ملابس وهويات عسكرية للبيع وسط بغداد

«الشرق الأوسط» تتجول في منطقة «الباب الشرقي» لرصد حالات التزوير

TT

في جانب الرصافة من بغداد، وفي قلب مركزها التجاري في منطقة ساحة التحرير (الباب الشرقي) يقع سوق حمل الكثير من التسميات الرسمية الا انه احتفظ بتسميته الشعبية (سوق الحرامية). في هذا السوق تجد كل شيء، البضاعة مفروشة على الرصيف والمساومات على الاسعار هي الاسلوب الامثل لعقد الصفقات التجارية.

اغرب ما في هذا السوق هي محلات تبيع الملابس والرتب العسكرية باختلاف انواعها وانتماءاتها.فاذا كان الزبون يريد ان يتمتع بحمل رتبة نقيب او عقيد او حتى عميد في الجيش او الشرطة العراقية او جنرال في القوات الاميركية فبامكانه ان يحقق ذلك بأبخس الاسعار وذلك من خلال زيارته لهذا السوق.

«الشرق الأوسط» زارت سوق (الحرامية) والذي حمل سابقا تسمية سوق (اصدقاء الداخلية) او سوق (الباب الشرقي) واستطلعت الطريقة التي تمكن أي شخص ان يتحول الى ضابط برتب مختلفة من غير ان يتجشم عناء الدراسة او الانتساب فعليا للجيش او للشرطة، هنا نثبت ملاحظة مهمة مفادها ان الموضوع لا يقتصر على ارتداء الزي الرسمي للقوات العسكرية او الشرطة بل يتعداه الى النقطة الاهم وهي حمل هوية رسمية، مزورة طبعا، تؤكد بان حاملها ضابط في الاجهزة الامنية العسكرية وذلك من خلال مراجعة جانب آخر في السوق متخصص بإصدار الهويات والثمن حسب الرتبة.

ابو علي، هكذا قدم لنا نفسه، صاحب محل كبير في سوق الباب الشرقي، يعلق على واجهة محله انواعا مختلفة من البدلات العسكرية، وفي الخزانة الزجاجية هناك الرتب التي صفت بطريقة تغري الزبائن. سألنا بداية عما نريد، قال «تتوفر عندنا انواع البدلات والرتب العسكرية، واذا اردتم بدلات الشرطة ورتبهم او بدلات القوات الاميركية فكلها متوفرة لدينا وسنعمل لكم تخفيضا بالأسعار».

عندما تفحصت البدلات العسكرية، التابعة للقوات الاميركية خاصة، وجدتها حقيقية ومن انتاج شركات اجنبية، عندما سألته عن مصدر هذه البدلات، اجاب «تصلنا من مصادر مختلفة، من عراقيين يعملون مع القوات الاميركية، وبعضها لا نعرف كيف يحصلون عليها، مسروقة، ربما، انا لا أسال عن مصدرها فطالما البضاعة حقيقية ووصلت حتى هنا اشتريها».

تختلف اسعار البدلات العسكرية التي يبيعها ابو علي، ثمن البدلة التابعة للقوات الاميركية هو الاغلى، تأتي بعدها الملابس الرسمية للشرطة وللحرس الوطني العراقي، هذا ما عدا الرتبة، فكلما ارتفعت الرتبة ارتفع معها السعر. يقول ابو علي «النقيب في الشرطة او في الحرس الوطني يختلف عنه كمقدم او عميد».

في محل آخر قدم صاحبه نفسه باسم خالد، وهو في نهاية الثلاثينات من عمره، محله أصغر من الاول لكنه يحتوي على ذات البضاعة وأسعاره لا تختلف كثيرا عن اسعار ابو علي، لكن «ما يميزنا هو اننا نقدم خدمة كاملة، أي الملابس والمستمسكات، الهوية، اذ لا يكفي ان تحمل رتبة نقيب ولا تحمل هوية نقيب «هكذا يوضح خالد، مشيرا الى انه لا يريد ان يعرف ما هي دوافع الزبائن لشراء هذه البدلات والرتب، مع اننا نلمس بوضوح انه يعرف جيدا الاسباب من غير ان يعلن عنها او حتى يسأل عنها زبائنه.

هؤلاء الباعة لا يعلنون عن اسعارهم ما لم تشتر بالفعل بضاعتهم، وعندما تشتري سوف تبدأ المساومة على الاسعار، وغالبا لا يبخل الزبون بالثمن طالما انه سيستخدم هذه البدلات لأعمال مسلحة او لابتزاز الآخرين.

«المهم في عملنا»، يوضح خالد، هي «الثقة المتبادلة بيننا وبين الزبون نحن لا نسأل عن الاسم او العنوان او اية تفاصيل اخرى، وهو لا يوضح أي تفاصيل، بعضهم يكذب علينا ويقول انه بالفعل يعمل في الشرطة ويريد بدلة اضافية، انا لا اناقشه طالما هو يدفع ما اريده من مبلغ».

ليس بعيدا عن محلات بيع هذه البدلات هناك محلات الاجهزة الكهربائية او باعة تفترش بضاعتهم الارض، بين هذه البضاعة نجد «اضوية» الانذار الخاصة بسيارات الشرطة والجيش ومنبهاتها الخاصة، وهذا يعني ان من ينوي تنفيذ عملية مسلحة يستطيع ان يشتري البدلات الخاصة به وبجماعته سواء كانت بدلات الشرطة او الحرس الوطني، كما سيحصل على هوية تؤكد انه نقيب او عميد، ثم يشتري المنبهات الخاصة بسيارته التي سينفذ بواسطتها عملياته المسلحة».