نساء العراق يجابهن الخوف ويطالبن بسقف من الحرية والمسؤولية

ظاهرة التشدد وانتشار الطائفية تردع الكثير من النسوة عن دخول الحياة السياسية

TT

رغم أسبقية المرأة العراقية للدخول في فعاليات تنظيمية وسياسية وتسنمها المناصب القيادية في ميادين كثيرة سواء على الصعيد السياسي او الاجتماعي، وتمثيلها النسوي في الحكومة وفي مجلس النواب العراقي، التي باتت تأخذ حيزا بسيطاً والتي تحاول من خلاله اثبات حقها في العيش الآمن، إلا ان النظرة السائدة في المجتمع العراقي المعاصر بعد غزو الفكر الديني المتشدد للشارع العراقي ونشر الاثنية والطائفية، ولدت تخوفا لدى الكثيرات ممن يرغبن في ولوج الحياة السياسية ودحض الفكرة السائدة، بأن المجتمع الذكوري هو الذي يسيطر على الجو العام في العراق.

وترى صفية السهيل، النائبة في البرلمان العراقي عن الكتلة العراقية لـ «الشرق الاوسط» حول دور المرأة في الحياة السياسية ومدى خبرتها في هذا المجال، انه «اذا كانت لديها الخبرة الكافية للتعامل مع الآخرين ولديها التصور الواضح حول العملية السياسية» وتزيد «انا كسياسية لدي الكثير من المعلومات عن السياسة في العراق، ويجب ان تمتلك المرأة وخصوصاً في المجتمع الذكوري الجرأة والقابلية على طرح الافكار ومناقشتها». وحول ما تقدمه من أفكار تساعد على بلورة أهداف المرأة في العراق، تؤكد السهيل «هناك هامش في طرح بعض الافكار والقوانين والتجربة السياسية هي الأساس والظروف السياسية العراقية المتأزمة لم تخلق جواً سياسياً حقيقياً للمرأة لتطرح ما تريد»، وتلفت «لا أحد يستطيع تهميش دور المرأة، وإنما المرأة هي التي تهمش دورها السياسي، اما في الحياة العامة فان المرأة تواجه تحديات وصعوبات كبيرة تتعلق في الامن والاستقرار والتطرف الديني الذي بدأ يطفو على السطح، وهناك جماعات متطرفة تمارس ضغوطات كبيرة على المرأة في العراق».

وعن حماية المرأة تقول السهيل «غياب دولة القانون هو الاساس، ولو كان هناك قانون يكفل حقوق المرأة المدنية لما خضعت لمعاناة طويلة تبدأ من مغادرتها المنزل وتنتهي بعودتها». وعن سؤال هل هناك ضغوطات تمارس على المرأة «هناك ضغوط على بعض النساء العاملات في مؤسسات الدولة لارتداء الحجاب، نحن نساء البرلمان تعرضنا لضغوط محددة لأجل الخضوع إلى سياسات بعض الاحزاب قبل الاشتراك في الانتخابات، اما الآن فان المرأة هي التي تملك زمام الامور داخل البرلمان وتستطيع ان تفرض ذاتها».

وعلى الصعيد ذاته، تقول هناء ادوارد، عضو لجنة تنسيق شبكة النساء العراقيات، التي تضم اكثر من 80 منظمة من منظمات المجتمع المدني لـ«الشرق الاوسط» ان «هامش الحركة رديء جداً بالنسبة لجميع العراقيين، وان حركة المرأة أصبحت أكثر صعوبة، اما على المستوى الاجتماعي فقد بدأت المرأة تخضع أكثر فأكثر لقرارات العائلة والوضع العام السيئ الذي يسود البلاد بعدما كانت المرأة عاملا رئيسيا في صنع قراراته». وتؤكد ان «بعض العائلات بدأت تفرض على بناتها نمطا معينا من أنماط السلوك والعيش، بسبب خضوع المجتمع لضغوط نفسية كبيرة». أما على الصعيد السياسي، فقد «بدأت تتبلور شخصية جديدة وكينونة حديثة للمساهمة في صنع القرار السياسي؛ فالرجل كان يشعر بمنافسة الرجل والآن يشعر ان المرأة بدأت تنافسه، وان تقييد المرأة عن منافسته يتم من خلال فرض قيود اجتماعية وسلوك عام على النساء». وترى ان «المرأة الآن تتحمل مسؤولية كبيرة ما يوجب بناء شخصيتها في الجانب الثقافي والاجتماعي، وان الايام المقبلة ستفرض على المرأة تحديا كبيرا لتطوير قابليتها، سيما وأنها ستظهر تحت الاضواء لتعكس هموم الناس داخل البرلمان». وتضيف «ان تجربة دخول المرأة الى العملية السياسية برغم حداثتها، لكنها أثبتت الحاجة الى دور المرأة للمشاركة في صنع القرار». وحول الانجازات التي حصلت عليها المرأة، تؤكد «لقد رحبت بقرار مجلس القضاء بتعيين قاضيات، ونتمنى من باقي مؤسسات الدولة ان تتخذ خطوات إيجابية مماثلة». وتشير آخر الاحصائيات التي أعلنتها منظمة «حرية المرأة في العراق»، بمناسبة يوم المرأة العالمي، الى أن أكثر من ألفي امرأة عراقية تم خطفهن منذ دخول القوات الاميركية الى العراق في التاسع من نيسان (ابريل) 2003، وان الكثيرات منهن تعرضن للاغتصاب على أيدي جنود القوات المحتلة أو العصابات الاجرامية المستفيدة من الانفلات الامني الذي يعيشه البلد.