الجاليات اللبنانية في الغربة قلقة من ذكريات الحرب الأهلية

120 ألف لبناني في الإمارات يتابعون عن بعد الاعتداءات على بلادهم

TT

ما أن تنسى الجاليات اللبنانية في الغربة الذكريات الأليمة للحرب الأهلية في بلادهم، إلا ويصر القدر على إعادة تلك الذكريات من جديد بطريقة أو بأخرى، فمنذ نهاية الحرب الأهلية في منتصف عقد السبعينات، والأحداث تتوالى عليهم مرة بعد أخرى، هذه المرة انقسمت العائلات اللبنانية على إثر الاعتداءات الاسرائيلية إلى قسمين، بعد أن غادرت معظم الأسر إلى وطنها لقضاء الاجازة الصيفية، على أمل أن تلحقهم بقية الأسرة خلال الأيام المقبلة، كانت المفاجأة الاسرائيلية بالمرصاد وأبقتهم في قلق بانتظار ما تسفر عنه التطورات خلال الايام المقبلة. مشاهد الطائرات الاسرائيلية وهي تقصف بيروت، والبوارج تحاصر السواحل اللبنانية، خيمت على الجاليات اللبنانية بما يشبه الصورة السوداء القاتمة، كانت هي الشرارة التي أعادت إلى الذاكرة اللبنانية مشاهد وأحداثا ظنوا أنهم نسوها، فعادت لهم مرة أخرى كما عادت من قبل مرات ومرات.

ويقدر عدد الجالية اللبنانية في الإمارات بحوالي 120 ألف فرد. ويعد اللبنانيون من أقدم الجاليات التي قدمت للإمارات مع نشأتها الأولى، وبعيد استقلالها في بداية السبعينات كان اللبنانيون اليد الطولى من كافة الجنسيات في المشاركة في النهضة العمرانية التي عمت الامارات السبع في الثلاثين عاما الماضية.

يقول سعد الزين نائب رئيس الجالية اللبنانية في الامارات «الوضع مقلق بصورة كبيرة ونحن نتابع بترقب ما يحدث في لبنان»، ويضيف أن كثيرا من اللبنانيين كانوا قد أرسلوا أسرهم وأبناءهم بعد نهاية العام الدراسي إلى وطنهم، على أن يلحقوا بهم خلال الأيام المقبلة «إلا أن الاعتداء المفاجئ وضعنا في موقف سيئ بعيدا عن أبنائنا». ويؤكد سعد الزين «ما أن تهدأ الأمور حتى نقوم بإعادة عائلاتنا إلى الإمارات حتى تتضح الأمور وتنجلي المخاطر التي يتعرض لها لبنان»، مبينا أن الوضع الأمني مزعج ولا يطمئن على الاطلاق «وهو الأمر الذي سيساهم في إزعاجنا نحن في الغربة. فنحن بعيدون عن بلادنا ولكن قلوبنا معهم أيضا».

«هذا قدرنا مع الغربة والاعتداءات لا تتوقف على لبنان»، هكذا تقول سناء صليبا العاملة في إحدى الشركات الكبرى في دبي، وتضيف «أرعبتني تلك المناظر عن القصف الاسرائيلي وأعادتني إلى ذكريات موحشة لا تبتعد عن خيالي؛ عندما كانت نيران الحرب الأهلية تنطلق في كل اتجاه.. كنت صغيرة لا أتعدى السادسة من العمر، وكلما توقعت أن أنسى هذه المناظر يصر القدر على إعادتها من جديد»، وتضيف أنها تابعت التطور الخطير في بلادها عبر القنوات الفضائية، «في الوقت الذي لم تستطع الاتصالات الهاتفية طمأنتنا كثيرا بسبب الضغط الحاصل على الشبكة هناك». وتفاعل وقع الكارثة مع الضغط على الهواتف الثابتة، وتعطل الهاتف الجوال، مما جعل التواصل بين العائلات أمرا صعبا. أحاديث الجالية اللبنانية وتحليلاتهم في مجالسهم الخاصة، كانت تتمحور حول ما يمكن أن تصل إليه الأمور في ظل التصعيد الخطير من قبل الاسرائيليين. ويقول فادي عبيد «الوضع غير مطمئن وأخشى أن تتعقد الأمور أكثر كما يبدو من التصعيد الاسرائيلي»، إلا أن كافة المناقشات تمحورت عن قرار اللبنانيين خلال اليومين المقبلين في سفرهم إلى بلادهم أو إعادة أبنائهم وأسرهم إلى الامارات حتى تتضح الأمور أكثر.

على كل حال ما حدث من تطور خطير على الساحة اللبنانية يبدو وكأنه قدر رسم على ماضي ومستقبل اللبنانيين في الغربة، فما أن تهدأ الأمور ويتفاءلوا بمسح الصورة السوداء لحربهم الأهلية المريرة، حتى يباغتوا بمفاجأة لم تطرأ لهم على بال، وها هو الوضع يتأزم من جديد، فيما يأمل اللبنانيون أن ينتهي الأمر على ما هو عليه، من دون أن تتطور الأمور إلى ما لا يحمد عقباها.