ملك إسبانيا يزور الجزائر نهاية العام الحالي بعد زيارة خاصة للمغرب

TT

توقعت مصادر دبلوماسية وإعلامية متطابقة في العاصمة الاسبانية، ان يقوم العاهل الاسباني خوان كارلوس، بزيارة رسمية الى الجزائر قبل نهاية العام الجاري، أو بداية العام المقبل، مضيفة ان الزيارة ستعد خطوة نحو «رأب الصدع» الذي أصاب العلاقات بين الجزائر ومدريد، على خلفية عدة قضايا خلافية بينها مراهنة رئيس الحكومة الاسبانية خوصي لويس ثباطيرو، منذ توليه السلطة على تمتين العلاقات مع الرباط، كون هذه الاخيرة لا تعاكس سياسات اسبانيا وتحركها في المنطقة وخاصة تحمسها للعب دور سلمي في نزاع الصحراء، يوفق ويقرب وجهات نظر الاطراف المعنية من بعضها البعض. كما اظهرت الرباط، تعاونا وتفهما حيال مدريد، وتجلى التفاهم والانسجام بين العاصمتين في المؤتمر الاخير حول الهجرة والتنمية الذي اعتبر ناجحا على المستوى السياسي حيث شاركت فيه 57 دولة افريقية وأوروبية، عدا المنظمات والهيئات الدولية والاقليمية المهتمة بالهجرة والشغل وحقوق الانسان، بينما غابت عنه الجزائر، وهي المعنية قبل وأكثر من غيرها باعتبارها دولة عبور المهاجرين السريين نحو أوروبا، مما جعل المشاركين يتساءلون مستغربين عن أسباب مقاطعتها المؤتمر.

واشارت ذات المصادر الاسبانية الى ان زيارة الملك خوان كارلوس المحتملة، سيسبقها اجتماع اللجنة العليا المشتركة بين البلدين في الخريف المقبل.

وفي هذا السياق، يتجه المغرب واسبانيا نحو تأجيل اجتماع لجنتهما المشتركة الى غاية العام المقبل، وسيتم بحث هذه المسألة اثناء زيارة رئيس الحكومة خوصي لويس ثباطيرو، للرباط يوم 4 سبتمبر (ايلول) المقبل، وقبله ستجتمع نائبته ماريا تريسا دي لافيغا، مع ادريس جطو، رئيس الوزراء المغربي، اثناء توقفها في المغرب في طريقها الى اميركا الجنوبية.

وكانت اسبانيا بذلت مساعي متكررة لإقناع الجزائر بالمشاركة في مؤتمر الهجرة والتنمية، لدرجة اغضبت مدريد. ورغم غيابها فان وزير خارجية اسبانيا ميغل انخيل موراتينوس، ونظيره المغربي محمد بنعيسى، تركا الباب مفتوحا لالتحاق الجزائر، بالركب الاورو ـ افريقي، حتى تتضافر الجهود الرامية الى ايجاد حلول معقولة لظاهرة الهجرة السرية.

وتجد اسبانيا نفسها موزعة بين عاصمتين مغاربيتين تريد ان تقيم افضل العلاقات المتوازنة معهما، بالنظر الى مصالحها الاقتصادية والاستراتيجية في البلدين: فمن الجزائر تستورد اسبانيا كميات مهمة من الطاقة خاصة الغاز (60?) من الاستهلاك البالغ 30 الف مليون متر مكعب، اضافة الى وجود عدد من الشركات الاسبانية تنشط في جارة المغرب الشرقية، باستثمارات مرتفعة. اما المغرب، فهو الاقرب جغرافيا وحتى عاطفيا الى اسبانيا، وتربط الجارين، مصالح مشتركة سياسية واستراتيجية واقتصادية.

ويرى متتبعون لعلاقات اسبانيا مع المجموعة المغاربية، ان مدريد يمكنها بل من مصلحتها اقامة علاقات متوازنة، معربة عن الاعتقاد ان اجتماعات اللجنة العليا المقبلة، بين اسبانيا والجزائر، قد تساهم في تذليل بعض الصعاب التي برزت في المدة الاخيرة، بشرط ان تحرص مدريد في نفس الوقت على ان لا يتم تحسين العلاقات مع الجزائر على حساب الرباط.

وفي هذا السياق اشارت مصادر اعلامية اسبانية الى ان الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة، حرص اثناء تحليقه في الاجواء الاسبانية قاصدا لندن، على تذكير العاهل الاسباني في برقية بعثها من الطائرة، برغبته في اللقاء به فوق التراب الجزائري.

وتجددت رغبة الجزائر في استقبال الملك خوان كارلوس، بعد الاعلان عن زيارة خاصة يقوم بها يوم 24 من الشهر الجاري، تلبية لدعوة من الملك محمد السادس، حيث يتناول العاهلان غداء، قيل انه سيتم في العاصمة الرباط، وليس في شمال المغرب كما وقع التلميح الى ذلك سابقا.

ولا تنظر الرباط، بغيرة الى التقارب المتجدد والتطور في علاقات مدريد والجزائر، بل تعتبره عاملا ايجابيا يساعد مدريد على الاستمرار في القيام بدور الوسيط الايجابي وبذل المساعي الحميدة بين الجارتين المغاربيتين، اللتين باعد بينهما نزاع الصحراء، على الرغم من ان الجزائر تكرر بالواضح والمرموز ان مدريد منحازة للاطروحة المغربية بخصوص النزاع، وهو الموقف الذي تعاود جبهة البوليساريو الانفصالية التعبير عنه، بلهجة تنقصها اللباقة الدبلوماسية، وتتميز بالحدة في اتهامها لمدريد.