة صيد، قوله خارج منزله الذي تعرض للضرر بسبب موجات المد البحري الذي ضرب المنطقة قبل عامين: «نحن المسلمون لا نقاتل. لكننا محاصرون وسط اطلاق النار بين الحكومة وجبهة نمور تحرير تاميل ايلام».

وقاتل النمور الحكومة بالهجمات الانتحارية والكمائن وتجنيد الاطفال كما خاض الماركسيون السنهاليون صراعا داميا ضد الحكومة في الثمانينيات، في حين نأى المسلمون بانفسهم عن العنف السياسي. غير ان مقاتلي التاميل يقولون الآن ان الجيش يسلح بعض المسلمين وان جماعة مسلحة «جهادية» مدعومة من الحكومة تعمل بالفعل في شرق البلاد. لكن محللين وسكاناً نفوا وجود دليل على وجود هذه الجماعة. وقال رجل الاعمال المسلم عبد الرفيق وهو يجلس على دراجته النارية في شارع كاتنكودي الرئيسي بينما مرت عربة مدرعة الى جانبه: «هناك شائعات عن الجهاد، لكن الامر ليس الآن ربما يتعين علينا ان نفعل ذلك في المستقبل».