الكارثة السياحية في لبنان مرشحة للتمدد إلى الاقتصاد

TT

مع الإقرار الحكومي والاقتصادي بأن القطاع السياحي اللبناني تلقى ضربة قاصمة، أقله في المدى المنظور، بعد تحول النزوح الجزئي الى نزوح جماعي للسياح باتجاه سورية، تركز الاهتمام على درء الأخطار الموازية في الأسواق المالية والسعي الى تهدئة مخاوف المستثمرين والمودعين الخارجيين.

والثابت في سياق مواجهة التداعيات المتتالية لطبيعة الاعتداءات الإسرائيلية وتوسع نطاقها ومداها الجغرافي داخل العمق اللبناني، قدرة البنك المركزي على تلبية الطلب على الدولار ومنع المضاربات على النقد الوطني مستندا الى احتياط يبلغ 13 مليار دولار و«الدولرة» المرتفعة للودائع المصرفية بنسبة نحو 70 في المائة.

ولوحظ ان المصارف اللبنانية حرصت على متابعة أعمالها بشكل طبيعي في المراكز الرئيسية والفروع باستثناء فروع قليلة في المناطق الأشد توترا. وسجل غياب للموظفين بنسب متفاوتة نتيجة صعوبات التنقل وخصوصا في نطاق العاصمة والضاحية الجنوبية ومناطق الجنوب المختلفة.

ولبت المصارف طلبات الزبائن بما في ذلك تغطية الطلب على الدولار على الحد الأعلى للهامش السعري السائد منذ سنوات (9 سبتمبر 1999) والبالغ 1501 ـ 1514 ليرة للدولار. فيما تولى البنك المركزي تغطية الطلبات الفائضة.

ولا يزال التردد الشديد يطغى على تقديرات الخبراء والقيادات الاقتصادية في شأن الخسائر المباشرة وغير المباشرة التي تكبدها الاقتصاد منذ بدء الاعتداءات. لكن ثمة إجماعا على التحذير من بلوغ أسوأ السيناريوهات المرتقبة، أي الكارثية، في ظل التدمير المنهجي للجسور وتقطيع أوصال المناطق ومعاودة قصف مدارج المطار وخزانات الوقود ومحطات الكهرباء.

ويؤكد مسؤول اقتصادي لـ«الشرق الأوسط» أن إحصاء الخسائر المباشرة ارتفع بشكل صاروخي من عشرات ملايين الدولارات الى مئات الملايين. ويمكن التكهن مسبقاً بأن إصلاح الجسور المدمرة والخزانات والبنى التحتية سيستغرق شهوراً وليس أياما أو أسابيع. وهذا ما يزيد في حجم الخسائر. وأفاد المسؤول: «إن توسع العمليات العسكرية وعدم ظهور أي مؤشرات جدية لحلول سياسية حتى الساعة، يلقيان بظلال مخيفة على ما يمكن ترقبه من تداعيات اقتصادية واجتماعية، وخصوصاً ان خزينة الدولة اللبنانية منهكة وترزح تحت ديون تناهز 40 مليار دولار تستهلك خدمتها البالغة نحو 3.5 مليارات دولار كامل ايرادات الموازنة الى جانب الأجور والرواتب، ما يعني عدم توافر أي أموال للإنفاق الاستثماري والإعماري».

غير ان عضو مجلس ادارة غرفة التجارة والصناعة والزراعة في بيروت وجبل لبنان، عصام مكارم، اعتبر ان الوضع الناجم عن الاعتداءات الإسرائيلية يظل وضعا عابرا إذا حافظ رجال الأعمال والمستثمرون على تصميمهم على اعادة بناء ما خربه الاعتداء وإذا لم يشهد القطاع المصرفي حركة نزوح للأرصدة الأجنبية باتجاه الخارج.

ويجمع المحللون والخبراء على القول ان الكارثة التي اصابت القطاع السياحي بعد نزوح ما يزيد على 20 ألف سائح من لبنان، والالغاء التام للحجوزات والبرامج المقررة للأيام والأسابيع المقبلة، قد تكون مرشحة للتمدد الى قطاعات جديدة في مقدمها التجارة، تصديراً واستيراداً، بفعل تشديد الحصار الإسرائيلي الشامل، براً وبحراً وجواً. كذلك الأمر بالنسبة الى انتاج الطاقة الكهربائية الذي بدأ يتراجع في صورة لافتة، وصعوبة انسياب وتأمين المواد الغذائية والاستهلاكية في معظم المناطق بسبب الحصار وتدمير الجسور والطرق وصعوبات التنقل.